close
أخبار تركيا

“أكثر تطرفاً من لوبان”.. كيف يحاول ماكرون تزعُّم اليمين للفوز بعهدة جديدة؟

[ad_1]

بعد خسارته الانتخابات البلدية، أصبح واضحاً توجه ماكرون نحو تيار اليمين الشعبوي عبر مهاجمته للإسلام وتوظيف الأحداث الإرهابية في هذا السياق، إذ يرى مراقبون أنه يحاول أن يكون أكثر تطرفاً من مارين لوبان لكسب أصوات أنصارها في الانتخابات القادمة.

يحاول ماكرون أن يلعب دور الزعيم اليميني بمهاجمته الإسلام لنيل أصوات اليمينيين في الانتخابات القادمة
يحاول ماكرون أن يلعب دور الزعيم اليميني بمهاجمته الإسلام لنيل أصوات اليمينيين في الانتخابات القادمة
(AFP)

“يجب تشريع قوانين حرب من أجل التصدي للإرهاب الذي تغذيه الآيديولوجيا الإسلامية”، كانت هذه أول كلمات زعيمة اليمين الفرنسية عقب الهجوم الإرهابي الذي راح ضحيته ثلاثة مدنيين في مدينة نيس الفرنسية.

ورغم الإدانات الواسعة من الدول الإسلامية ومن الجمعيات التي تمثل الجالية المسلمة في فرنسا، فإن اليمين الفرنسي لا ينفكّ يربط الحادثة بالدين الإسلامي الذي أصبح مستهدَفاً في الآونة الأخيرة من حكومة ماكرون.

لكن اللافت في تصعيد ماكرون الأخير، الذي يأتي مع بداية السنة الأخيرة في عهدته، بدا كأنه انقلاب على مواقفه الأولى من الإسلام والمسلمين في فرنسا، في ما يصفه المحللون بأنه توجه مدروس نحو كتلة اليمين التصويتية.

اليمين: الاستثمار السياسي

لم يكن موقف مارين لوبان، رئيسة حزب “الجبهة الوطنية” اليميني في فرنسا، إثر حادثة نيس مجرد حدث عابر، بل عززت ذلك بما كتبته على حسابها في تويتر، إذ وصفت الهجوم بـ”البربرية الإسلامية”.

لم تتوقف عند هذا الحد، بل تابعت في تغريدة أخرى: “إن التسارع الدراماتيكي لأعمال الحرب الإسلامية ضد إخواننا المواطنين وبلدنا يتطلب استجابة شاملة من قادتنا بهدف القضاء على الإسلاموية من أرضنا”.

وكعادتها، لم تفوّت لوبان الفرصة لمهاجمة الإسلام كدين مع كل حدث في البلاد، الأمر الذي بدا في عدة أحيان أنه “عنصرية” تجاه ملايين المسلمين في فرنسا والعالم.

وفي هذا السياق، تقول مانون أوبري، النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي، إن “فرنسا تشهد حالياً وبشكل غير مسبوق شرعنة للخطابات العنصرية، يعززها السياسيون اليمينيون، وغيرهم من وسائل الإعلام المتحيزة”.

وفي مقال لها بصحيفة mediapart الفرنسية على أثر تصريحات ماكرون ضد الإسلام والمسلمين، شددت النائبة الفرنسية على أن حرية المعتقد، واحدة من الحريات الأساسية التي تقتضي حمايتها والدفاع عنها، مؤكدةً أنه على الشرطة عدم قمع الأشخاص الذين لا تحبهم الحكومة.

وشددت النائبة على استنكارها إغلاق الحكومة الجمعيات الإسلامية في البلاد، معتبرة أن ذلك يصبّ في مصلحة اليمين المتطرف، وأنه “بذلك لا يمكن محاربة الإرهاب بمعزل عن القواعد القانونية”.

وفي سياق متصل بالحكومة، شدّدت أوبري على ضروروة الرد على وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، الذي قال إن بيع المنتجات الحلال يسبب التطرف، ووزير التعليم جان ميشيل بلانكر الذي يعتقد أن الجامعات هي المكان الذي فيه أساتذة “إسلاميون”.

ماكرون.. الهرولة نحو اليمين

“كاهنة الخوف الكبرى”، هكذا كان وصف ماكرون للزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، منافسته في الدور الثاني للرئاسيات التي جرت في فبراير/شباط 2017، منتقداً خطابها العدائي ضد المسلمين والمهاجرين على فرنسا وثقافتها العلمانية.

وعلى بعد 16 شهراً من الانتخابات القادمة يبدو أن ماكرون الرئيس في 2020، ينظر في ذات مرآة لوبان، إذ بدأ يأخذ مساراً ليس بعيداً عنها عبر رغبته في خوض حرب ضد ما وصفه بـ”الانعزالية الإسلامية” بعد هزيمة حزبه في الانتخابات البلدية الأخيرة.

قبل عام نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقالاً بعنوان “كيف أصبحت نظرية المؤامرة اليمينية المتطرفة سائدة؟”. لكن هذه النظرية أصبحت موجودة منذ عقدين من الزمان، ووجهت دعمها للقاعدة الجماهيرية في أقصى اليمين,

وتتغذي الفكرة حسب الغارديان على حجة زائفة بسيطة للغاية، هي أن المسلمين جاؤوا إلى أوروبا للانخراط في حرب ثقافية لقلب القيم الأوروبية، وأن على المسيحيين البيض قتالهم لإنقاذ حضارتهم.

وهي نظرية ساقطة، وإن كانت تأتي في شكل محترم يدور حول “الانفصالية الإسلامية” عن باقي المجتمع، وهنا لا بد أن نذكر أن الشعبوية قد أصبحت هي التيار السائد منذ وقت طويل وأصابت اليسار واليمين على حد سواء في السياسة الفرنسية.

وفي سياق تفشي نظرية المؤامرة اليمينية المتطرفة، تصف فورين بوليسي تصرفات ماكرون بأنها مجرد محاولة لجذب الناخبين اليمينيين قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2022، إذ من المنتظر أن يواجه زعيمة التجمع الوطني اليمينية المتطرفة مارين لوبان، التي لا تخشى إلقاء اللوم على المسلمين في كل مشكلات فرنسا.

ربما يؤمن ماكرون حقاً بروايته عن الأزمة، لكن هذا لا يهم حقاً حسب الصحيفة، أن ما يهم هو أن كثيراً من السياسيين البارزين في الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم أولئك الملتزمون القيم الديمقراطية الليبرالية، لم يعودوا يتوقفون قبل إلقاء اللوم على الأقليات المسلمة في المشكلات الاجتماعية.

ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى الحصول على أصوات أكثر، لكن ذلك يعني أن على القيادة السياسية الحقيقية مواجهة هذا الاتجاه لا ركوب الموجة.

وتؤكد الصحيفة، أنه قد لا يكون اليمين المتطرف في السلطة في فرنسا، لكن روحه موجودة بالتأكيد. وإذا أصبح الخيار بين ماكرون واليمين المتطرف مرة أخرى، فسيُطلب من الفرنسيين التصويت لإنقاذ الجمهورية عندما تصل لوبان إلى الجولة الثانية من الانتخابات.

مواقف مضطربة من أجل الانتخابات

قبل انتخابه للرئاسة بأيام، وقف ماكرون أمام جمع غفير في مدينة مارسيليا التي تقطنها جالية مغاربية كبيرة العدد قائلاً: “أرى الجزائريين والمغاربة والتونسيين والماليين والسنغاليين… أرى أبناء مارسيليا، أرى فرنسيين، إنها فرنسا التي أفتخر بها”.

كان الخطاب السائد لماكرون وقتها، هو استعياب اللاجئين والتعامل معهم كمواطنين، مما دعا المرشحة اليمينية الفرنسية مارين لوبان إلى وصفه وقتها بـ”مفوض العولمة الماجنة والهجرة الجماعية”.

بل إن ماكرون في أكتوبر/تشرين الأول 2016 أثار جدلاً كبيراً في فرنسا، عندما قال إن باريس ارتكبت أخطاء في بعض الأحيان باستهدافها المسلمين بشكل غير عادل، مشيراً إلى أن البلد يمكن أن يكون أقل صرامة في تطبيق قواعده بشأن العلمانية.

كما كان موقفه المؤيد للبوركيني في المناظرة التي جمعته مع لوبان وغيرها من المرشحين مثيراً، كما طالب ماكرون بإعادة هيكلة الجمعيات الإسلامية في فرنسا، التي يعتبرها غير ممثَّلة جيداً.

لم يكن قانون الانفصالية والدفاع عن الإساءة للنبي الكريم و”أزمة الإسلام” على أجندة ماكرون وقتها، التي تقول فورين بوليسي إنها ظهرت فجأة عد هزيمته في الانتخابات البلدية.

فقُبيل انتخابات فبراير/شباط 2022، اقتنع ماكرون بخسارة أصوات المسلمين، لذلك يحاول المزايدة على اليمين المتطرف لتعويض خسائره الانتخابية المقبلة، بخاصة أن شعبيته تتراجع.

إذ أظهرت استطلاعات للرأي أُجريت في سبتمبر/أيلول 2020، أن شعبية الرئيس الفرنسي تراجعت من 41% إلى 38.7% خلال شهر واحد فقط.

لهذه الأسباب يشهد خطاب ماكرون انقلاباً تاماً، من أجل أن يبرز أوراق اعتماده الانتخابية المتشددة ضد الإسلام في بيئة سياسية شعبوية على حساب الأقلية المسلمة الفرنسية المحاصَرة بالفعل.

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى