close
الأخبار

من هو المسؤؤل عن كتابة خطابات أسماء الأسد ..

في مسرحية “بيت الدمية” التي كتبها المسرحي النرويجي “هنريك إبسن” في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، تتـ.ـمرد بطلة المسرحية “نورا” على نمط حياتها الأرستقراطية، حياة لا ينقصها شيء حتى الكماليات، حياة رفاهية وبذخ.

ولكن ذلك كله لم يمنع نورا من اتخاذ قرار حاسم بهـ.ـجرة بيت الزوجية، بعد أن اكتشفت أن زوجها لا يعاملها إلا على أنها دمية، دمية مدللة تحصل على كل ما تريد، شريطة أن تكون بلا رأي وبلا شخصية..

خرجت نورا من بيت زوجها في نهاية المسرحية وصفـ.ـقت الباب خلفها بقوة، وقد وصف نقاد المسرح تلك الصفـ.ـقة بأنها تاريخ جديد ونقـ.ـلة نوعية أسهمت مساهمة فعالة في قضـ.ـية حقوق المرأة، وتحديداً حقها في أن تكون ذاتاً مستقلة لها كيانها وشخصيتها، وليست مجرد كائن بيولوجي تابع..

التمرد المعاكس..
في هذا الإطار تبدو أسماء الأسد شخصية نقيضة لبطلة مسرحية بيت الدمية، حيث سعت بقدميها لدخول ذلك البيت والاستقرار فيه كدمية مؤذية، متوحشة، مزدوجة المشاعر، متصنعة العواطف، سعت بنفسها إلى طمس ملامحها الإنسانية، وسحـ.ـق شخصيتها بنفسها لتكون عبدة من نوع خاص.

كانت أسماء الأخرس مواطنة بريطانية تتمتع بكل الحقوق التي تتيح لها حرية الرأي والتعبير والحركة، ولكنها -على عكس نورا بطلة مسرحية بيت الدمية- اختارت الخروج من هذا العالم وإغلاق الباب خلفها والعودة إلى الأسـ.ـر

اختارت السـ.ـجن الطوعي وهو سجـ.ـن السلطة التي ورطـ.ـت نفسها بها، ثم ما لبث أن تورط زوجها بدم شعبه، فلم تتردد في سكب الماء فوق بقع الدم والمساعدة في غسل آثار الجريـ.ـمة وطمـ.ـس ملامحها..

ولكن البيت الذي عادت إليه أسماء هو بيت سلـ.ـطوي متوحـ.ـش، يقوم على منظومة قتـ.ـل متكاملة وأخلاقيات الإجـ.ـرام التام، بيت يتعارض مع رقة الأنثى وعواطفها وحقها في الحياة الطبيعية.

لقد حولت نفسها إلى نوع خاص من الدمى، دمية لا تبحث عن ذاتها، وإنما تتخلى عنها وتختار طوعاً دخول عالم الجريـ.ـمة ولعب دور الأنثى الملائكية لتجميل وجه العصـ.ـابة..

سلطة اليقين..

في آخر إطلالاتها التي تتقاسم فيها الأدوار مع زوجها المتوحش، استقبلت أسماء الأسد المتفوقين من طلاب الإعدادية والثانوية والذين حصلوا على العلامات التامة في الشهادتين المذكورتين.

وهنا كان لا بد من محاضرة تتشابه مع تلك المحاضرات التي يلقيها بشار الأسد على أتباعه، سواء كانوا جنوداً أو صناعيين أو سياسيين أو إعلاميين.. الخ.

ومثل زوجها تماماً اتخذت السيدة الأولى مكان العارف بكل شيء، فهي من يقرر معنى التفوق العلمي، وهي من يحدد سماته وأهدافه، ومن يحاضر في معانيه، وهي وحدها من يمتلك اليقين استناداً إلى السلطة التي تمتلكها لا إلى قوة الحجة والبرهان..

لم تضف أسماء الأسد في محاضرتها أي معنى جديد أو قيمة مضافة، كان خطابها سفسطة من دون طحن، جعجعة لا تهدف إلا إلى تمرير فكرة واحدة وهي أن على المتفوق أن يدعم رئيسه، فالمتفوق الذي لا يسهم في ذلك الدعم لا قيمة له ولا لتفوقه، ربطت الأسد أو الأخرس معنى التفوق بالانتصار الذي حققه زوجها.

وقد قالتها صراحة: “أنتم الجيل الذي تهيئه سوريا لينفض عنا غبار الحـ.ـرب”، وكما عادة زوجها في نظرياته الفلسفية، طرحت السيدة الأولى نظرية جديدة فحواها أن من حقق العلامة التامة يعد من الأوائل.

ولربما توقعت أن تدهش الحضور بذلك الطرح الجديد، ولكنها أضافت نظرية أخرى تقول: “العلامة التامة هي جزء من التمام”، فالتمام، -كما عرّفته-، هو “مفهوم أوسع وأشمل من العلامة التامة”، إنه باختصار تمام الولاء..

من يكتب خطابات أسماء؟

أرادت أسماء الأسد لمحاضرتها أن تبدو مرتجلة، ولكن الارتباك الذي صاحب ذلك الارتجال، وكذلك الأفكار المتذاكية التي تشابه حالة التذاكي التي نجدها في خطابات زوجها كشفا عن مرجعـ.ـية واحدة.

فمن الواضح أن من يكتب خطابات الأسد هو نفسه من يكتب خطابات أسماء، حيث نلمح ذات اللغة التي تعتمد على التشعب والسفسطة والتعالي والاستطالة والمداورة والمماحكة وخلط المفاهيم وضيـ.ـاع بوصلة الأفكار مع ضمان التصفيق الحاد في نهاية الخطاب بصرف النظر عن مضمونه، بحكم رعب الجمهور وخوفه من تبعات الامتناع عن التصفيق..

حرصـ.ـت الأسد على تسخيف معنى التفوق إن لم يكن مستنداً إلى الإيمان بالوطن، وشيفرة الوطن هنا باتت معروفة للجميع، فأن تحب الوطن يعني أن تحب السيد الرئيس، وأن يكون ولاؤك للوطن يعني أيضاً أن يكون ولاؤك للسيد الرئيس، كيف لا والسيد الرئيس هو ليس الوطن فحسب، بل هو سيده..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى