close
أخبار تركيا

تسامح بايدن مع الإمارات يقوّض انتقاده الموجَّه ضد السعودية

[ad_1]

أظهر المرشح الرئاسي الأمريكي جو بايدن موقفاً متناقضاً تجاه الحليفين الخليجيين، السعودية والإمارات، في ظل ازدرائه المملكة والحديث بإيجابية عن الإمارات.

بينما تقترب الانتخابات
الرئاسية في الولايات المتحدة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المرشح الديمقراطي
ونائب الرئيس السابق جو بايدن تزداد حظوظه في هزيمة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد
ترمب.

وثمة تكهنات حول ما يمكن أن
يعنيه فوز بايدن بالانتخابات في ما يتعلق بسياسة واشنطن الخارجية تجاه الشرق
الأوسط، وعلاقة الولايات المتحدة مع الحليفين الإقليميين الرئيسيين، السعودية
والإمارات.

تعرضت كلتا الدولتين
لانتقادات بسبب سياساتها في اليمن وليبيا وقطر والقرن الإفريقي، فضلاً عن تزايد
القمع داخلياً.

وبينما يصادف الثاني من
أكتوبر/تشرين الأول هذا العام الذكرى الثانية لاغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال
خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، تعهد بايدن بـ”إعادة تقييم” علاقات الولايات
المتحدة مع السعودية في حال فوزه.

قال بايدن: “قبل عامين
اغتال عملاء سعوديون، يقال إنهم يعملون حسب أوامر ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان، الصحفي السعودي المنشق والمقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي، وقطعوا
أوصاله. كانت جريمته التي دفع حياته ثمناً لها انتقاد سياسات حكومته”.

لدى واشنطن والرياض علاقات
استراتيجية وعسكرية واقتصادية قوية وتاريخية. غير أن الحرب التي تقودها السعودية
على اليمن منذ مارس/آذار 2015، والتي تسببت في ما وصفته الأمم المتحدة بـ”أسوأ أزمة إنسانية في
العالم”، أثارت مثل هذه المطالب التي تنادي بإعادة تقييم العلاقات مع الرياض.

اقرأ أيضاً:

هل
تقود السعودية والإمارات المنطقة نحو سباق تسلّح نووي؟

وعلى كل حال، تمد واشنطن
الرياض بأكثر من 70% من واردات السلاح الذي تستورده المملكة منذ 2014،
وفي الوقت ذاته توفر الأجزاء الضرورية لقوتها الجوية، بما في ذلك تزويد طائراتها
الحربية بالوقود. زادت هذه العمليات في ظل إدارة الرئيس ترمب.

ومع تزايد الانتقادات
الموجهة من مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين ضد الحرب التي تقودها السعودية في
اليمن، إضافة إلى مقتل خاشقجي، استخدم بايدن هذه الأمور لتكون موضوعاً رئيسياً في
حملته الرئاسية.

أضاف بايدن: “في ظل
إدارة بايدن-هاريس سوف نعيد تقييم علاقتنا مع المملكة، وننهي الدعم الأمريكي للحرب
السعودية على اليمن، ونتأكد من أن أمريكا لا تتجرد من قيمها عند بوابة بيع الأسلحة
أو شراء النفط”.

وأضاف: “التزام أمريكا
بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان سوف يكون أولوية، حتى مع أقرب شركائنا
الأمنيين”.

أدلى بايدن من قبل بتصريحات
تحمل ازدراءً تجاه المملكة. في أثناء إحدى مناظرات ترشيحات الحزب الديمقراطي
للانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قال بايدن إنه كان سيوقف بيع الأسلحة إلى السعوديين،
متهماً المملكة بـ”قتل الأطفال” في تدخلها الدموي الطويل في الحرب
الأهلية في اليمن.

وأوضح قائلاً: “الحكومة
الحالية في السعودية لديها القليل جداً من القيمة الإيجابية المجتمعية”،
مضيفاً أنه سوف “يجعلهم يدفعون الثمن، ويجعلهم في واقع الأمر
المنبوذين”.

يسعى بايدن بوضوح لإبعاد
نفسه عن موقف إدارة باراك أوباما من اليمن، نظراً إلى أنها أيدت في البداية التدخل
الذي تقوده السعودية في اليمن.

وفي الوقت ذاته، أولى ترمب
محمد بن سلمان حماية خلال مساعي ولي العهد للحصول على السلطة المطلقة في السعودية،
ومنحه تذكرة عبور مجانية في قضايا إقليمية متعددة. وتباهى ترامب قائلاً: “أنقذت مؤخرته”، في
إشارة إلى الانتقادات المتزايدة من الكونغرس الأمريكي ضد الدور الذي اضطلع به بن
سلمان في اغتيال خاشقجي. استخدم ترامب كذلك حق النقض ضد قرار مجلس الشيوخ الرامي إلى إنهاء الدعم
الأمريكي للحرب في اليمن.

فضلاً عن أن الدعم والتسامح
الشديدين من جانب ترامب تجاه السعودية والإمارات، عززا بدرجة كبيرة من الحصار الذي
تقوده السعودية منذ يونيو/حزيران 2017 ضد قطر، الدولة العضوة في مجلس التعاون
الخليجي.

وكتب في سلسلة من التغريدات بعد أيام من قطع العلاقات:
“في أثناء رحلتي الأخيرة للشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تمويل
لأيديولوجية التطرف. القادة يشيرون إلى قطر. انظروا!”.

ولذا فإن بن سلمان يأمل
تحقيق ترمب النصر، في ظل الدعم الذي يقدمه الرئيس الأمريكي إليه. يمكن أن يتيح
هذا له كذلك تكثيف جهوده ضد قطر واليمن، ويزيد من إحكام قبضته على السلطة.

مع أن الشكوك لا تزال
مستمرة حول مدى الضغط الذي سوف يمارسه بايدن في حقيقة الأمر ضد الرياض، تشير نبرته
إلى أنه سوف يكون أقل تسامحاً من ترمب. يعالج بايدن فعلياً قضايا حساسة مرتبطة
بمحمد بن سلمان، وتحديداً مسألة اغتيال خاشقجي، نظراً إلى أن ولي العهد السعودي
حاول تبرئة نفسه من الدور الذي اضطلع به في اغتيال الصحفي السعودي. ويمكن أن تؤدي
عودة سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ إلى مواصلة الحد من الحصانة التي تمنحها
واشنطن إلى بن سلمان.

اقرأ أيضاً:

اعتماد
الإمارات على المرتزقة أمرٌ مثير للقلق

على أقل تقدير، يمكن أن
يكون هناك تقليص في الدعم العسكري الموجه للرياض.

قال يوست هيلترمان، مدير
برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمجموعة الأزمات الدولية: “من غير المرجح
أن يكون بايدن متساهلاً بنفس قدر ترمب مع مبيعات الأسلحة، ولن يمررها من دون
موافقة الكونغرس”.

ومع أن بايدن أظهر موقفاً
صارماً تجاه الرياض، فقد أظهر مقارنة بذلك تسامحاً تجاه الإمارات، على الرغم من
الدور الرئيسي الذي تضطلع به أبو ظبي في حربي اليمن وليبيا، ودورها في الحصار
المفروض على قطر.

ثمة انتقادات دولية متزايدة
ضد الدور الإماراتي في هذه الجوانب. كشف تقرير سري أممي حديث عن أن أبو ظبي واصلت انتهاك
الحظر المفروض على الأسلحة في ليبيا هذا العام، وقدمت أكثر من 150 شحنة جوية مختلفة
من الأسلحة إلى قوات أمير الحرب الليبي الجنرال خليفة حفتر، ممَّا أتاح له فرض
حصاره على العاصمة الليبية طرابلس منذ أبريل/نيسان 2019.

في حين ربط تقرير أممي آخر صادر في شهر سبتمبر/أيلول أبو ظبي بجرائم حرب
وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ومعها السعودية. حتى إن الأسلحة الأمريكية التي
تُمدّ بها الإمارات، وصلت في نهاية المطاف إلى أيدي تابعين لتنظيم القاعدة في
اليمن، وفقاً لما كُشف عنه النقاب في تحقيق سابق لشبكة CNN، نظراً إلى أن بعض
المليشيات الجنوبية التي تحظى بدعم إماراتي تمتعت بعلاقات غير عدائية، أو حتى
علاقات ودية، مع الجماعة المتطرفة.

علاوة على ذلك، بينما أظهرت
السعودية مزيداً من الانفتاح تجاه قطر، دأبت الإمارات
على معاداة أي محاولات لإعادة التقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي.

ويعزى أحد الأسباب الرئيسية
وراء صمت بايدن إلى تطبيع أبو ظبي علاقاتها مع إسرائيل في أغسطس/آب، ممَّا خلق
صورة للإمارات بوصفها صانعة السلام. بعد أن اتفقت كلتا الدولتين على إقامة
العلاقات الدبلوماسية، ذكر بايدن أن “عرض الإمارات للاعتراف علناً
بدولة إسرائيل حنكةٌ سياسيةٌ شجاعةٌ ومُرحبٌ بها وضروريةٌ بشدة”. وفي الوقت
ذاته ردد الادعاءات المضللة التي تشير إلى أن الصفقة حالت دون خطوة إسرائيل
الرامية إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية.

عززت الإمارات من مصالحها
في واشنطن، ليس فقط مع ترامب، بل كذلك مع بايدن والديمقراطيين، إذ إن هذه الخطوة
تمحو الانطباع القائل بأن أبو ظبي مجرد حليف لترمب.

كتب شبلي تلحمي، الزميل البارز غير المقيم لدى معهد
بروكينغز “أغلب الديمقراطيين في الكونغرس، الذين ارتاحوا لإبعاد قضية الضم عن
الطاولة في الوقت الراهن، والذين طالبوا دائماً بالتطبيع العربي مع إسرائيل على أي
حال، استحسنوا الخطوة في العموم”.

وأضاف “إذا صار بايدن
الرئيس القادم فإن الإمارات وضعت نفسها في مسار يخفف من هجمات الديمقراطيين
ضدها”.

يأتي هذا نتيجة جهود ضغط إماراتية هائلة في واشنطن، حيث استهدفت المشرعين
والمنظمات غير الهادفة للربح والمنافذ الإعلامية والمؤسسات الفكرية، ليعرضوا صورة
إيجابية لتحركاتها المرتبطة بسياساتها الخارجية. على الرغم من أن السعودية هي
الأخرى استخدمت جماعات الضغط في واشنطن من قبل، فإن الإمارات في الوقت الراهن تعد
أكثر استباقية.

يضاف إلى هذا أنه مع وجود
انتقادات موجهة من الولايات المتحدة إلى الإمارات أقل بكثير مقارنةً بالسعودية،
سوف يشعر بايدن بإلحاحٍ أقل لمواجهة تحركات أبو ظبي وتقليص الدعم العسكري الموجه
لها.

ومع ذلك، يمكن أن يقوض هذا
أي نيات مذكورة من جانب بايدن لإعادة الاستقرار إلى اليمن، في حين سيضعف قدرة
واشنطن على حل القضايا الإقليمية الأخرى، مثل الأزمة الليبية وأزمة مجلس التعاون
الخليجي.

أضاف يوست هيلترمان أنه على
الرغم من اتفاقية التطبيع، فإن أبو ظبي أقل اعتماداً بكثير على واشنطن، ممَّا يعني
أن الولايات المتحدة قد تناضل من أجل الضغط عليها بغض النظر عن فوز بايدن أو
ترمب.

وأوضح قائلاً: “فقدت
الولايات المتحدة بكل تأكيد بعضاً من نفوذها التاريخي على هذه الدول، بسبب نشاط
السياسة الخارجية لها (مثل الإمارات)، وتَوَفُّر حلفاء وشركاء عسكريين آخرين (مثل
الصين وروسيا)، والاستياء من خطة العمل الشاملة المشتركة”.

عززت الإمارات علاقاتها
الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية مع روسيا والصين في السنوات الأخيرة، وسَعَت
لتعزيز استقلالية سياستها الخارجية والابتعاد عن هيمنة واشنطن.

ولذا سوف تواجه الإمارات،
عند مقارنتها بالسعودية، ضغطاً أقل بعد شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بغض النظر عن
هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية.

جميع المقالات المنشورة تعبِر عن رأي كُتَابها ولا تعبِر بالضرورة عن TRT عربي.

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى