close
أخبار تركيا

كيف شكلت الشراكة التركية-الإفريقية نموذجاً مغايراً “للانتهازية الغربية”؟

[ad_1]

مع نمو حجم التجارة بين تركيا وإفريقيا على مدار سنوات، تسعى تركيا لعلاقات أكثر قوة مع القارة الإفريقية قائمة على الاحترام المتبادل، بعيداً عن النظرة الغربية التي تنظر إلى القارة كمستودع للموارد، فيكف تأسس هذا النموذج الجديد؟

قيمة مشاريع الشركات التركية المنجزة في إفريقيا نحو 70 مليار دولار
قيمة مشاريع الشركات التركية المنجزة في إفريقيا نحو 70 مليار دولار
(AA)

ترتبط تركيا وإفريقيا بعلاقات وثيقة، إذ
تشارك تركيا حكومات القارة السمراءوشعوبها تجاربها لحل مشاكل القارة، كما لقي النهج
التركي في إفريقيا ترحيباً لدى شعوبها، وأثرت الاستثمارات التركية بشكل مباشر على
ارتفاع مستويات المعيشة هناك.

الاستثمار التركي في إفريقيا

في هذا الإطار، قال الرئيس التركي رجب
طيب أردوغان إن الاستثمارات التركية في قارة إفريقيا وفرت أكثر من 100 ألف فرصة
عمل، مشيراً إلى أن قيمة المشاريع التركية المنجزة فيها بلغت نحو 70 مليار دولار.

جاء ذلك خلال افتتاحه الخميس، جلسة
منتدى الاقتصاد والأعمال التركي-الإفريقي، عبر تقنية فيديو كونفراس، من قصر وحيد
الدين الرئاسي في إسطنبول.

وأوضح أن بلاده “رفعت عدد
سفاراتنا في القارة الإفريقية من 12 إلى 42، ومكاتب الاستشارات التجارية إلى 26”.

وأضاف أن “قيمة مشاريع الشركات
التركية المنجَزة في إفريقيا بلغت نحو 70 مليار دولار، وأن أكثر من 100 ألف إفريقي
حصل على فرصة عمل بفضل المستثمرين الأتراك”.

وتابع: “استمرت شركاتنا في
إفريقيا بأعمالها بتفانٍ خلال فترة الوباء، على الرغم من الصعوبات اللوجستية
وإجراءات الحجر الصحي”.

واستطرد قائلاً: “المقاولون
الأتراك لا يتركون أي عمل بدأوه، ويكملون أعمال الشركات الأجنبية الأخرى التي تركت
أو فشلت في إكمال مشاريعها في مستوى قياسي”.

وأشار أردوغان إلى توقيع اتفاقيات تجنُّب
الازدواج الضريبي مع 13 دولة إفريقية، وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع 5 أخرى.

وأكد أنه نتيجة الجهود الحثيثة، ارتفع
حجم التبادل التجاري مع القارة الأفريقية من 5.4 مليار دولار عام 2003، إلى 26.2
مليار دولار عام 2019.

وأضاف أن صادرات تركيا إلى القارة
السمراء ازدادت من 2.1 مليار دولار عام 2003، إلى 16.6 مليار دولار في 2019.

وذكر أن الهدف خلال السنوات المقبلة هو
رفع حجم التبادل التجاري إلى 50 مليار دولار.

وأوضح أن تركيا لديها علاقات قديمة مع
القارة الإفريقية لآلاف السنين، وأن جوهر العلاقة هو الإخلاص والأخوة والتضامن.

تركيا حاضرة في جائحة كورونا 

وحول مكافحة فيروس كورونا في إفريقيا،
أعرب الرئيس التركي عن فخره برؤية أجهزة التنفس الصناعي والكمامات والسترات
المصنوعة في تركيا، وهي تساهم في كفاح إفريقيا ضد كورونا.

وأضاف أن منصة الشراكة الصحية
التركية-الإفريقية تمكنت من تحقيق تعاون شامل ودائم في هذا القطاع.

ولفت إلى أن فيروس كورونا أظهر رداءة
النظام العالمي وعمّق انعدام المساواة الناجم عن هيكل هذا النظام.

وذكر أن الشعوب الإفريقية تُركت
لمصيرها في مواجهة وباء كورونا، فيما كانت الدول الغربية المتقدمة تخوض حرباً من
أجل الكمامات.

وأعرب عن أسفه الشديد لإصابة أكثر من
1.5 مليون حتى الآن من “أصدقائنا الأفارقة” بفيروس كورونا.

وأضاف: “استجبنا لنداءات 8 منظمات
دولية لدعم 154 دولة مختلفة، بغض النظر عن الدين أو اللغة أو العرق أو
اللون”.

تركيا: الغرب لا يريد الخير لإفريقيا

تصريحات الرئيس التركي المتعددة حول
الشراكة مع إفريقيا لم تغفل وجود بعض الجهات المنزعجة من الوجود التركي في القارة
الإفريقية.

إذ بيَّن أردوغان في حديث سابق خلال
مشاركته في القمة الثالثة للزعماء الدينيين المسلمين بإفريقيا، التي عُقدت في
إسطنبول العام الماضي بتنظيم من رئاسة الشؤون الدينية بتركيا، تحت شعار
“إفريقيا: التعاون على البر والتضامن بلا منفعة”، أن هذه الجهات نفسها
استغلت ثروات القارة لسنوات، وعملت على كسب الرخاء على حساب دماء مظلومي إفريقيا وأرواحهم ونفطهم.

وأضاف: “لا يستطيعون أن يتحملوا
تعاون تركيا القائم على أساس المساواة والاحترام المتبادل (مع إفريقيا)”.

وتابع: “يريدون أن تبقى شعوب
إفريقيا تابعة لهم، وأن تستخدم ثروات إفريقيا الطبيعية لإثراء الشركات والدول
الغربية لا القارة.. يريدون أن يكون أطفال الأفارقة ضحية للجوع والفقر والحرمان
في أحضان أمهاتهم”.

ولفت الرئيس التركي إلى أن الدول
الغربية لا تريد لإفريقيا أن تنهض وتستفيد من إمكاناتها الهائلة وتنعم بالسلام.

واستدرك: “يستكثرون على إفريقيا
والمناطق الأخرى ما يرونه حقاً لهم ولمواطنيهم.. يستكثرون علينا وعليكم الحرية
والديمقراطية والرخاء والازدهار والتنمية الاقتصادية”.

ومضى يقول: “يستخدمون كل ما لديهم
من إمكانات لتحقيق هذا الأمر، بدءاً من إذكاء الاختلافات العرقية والدينية وحتى
الانقلابات وتحريك الحروب الأهلية والعقوبات”.

نهج قديم-جديد

تطورت العلاقات التركية-الإفريقية منذ
وصول حزب العدالة والتنمية التركي إلى الحكم عام 2002، وازدهرت عبر مجموعة من القمم
المشتركة التي عُقدت بإسطنبول، وزيارات مسؤولين أتراك إلى إفريقيا على رأسهم
الرئيس أردوغان.

وفي عام 2005، كشفت تركيا الغطاء عن
“خطة إفريقيا”، ومن حينها شهدت العلاقات بين أنقرة والعديد من العواصم
الإفريقية قفزات نوعية، وانعكس ذلك إيجابياً على حجم التبادل التجاري بين الطرفين.

ونالت تركيا بتاريخ 12 أبريل/نيسان عام
2005، صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، وكلفت سفارتها لدى أديس أبابا بتاريخ 5 مايو/أيار
عام 2005، لتكون سفارة الجمهورية التركية المعتمدة لدى الاتحاد الإفريقي.

كما أعلن الاتحاد الإفريقي بالقرار الذي
اتخذه في اجتماع القمة العاشر الذي عقد في أديس أبابا في شهر يناير/كانون الثاني عام
2008، تركيا شريكاً استراتيجياً له.

هذا الاهتمام
التركي القديم-الجديد بالقارة الإفريقية عبَّر عنه مقال كتبه وزير الخارجية التركي لوسائل
إعلام إفريقية 25 مايو/أيار الماضي، بعنوان “الشراكة مع إفريقيا ضرورة أكثر
من أي وقت مضى”، بمناسبة “يوم إفريقيا”، إذ أبرز فيه بالغ الاهتمام
بإفريقيا في الاستراتيجية التركية.

وأكد جاوش أوغلو أن الشراكة التركية-الإفريقية
ستكون مثالاً يحتذى في النظام العالمي الجديد ما بعد كورونا.

وأضاف: “التقدم الذي أحرزته
إفريقيا خلال السنوات الأخيرة في العديد من المجالات، وشراكتنا النامية مع القارة،
يجعلنا نتطلع إلى المستقبل بأمل، على الرغم من التحديات الراهنة”.

وأشار إلى أن الخارجية التركية أعطت
أولوية لتطوير التعاون مع القارة الإفريقية، بالتنسيق مع المؤسسات التركية
والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.

وتابع جاوش أوغلو: “نبذل جهوداً
مضنية لتطوير علاقاتنا الاقتصادية والتجارية مع إفريقيا، وزيادة مساعدتنا التنموية
والإنسانية لها، ورفع عدد المنح الدراسية للطلاب الأفارقة، وزيادة رحلات الخطوط
الجوية التركية إلى القارة”.

واستطرد: “نهدف إلى مواصلة تطوير
علاقاتنا مع إفريقيا على أساس التفاهم والاحترام المتبادلين”.

حضور سياسي ودبلوماسي

وارتفع عدد السفارات التركية في
إفريقيا، حسب وزارة الخارجية من 12 عام 2002، إلى 42 حالياً، فيما ارتفع عدد
سفارات الدول الإفريقية لدى أنقرة إلى 36، بعدما كان 10 بداية 2008.

وتجاوزت الزيارات رفيعة المستوى بين
تركيا وإفريقيا من 2015 إلى 2019 عدد 500
زيارة. فيما تضاعف حجم التجارة البينية 6 مرات خلال السنوات الـ18 الماضية.

كما يُدير وقف المعارف التركي 144
مؤسسة تعليمية و17 سكناً للطلاب في جميع أنحاء إفريقيا. كما تخرج آلاف الطلبة من
54 دولة بالقارة في الجامعات التركية، ضمن برنامج المنح التركية.

كذلك بلغ عدد مكاتب الوكالة التركية
للتعاون والتنسيق “تيكا” في القارة 22.

حضور دفاعي في مهمات سلمية بالقارة

وفي إطار الاهتمام بتعزيز السلم
الإفريقي، صدَّق البرلمان التركي على تمديد تفويض المشاركة في مهام بعثة الأمم
المتحدة وعملياتها في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، لعام إضافي آخر.

ووافق البرلمان التركي في جلسته الثلاثاء الماضي، على مذكرة رئاسية حول تمديد سلطة الحكومة إرسال وحدات من الجيش
في مهام أممية إلى مالي وإفريقيا الوسطى.

ووفقاً للمذكرة الرئاسية، جرى تمديد فترة
التفويض عاماً واحداً، اعتباراً من 31 أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وأشارت المذكرة الرئاسية إلى أن تركيا
تلقت دعوة من الأمم المتحدة لمواصلة المشاركة في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار، في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.

وأوضحت المذكرة أن المساهمة العسكرية
لحل الأزمات الإنسانية والسياسية التي تشكل تهديداً للاستقرار والسلام الإقليمي في
إفريقيا، تمثل امتداد طبيعياً للسياسة الخارجية النشطة التي تنتهجها تركيا في
المنطقة وعموم إفريقيا.

جدير بالذكر أنه في الثاني من أغسطس/آب
عام 2016، منح البرلمان التركي الحكومة الصلاحية في المشاركة بمهمات هذه البعثة،
ويجري التجديد بشكل سنوي.

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى