close
أخبار تركيا

المغرب “والخلايا الإرهابية”.. حقيقة أم مبالغات حكومية؟

[ad_1]

تقول الرباط إن استراتيجية مكافحة الإرهاب نجحت في تفكيك 200 خلية منذ 2003 بمعدل خلية شهرياً، وفق وزارة الداخلية. هذه العمليات الشهرية كثيراً ما أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وطفت تعليقات مشككة تصف “التدخلات الأمنية” بـ”المسرحية”.

مع إعلان السلطات المغربية تفكيك “خلية إرهابية” قبل شهر، برزت مجدداً أصوات مشككة في هذه العمليات الأمنية، باعتبارها مجرد “بروباغندا” من جهاز الاستخبارات، فيما ترفض الرباط بشدة “تبخيس” مجهودات جنّبت المملكة “حمامات دم”.

ودأبت الرباط، من حين إلى آخر، على الإعلان عن تفكيك خلايا إرهابية، وتقول إن استراتيجية مكافحة الإرهاب نجحت في تفكيك 200 خلية منذ عام 2003، بمعدل خلية شهرياً، وفق وزارة داخلية المملكة.

هذه العمليات الشهرية كثيراً ما أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وطفت بشكل واضح تعليقات مشككة تصف “التدخلات الأمنية” بـ”المسرحية”.

غير أن وزارة الداخلية في تقرير صادر عنها، تؤكد أنها عملت على “تقوية قدرات الرصد والمراقبة، وتقوية العمل الاستعلاماتي وتبادل المعلومات والتنسيق مع مختلف المصالح الأمنية التي تتبنى بتنسيق مستمرّ معها في مجال محاربة الإرهاب، سياسة تتغير وفق استراتيجيات المجموعات الإرهابية”.

أجندة تخريبية

في 10 سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت السلطات المغربية تفكيك “خلية إرهابية” من 5 عناصر تنشط شمالي المملكة، “كانت تخطط للقيام بعمليات تستهدف عدة منشآت، وأهداف حساسة، باستخدام عبوات متفجرة، وأحزمة ناسفة، تروم زعزعة أمن واستقرار المملكة، خدمة للأجندة التخريبية لما يسمى بتنظيم (داعش)”.

هذا الإعلان أعقبه هذه المرة حدة تشكيكات بارزة على مستوى منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد تصريحات زوجة المشتبه به الرئيسي في الخلية، تقول لوسائل الإعلام إن زوجها “لا علاقة له بأي تفكير متطرف”.

زوجة المتهم تحدثت في مقطع الفيديو عن إطلاق عناصر الأمن للرصاص في جنبات المنزل، رغم أن زوجها لم يكن مسلحاً بل مكبلاً آنذاك، وأن المحجوزات التي عرضتها الأجهزة الأمنية أمام الرأي العام معظمها لم يكن في بيتها، فهي “من ينظف أركان البيت ولم تلحظ أي أداة مما عُرض في الإعلام”، مشددة على أن هذه “المحجوزات” لو كانت في البيت لأبلغت بها السلطات الأمنية.

كما أثارت المشاهد التي توثّق عملية التدخل الأمني ردود فعل متباينة بين المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اعتبر البعض العملية حدثاً يستحق تركيز الرأي العام عليه مقارنة بأحداث أخرى تحظى بتفاعل أكبر، فيما رآها آخرون “مجرد تجييش للعاطفة”.

التعليقات عبر البث المباشر لمواقع إلكترونية خلال عملية مداهمة الخلية الأخيرة، تحدثت عن أنها “مجرد سيناريوهات لشَغْل الشعب عن عجز الدولة في احتواء فيروس كورونا”، وأن “محاربة الفساد والمفسدين وإهدار المال العام أولى بمثل هذه العدة والعتاد”.

فيما تساءل آخرون: “لماذا لا تتجلى هاته الضربة الاستباقية (توقيف المشتبه بهم قبل تنفيذ مخططاتهم المحتملة) في اعتقال مختطفي ومغتصبي الأطفال، وفي الصحة والتعليم ودعم الفقراء على حساب من أهدروا المال العام بلا حسيب ولا رقيب؟”.

هالة إعلامية

وتركز التفاعل بنفَس انتقادي لعمليات تفكيك هذه الخلايا، في الهالة الإعلامية التي تصاحبها، في عدد عناصر الأمن الكبير في مواجهة شخص، ولباس الأمنيين الملثمين بأسلحتهم والسيارات رباعية الدفع ذات الألوان السوداء الداكنة، والقناصين فوق سطوح البيوت، والمحجوزات التي “لا تشي بأنها خطيرة”، وفق رصد لمعلقين على فيسبوك.

لكن اللافت في التفكيك الأخير، إشراف عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات) على العملية، في أول حضور شخصي له.

وهو ما اعتبره محمد وأكضيض، عميد متقاعد في الشرطة القضائية بالمغرب، في تصريح لموقع TRT عربي، “تأكيداً لخطورة هذه الشبكات الإرهابية”.

وقال وأكضيض: “لنقرب الصورة من خلال محجوزات الخلية الأخيرة، أولاً هناك أحزمة ناسفة، وهنا نعود إلى الذئاب المنفردة أوالخلايا النائمة، وثانيا طناجر الضغط بمسامير، يعني أن الخلية تعتمد على الوسائل التقليدية، صواعق كهربائية ومواد كيميائية، وكلها مواد محلية لا مستوردة من الخارج أو تعتمد على مواد تكنولوجية”.

وأضاف: “هذه المحجوزات كلها قابلة للاستعمال في عمليات انتحارية وتفجيرات، وتفكيك هذه الخلية جنّب المغرب خطراً تبعاته أسوأ من تفجيرات 2003”.

وفي 16 مايو/أيار 2003، شهدت مدينة الدار البيضاء تفجيرات إرهابية غير مسبوقة راح ضحيتها 45 قتيلاً، بينهم 11 انتحارياً، وخلفت عدداً من الجرحى.

محمد حجيب، معتقل سابق في قضية إرهاب ومقيم بألمانيا، قال في مقطع فيديو عبر صفحته على فيسبوك، إن “العائلات والجيران كلهم مجمعون عبر تصريحات للصحفيين على أن المعتقلين هم ضحايا لا علاقة لهم لا من قريب أو بعيد بهذه الشبكات، لكن السلطة مستمرة في هذه المسرحية”.

وأفاد بأنه “منذ 2002 حتى 2020 بلغ عدد الخلايا المفككة أكثر من 200 خلية بمعدل خلية كل شهر، ما يعني أوتوماتيكياً أن للأجهزة الأمنية أجندة ثابتة ومعدة مسبقاً، هي الدعوة للإعلان عن تفكيك خلية بعد مرور 30 يوماً”، حسب زعمه.

ولفت حجيب إلى أنه “حين سجّل قبل فترة مقطع فيديو أشار فيه إلى ملاحظة هامة مفادها أن جميع الخلايا لم تواجه الأمن بالسلاح خلال المداهمات، عكس دول أخرى، رأينا الأجهزة الأمنية تطلق الرصاص داخل بيت المشتبه به الرئيسي في خلية سبتمبر، رغم أنه كان نائماً لحظة اعتقاله، وذلك في محاولة إقناع الشعب، رغم أنهم يعرفون أن الشعب لا تنطلي عليه هذه الحيل”.

أصوات معارضة للنظام

في السياق نفسه رفض أكضيض الآراء المشككة في هذه العمليات الاستباقية الناجعة في تفكيك الخلايا الإرهابية التي جنبت المملكة “الخطر”، قائلاً إن الأمر يتعلق بـ”حقيقة” لا بـ”كلام وثرثرة”.

وقال أكضيض، وهو خبير أمني، إن “الفئة القليلة التي تشكك في هذه العمليات، هي أصوات معارضة للنظام، أخذت على عاتقها معارضة كل شيء، حتى هذا المسار الأمني الناجع في تفكيك الشبكات الإرهابية، لأغراض وأهداف خاصة بها”.

وأضاف: “هذه الفيديوهات من بعض المغاربة المستقرين في الخارج، المحسوبين على رؤوس الأصابع، يعارضون الدولة في كل المناحي سواء في مشاريع التنمية أو غيرها، وحتى في تفكيك الخلايا، وككادر أمني متقاعد، لا اختلاف في المغرب على أن هذه الخلية أخطر مما كانت عليه خلية تفجيرات 2003”.

انتهى زمن الابتزاز

واعتبر أكضيض في حديث لـTRT عربي أن “هؤلاء المشككين والمعارضين ليسوا من رواد الفكر السياسي، بل من أصحاب نزاعات شخصية مع الدولة، ولو دُعوا وتُفوهم معهم ومُنحوا منصباً فلن يتمادوا، لكن الدولة ترفض الابتزاز، لأنها أنهته مع سياسة وزير الداخلية الأسبق الراحل إدريس البصري في اللجوء إلى التفاوض مع بعض الأصوات المعارضة”.

وأضاف: “الإنسان ابن تُربته، أينما حل وجد نفسه يشتاق إلى وطنه، لكن ربما هؤلاء الأشخاص غير قادرين على الرجوع إلى المغرب، فأخذوا على عاتقهم هذا المنحى، لأسباب شخصية، وذلك عبر سبّ وشتم مقدسات المغرب، من خلال عدم احترام القانون، واعتبر أن هؤلاء ليسوا ذوي ثقافة عالية”.

الشك والشك المضاد

وفي قراءة لظاهرة “التشكيك”، اعتبر الخبير في علم النفس الاجتماعي عادل غزالي، أن “اعتماد فيسبوك كمرجع أو معطيات متداولة يطرح عدة إشكاليات لإثبات هذه الفرضية (وجود مشككين)، لأن أغلب الذين يشعرون بنوع من الحرية في الكتابة على منصات التواصل الاجتماعي، يوظفون أسماء مستعارة، ومجال ممارسة هذه الحرية وجب أخذه دائماً بنوع من الحيطة والحذر”.

وأوضح في حديث مع TRT عربي أن “كل المعطيات على مستوى الإنترنت ليست صحيحة مئة بالمئة، لأنها لا تعتمد على خاصية التفاعل مع المستجوبين عبر لقائهم وجهاً لوجه وملء استمارات بخصوص رأيهم في الموضوع حتى تكون المعلومة ذات مصداقية”.

ولفت غزالي إلى أن تفاعل المواطنين مع قضايا الإرهاب بالمغرب “جاء إثر تشكيك أشخاص لهم ارتباط بالمتابَعين في هذه القضايا مثل زوجة أحد المعتقلين وتشكيكها في الرواية الأمنية (في 10 سبتمبر/أيلول)، وهذا التشكيك يبقى محل تشكيك مضادّ، باعتبار أن المعتقل زوجها وهي مضطرة إلى الدفاع عنه بجميع الوسائل، وبالتالي يستلزم التعامل مع هذه المعطيات نوعاً من الحيطة والتدقيق”.

ومن منظور سيكولوجي قال غزالي إن “نظرية اللعبة (اقتُرحت في الرياضيات وطُبّقت في الاقتصاد)، تسمح الآن بفهم سلوك الناس في التعامل مع التكنولوجيا، لأن هناك من يستعمل فيسبوك بمنطق اللعبة، عبر التحرش أو الابتزاز أو تشجيع جماعة إرهابية، لكن الأمر بالنسبة إليه مجرد لعبة”.

وأوضح أن ” أي جهاز يخضع لـ(قواعد الاستعمال)، لكن الانترنت لا يخضع لذلك، وهو ما عرّض أشخاصاً لإدانات ومتابعات قانونية نظراً إلى الجهل واعتقادهم أن استخدام الحاسوب أو التطبيقات هو استعمالات يطغى عليها منطق اللعبة”.

وشدّد غزالي على أن “العالم الافتراضي مجال لسلوكات يطغى عليها اللعب وعدم الإحساس بالمسؤولية أو سلوك غير مقبول اجتماعياً، لذا وجب أخذ رأي شخصيات حقيقية للوصول إلى نتيجة حول حقيقة هذه التشكيكات”.

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى