close
أخبار تركيا

عام على احتجاجات لبنان المطلبية.. ما جرى وماذا تغير؟

[ad_1]

ستة دولارات أقرت بالزيادة على تطبيق واتساب أشعلت الشوارع والساحات عن بكرة أبيها وأسقطت حكومة سعد الحريري آنذاك. لكن صرخات المحتجين التي كانت تصدح وتخفت بين حين وآخر لم تفلح في كبح محاولات جر لبنان نحو مجهول سياسي واقتصادي وأمني واجتماعي وصحي وإنساني.

عام مضى على احتجاجات 17 أكتوبر/تشرين الأول التي عمّت مختلف المناطق اللبنانية عام 2019. ستة دولارات أقرت بالزيادة على تطبيق واتساب أشعلت الشوارع والساحات عن بكرة أبيها وأسقطت حكومة سعد الحريري آنذاك. لكن صرخات المحتجين التي كانت تصدح وتخفت بين حين وآخر لم تفلح في كبح محاولات جر لبنان نحو المجهول سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وصحياً وإنسانياً.

بداية، انطلقت احتجاجات شعبية حضارية تطمح إلى التغيير، أيام قليلة كانت كفيلة بتراجع وتيرتها، إلا أنهاتعمدت بالدم وقدمت شهداء وجرحى ومعتقلين. وفي خضم ذلك تعددت الحكومات والحال واحد! إخفاقات سياسية قضت على شريان الثورة الذي كان نابضاً بالتغيير.

وتزامناً مع الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات تشرين، انطلق البث التجريبي لمحطة “Seventin”، وهي أول مؤسسة إعلامية رسمية وُلدت من رحم ما سُمّي بـ”الثورة”. أسسها مجموعة من المستقلين الداعمين للاحتجاجات اللبنانية، وناشطون من مختلف المناطق اللبنانية، بعدما خضعوا لدورات صحفية مكثفة وورشات عمل تحضيرية تحت إشراف خبراء ومختصّين في المجال الإعلامي.

ولادة محطة تليفزيونية من رحم الاحتجاجات

وأعلنت إدارة محطة “Seventin” عن مباشرتها بث برامجها عبر القمر الصناعي عربسات وعبر الرابط Live streaming لمواكبة الأحداث والتطورات كافة المتعلقة بالاحتجاجات اللبنانية.

أقرأ أيضا:

كلمة السر في المأزق
اللبناني

ووعدت المحطة “جميع اللبنانيين مقيمين ومغتربين والعالم أجمع بأن نبض الثورة يخفق في عروق الثوار الشرفاء إيماناً بحرية الكلمة الحق، ونقلاً للصورة المشرفة لشعب مناضل أبى أن يترك الساحات والأثير إلا بعد القضاء على كل أشكال الفساد، والاقتصاص من سارقي المال العام، واستعادة الأموال المنهوبة”.

تقول المديرة التنفيذية لمحطة “Seventin” دعد سعد، خلال حديث لـTRT عربي: “بعد مرور أشهر عدة للثورة اكتشفنا أنه ليس لدى الناس حولها وعي كافٍ، إذ لا تعلم ما حقوقها التي هي مغتصبة أصلاً. من هنا محطة Seventin تقول لكل لبناني أنت لك حق ضروري في العيش الكريم في هذا البلد. نحن هنا لن نذهب ولو بقي منا خمسة أو عشرة أشخاص، سوف نبقى حتى نصل إلى ما نريده ونأخذ استقلالنا وسيادتنا وكرامتنا، وهذا هو ما ستدافع عنه المحطة حاملة شعار “كلن يعني كلن”.

وحول وجود تمويل تأسست عليه المحطة، تشير سعد إلى أن “التكنولوجيا لا تحتاج إلى أموال طائلة، بل وجود موظفين هو ما يتطلب ذلك. نحن نعمل على تأسيس المحطة منذ سبعة أشهر، وجميع المؤسسين هم شبان من الثورة عملوا ليل نهار بشكل تطوعي طوال الفترة الماضية، بالكاد كنا قادرين على تأمين ثمن المواصلات لا أكثر”.

وتضيف: “لا أحد يستطيع أن يكمل تطوعاً، وهنا يمكننا العمل على الإعلانات والإنتاج لنؤمّن مدخول الموظفين. الأشخاص المؤمنون بهذه الثورة إذا لم يأتوا ليدعموا محطة ستوصل إليهم صوتها، إذاً لنوقف الثورة”.

وتدعو سعد “كل السياسيين والطبقة الحاكمة إلى أن ينظروا إلى شعبهم ويحترموه، وإلى التوقف عن المكابرة؛ كلّ شيء له نهاية في الحياة، فكيف بالظلم؟”.

ذكرى مطلبية حافلة بالخضات

ما قبل 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 لم يكن كما بعده من تواريخ مرت على لبنان حملت معها خضات أمنية وسياسية واقتصادية كان ضحيتَها المواطنون اللبنانيون، هؤلاء الحالمون بوطن تسود فيه الحرية والعيش الكريم المشترك دفعوا ثمناً غالياً تَجسَّد بالفقر والجوع والبطالة والتسول والهجرة، الأمر الذي دفع البعض إلى اعتبار أن هذه الاحتجاجات لمتحقق شيئاً ملموساً على صعيد بناء الدولة، فيما يرى البعض الآخر أن مسيرة الثورات مكلفة وطويلة ولا تُحدِث تغييراً جذرياً في ليلة وأخرى.

ومن أبرز الأحداث التي شهدها لبنان خلال هذا العام:

· 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019: قدم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته. حينها رفع المتظاهرون سقف المطالب إلى الحديث عن إسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون، وسط رفض شعبي لكل الطبقة السياسية الحاكمة آنذاك.

اقرأ أيضا:

من هيروشيما
إلى بيروت .. عار الإنسان وفخ التكنولوجيا

· انطلقت مرحلة جديدة حملت عنوان “استخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات في وجه المتظاهرين”، نتج عنها وفاة عشرات المحتجين وإصابات خطيرة بلغت حد الإعاقات الجسدية الدائمة.

· 19 ديسمبر/كانون الأول 2019: كلف الرئيس ميشال عون الوزير السابق حسان دياب تشكيل حكومة جديدة على أساس “تكنوقراط”، إلا أنها عاصرت أسوأ أزمة اقتصادية مرت بتاريخ لبنان، بخاصة أن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي وصل إلى 9 آلاف بعدما كان ألفاً و500 ليرة لسنوات طويلة.

· 4 أغسطس/آب 2020: دوى انفجار ضخم في مرفأ بيروت، أسفر عن مقتل أكثر من 190 شخصاً وإصابة 6500 بجروح متفرقة، وتشريد نحو 300 ألف مواطن، مكلفاً لبنان 8 مليارات دولار، وفقاً لأرقام وبيانات البنك الدولي، الأمر الذي دفع بالرئيس دياب إلى إعلان استقالة الحكومة.

· 31 أغسطس/آب: أعلن الرئيس ميشال عون تكليف السفير مصطفى أديب تشكيل حكومة بدعم من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على خلفية زيارة الأخير للبنان مرتين في أقلّ من شهر متفقداً تداعيات الانفجار على اللبنانيين، ولاختيار حكومة إنقاذ. إلا أن أديب اعتذر عن عدم تشكيل الحكومة بعد أقل من شهر، بسبب تمسُّك الثنائي الشيعي بوزارة المالية، واختيار الوزراء الشيعة في الحكومة.

· 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020: أعلن الرئيس سعد الحريري أنّه مرشَّح محتمل لرئاسة حكومة جديدة لوقف الانهيار الاقتصادي في لبنان بعد الانفجار الهائل في ميناء بيروت، على الرغم من أن شرارة الثورة انطلقت عندما كان رئيساً للحكومة.

حراك ضعيف وسلطة عاجزة

في هذا الإطار يرجّح المحلل الاستراتيجي سمير الحسن خلال حديثه لـTRT عربي أنه “على الرغم من كل الاعتراضات، فالأرجح أن يُكلَّف سعد الحريري الأسبوع المقبل تشكيل الحكومة، بخاصة مع الموقف الأمريكي الذي جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر مؤكداً خلال زيارته لبنان دعمه الحريري، وعدم السماح بالانزلاق أو الانهيار اقتصادياً؛ على ما يبدو هناك محاولة لوقف انزلاق البلد نحو الانهيار والفوضى أكثر”.

اقرأ للكاتب
أيضا:

التدخل
الفرنسي.. لإنعاش لبنان أم للهيمنة عليه؟

ويضيف: “هذا يؤكد فكرة أنّه لم يكن هناك ثورة، ما جرى هو حركة احتجاجية حاول بعض القوى استثمارها ومنهم تيار المستقبل. إذا كانت الحركة الاحتجاجية انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الأول والدولار كان يساوي 1500 ليرة لبنانية، فكيف يقبل الآن الحراك بعودة ذات القوى السياسية إلى السلطة والدولار اليوم يساوي 8000 ليرة؟”.

ويقول: “تأتي ذكرى 17 أكتوبر/تشرين الأول في ظل الاستعصاء السياسي، وهو استكمال لأزمة النظام، فكلا الطرفين لم يستطع بلورة قوة حقيقية صلبة قادرة على التغيير. ربما كان تعبير (الثورة) خطأً، يمكن القول إنها كانت حركة اعتراض اعتقد بعض رموزها أنّها ثورة قادرة على التغيير، وهذا لم يكُن متاحاً. في المقابل فإن السلطة حتى الآن غير قادرة على إعادة إنتاج نفسها وتقديم حلول”.

ويرى الحسن أنه “لولا الحراك الشعبي لكانت انفجرت الأزمة الاقتصادية الاجتماعية المعيشية، لأنّ النظام استنفد كل مقوماته الحربية للاستمرار. نحن الآن أمام حراك ضعيف وسلطة عاجزة، وسنستمر في دوامة الاستعصاء السياسي وعدم القدرة على إعادة إنتاج ثورة ولا إنتاج سلطة قادرة على التغيير”.

ويعتبر الحسن أن “لبنان يحتاج إلى إعادة حوار حقيقي بين كل الأفرقاء، وإلى دعم إقليمي ودولي، دون ذلك ستستمر الأزمة الاقتصادية المعيشية، وما يجري الآن هو جرعات إنقاذية لا أكثر”.

الذكرى الأولى لاحتجاجات “تشرين” حلت هذا العام على وقع أزمة سياسية، ومالية، ونقدية، واقتصادية مستفحلة. ذلك يوحي بأنها ليست سوى البداية، في ظل تعقد التوصل إلى اتفاق جامع حول حكومة جديدة مؤهلة لانتشال لبنان من الانهيار.. فهل ستبصر النور؟

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى