close
أخبار تركيا

منتجات المستوطنات الإسرائيلية.. كيف تحاول الإمارات إنقاذها من المقاطعة؟

[ad_1]

بينما قضت محكمة العدل الأوروبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بإلزام إسرائيل بوضع ملصق يوضح مصدر المواد الغذائية التي يتم إنتاجها في المستوطنات، ما يكلف إسرائيل خسائر فادحة، لقيت منتجات المستوطنات أخيراً ملاذها في الأسواق الإماراتية.

تأتي هذه الاتفاقات والشراكات بعد أن تكبدت المستوطنات وما تزال خسائر كبيرة على إثر حملات المقاطعة المستمرة
تأتي هذه الاتفاقات والشراكات بعد أن تكبدت المستوطنات وما تزال خسائر كبيرة على إثر حملات المقاطعة المستمرة
(Reuters)

لقيت منتجات المستوطنات الإسرائيلية أخيراً ملاذها في الأسواق الإماراتية، بعد سنوات من المقاطعة العربية والأوروبية، تسببت في خسارة “تل أبيب” ملايين الدولارات.

ففي ثمرة جديدة لاتفاق التطبيع الموقع بين الإمارات وإسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن رئيس تجمع مستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلة “يوسي داغان”، الأربعاء، أنه التقى خلال اليومين الماضيين أكثر من 20 رجل أعمال إماراتياً في أثناء زيارة له إلى دبي.

وأفاد داغان بالتوقيع في دبي على اتفاقية تصدير منتجات المستوطنات إلى دولة الإمارات، مشيراً إلى أن الاتفاق يعزز من حقيقة عدم دفع أي ضريبة لاتفاقيات التطبيع، ترتبط بأي تنازلات أو تجميد للاستيطان.

وفي إطار التطبيع الإماراتي الإسرائيلي الذي يشمل الاقتصاد والسياسة والأمن وغيرها من المجالات، تحدثت صحيفة (The Jerusalem Post) أواخر الشهر الماضي عن بدء ترويج خمور تنتجها مصانع في مستوطنات الجولان السوري المحتل في دبي، على أن تروج بعد ذلك بجميع أنحاء الإمارات.

خمور منتجة في الجولان المحتل معروضة في محل بالقدس المحتلة
خمور منتجة في الجولان المحتل معروضة في محل بالقدس المحتلة
(Reuters)

وتأتي هذه الاتفاقات والشراكات بعد أن تكبدت المستوطنات وما تزال خسائر كبيرة على إثر حملات المقاطعة المستمرة.

ولم تكشف وسائل الإعلام العبرية أو الحكومة الإسرائيلية عن أرقام حديثة لتأثيرات حملات المقاطعة المستمرة لمنتجات المستوطنات.

لكن تقريراً نشرته “سي أن بي سي” الأمريكية في يوليو/تموز 2017، قال إن الأثر التراكمي بين عامي 2014 و2024، في سيناريو المقاومة عبر المقاطعة، سيكلف الاقتصاد الإسرائيلي نحو 80 مليار دولار، منها نحو 44 مليار دولار تعود إلى خدمات تنمية الأعمال التجارية.

وفي عام 2015 كشفت صحيفة “the times of israel” النقاب عن تقرير حكومي يحذر من أن الاقتصاد الإسرائيلي ربما يخسر ما يصل إلى 40 مليار شيكل (10.5 مليارات دولار أمريكي) سنوياً، وربما يفقد آلاف الأشخاص عملهم، إذا تعرضت إسرائيل لمقاطعة دولية كاملة.

وأشارت الصحيفة إلى تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية، تم التحذير خلاله من الأضرار التي قد تنتج عن مقاطعة دولية لإسرائيل.

وأظهر تقرير صادر عن مؤسسة “راند” الأمريكية في العام ذاته، أن إسرائيل ربما تتعرض سنوياً لخسائر تصل إلى 9 مليارات دولار في غياب اتفاق سلام، و50 مليار دولار على مدى 10 أعوام.

وجاء نشر التقرير في الوقت الذي دق فيه مسؤولون إسرائيليون ناقوس الخطر، بسبب جهود المقاطعة لإسرائيل التي يبذلها الناشطون في أوروبا، ويقولون إنها تؤثر في اقتصاد “تل أبيب”.

ويستدل البعض على ذلك التأثير برفض الاتحاد الأوروبي الاستيطان المتصاعد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخطة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية إلى إسرائيل.

وقضت محكمة العدل الأوروبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بإلزام إسرائيل بوضع ملصق يوضح مصدر المواد الغذائية التي يتم إنتاجها في المستوطنات.

(AA)

وقالت المحكمة إنه بموجب قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن وضع ملصقات على المواد الغذائية، فيجب أن يتم توضيح مصدر تلك الأغذية حتى يتمكن المستهلكون من الاختيار بناء على “اعتبارات أخلاقية، واعتبارات تتعلق بالالتزام بالقانون الدولي”.

ويأتي القرار بعد أن طلبت المحكمة الفرنسية العليا توضيحاً بشأن قوانين وضع الملصقات على السلع القادمة من الضفة الغربية بما فيها شرق القدس التي يعتبرها المجتمع الدولي أراضي فلسطينية محتلة، إضافة إلى الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

وفي خضم خطوات المقاطعة المتصاعدة، تشكل الصفقات الأخيرة بين الإمارات وإسرائيل خرقاً سياسياً واقتصادياً فيما يخص شرعية المستوطنات ومنتجاتها.

إذ يعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة المستوطنات غير شرعية، ويستند إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع سلطات الاحتلال من نقل إسرائيليين إلى الأراضي المحتلة.

وفي يوليو/تموز 2018 صادق مجلس الشيوخ الأيرلندي على قانون يحظر استيراد أو بيع السلع أو الخدمات المنتجة في الأراضي المحتلة في أنحاء العالم بما فيها المستوطنات الاسرائيلية، معتبراً أن التجارة في مثل هذه السلع والخدمات مخالفة قانونية.

كما نشرت الأمم المتحدة، في فبراير/شباط الماضي، “قائمة سوداء” لـ112 شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية وشرق القدس وهضبة الجولان المحتلة.

وقالت قناة “كان” العبرية الرسمية وقتها، إن القائمة التي أصدرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان تشمل 94 شركة إسرائيلية و18 شركة من ست دول أخرى.

لكن الإمارات لم تكترث لكل ذلك، بل وقعت اتفاقات تطبيع اقتصادي مع بنوك إسرائيلية تمول بناء المستوطنات، وتدعم استيلاء المستوطنين على أراضي الفلسطينيين بطرق غير شرعية.

ففي 16 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن بنك أبوظبي الإسلامي توقيع مذكرة تفاهم مع بنك “لئومي إسرائيل بي إم”، سبقه بأيام توقيع بنك “لئومي” مذكرتي تفاهم مع كل من “بنك أبوظبي الأول”، و”بنك الإمارات دبي الوطني” الأكبر في الإمارات. في حين أعلن بنك “هبوعليم بي إم” الإسرائيلي سعيه لإبرام اتفاقيات مماثلة مع بنوك إماراتية.

وعلقت مؤسسة “إمباكت” الدولية لسياسات حقوق الإنسان، ومقرها لندن، على اتفاقيات التعاون بين مؤسسات وبنوك إسرائيلية وأخرى إماراتية بالقول: إنها “قد تشكل مخالفة لمبادئ الأمم المُتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”.

تقدم البنوك الإسرائيلية تسهيلات لأعمال الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة
تقدم البنوك الإسرائيلية تسهيلات لأعمال الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة
()

وأشارت المؤسسة في بيان نشرته على موقعها الرسمي، إلى تورط مؤسسات وبنوك إسرائيلية في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومعايير القانون الإنساني الدولي من خلال الأنشطة المصرفية في أو مع المستوطنات المقامة بشكل غير قانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتقدم البنوك الإسرائيلية تسهيلات لأعمال الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يشمل منح القروض المالية وقروض الرهن العقاري للأفراد والجماعات ممّن يرغبون تملك المساكن في المستوطنات، كما أنها تشغل أجهزة الصراف الآلي والفروع فيها.

وبدورها تواجه حركة المقاطعة العالمية (BDS) الدول والكيانات المطبعة مع إسرائيل، بالدعوة إلى مقاطعتها هي أيضاً. ففي 15 أغسطس/آب أكدت أنها ستستهدف وتدعو إلى مقاطعة أي شركة إماراتية أو عربية أو دولية تتواطأ في التطبيع مع إسرائيل.

وتوقع الخبير في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي أن توظف الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، ما أقدمت عليه الإمارات في مهاجمة حركة المقاطعة الدولية (BDS).

وفي هذا الشأن، يقول الكاتب والمحلل في الشؤون الأوروبية حسام شاكر: إن “حكومة الاحتلال تحاول الاستفادة من اتفاقات التطبيع التي أبرمتها مؤخراً مع دول عربية لتعزيز اقتصادها في مجالات متعددة، بما فيها اقتصاد الحرب والأمن والاستيطان”.

وأوضح في حديث لـ TRT عربي أنّ “طريقة انزلاق عواصم عربية معيّنة إلى علاقة حميمة مع الاحتلال الإسرائيلي تمنح انطباعاً بأنّه لا تحفظات تقريباً في هذه العلاقة من جانب تلك العواصم، ويدخل في ذلك أيضاً إنعاش اقتصاد الاستيطان الذي يواجه مأزقاً في التعامل مع الأسواق الأوروبية”.

ويبدو أنّ منظومة الاحتلال والاستيطان تحاول استغلال الأسواق العربية لتغذية شريان حياة المستوطنين أيضاً، وهذا يعني أنّ دولاً عربية ستكون ضالعة في تكريس المستوطنات غير الشرعية وتعزيز توسّعها الجائر، وفق قوله.

واستدرك شاكر: “لكنّ هذه التطورات لن تؤثِّر على حملات المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات التي تنشط في المجتمع المدني حول العالم، لأنّ هذه الحملات تعبير عن مواقف مبدئية والتزامات أخلاقية في الأساس وليست مرتبطة بمنسوب تبادلات الاحتلال التجارية”.

وفي رأيه، عندما تنهار سياسة مقاطعة الاحتلال في بعض الدول العربية بعد أن كانت معتمدة رسمياً بالإجماع وفق مقررات الجامعة العربية، فإنّ هذا يُلقي بمسؤولية مباشرة على الشعوب والمجتمعات المحلية التي سيكون عليها التعبير عن مواقفها والتزاماتها في هذا الشأن.

ويتوقع أن تعمل الشعوب في الدول المطبعة على تطوير أساليبها المدنية في التعامل مع منتجات الاحتلال وخدماته وبأشكال قد تُفاجئ الحالمين بتزييف الوعي الجماهيري وطمس الذاكرة التاريخية لدى الشعوب، بحسب تقديره.

المصدر: TRT عربي – وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى