close
أخبار تركيا

التفاهمات الفلسطينية بين أولوية الانتخابات ومصير ترمب!

[ad_1]

فيما تتوالى فصول الانهيار العربي من خلال عمليات التطبيع الشائنة، يتصاعد الجدل الفلسطيني من أجل تحقيق حالة وحدة فلسطينية في مواجهة الاحتلال بعد أن تَخلَّى بعض من العرب عن القضية الفلسطينية.

لا وبل مارسوا ضغوطا على القيادة الفلسطينية لإجبارها على القبول بصفقة القرن والتنازل عن الحقوق الفلسطينية وتشكيل غطاء لهرولة هؤلاء تجاه إسرائيل.

وبرزت في الآونة الأخيرة خلافات بين الفصائل الفلسطينية تركزت حول الانتخابات وأولويات إجرائها في الأراضي المحتلة والشتات (المجلس التشريعي والمجلس الوطني). وفيما تصر فتح على توالي إجراء الانتخابات بدءاً من الضفة وقطاع غزة والرئاسة وصولاًإلى المجلس الوطني، فإن حماس تطالب بتزامن هذه الانتخابات في مسعى منها لضمان إجراء انتخابات المجلس الوطني وعدم توقف العملية عند التشريعي والرئاسة.

ويأتي ذلك وسط تشكك في نيات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي لم يتخلَّ للحظة عن نهج المفاوضات السياسية ورفض المقاومة المسلحة.

الانتخابات أولاً

عُقدت اجتماعات في بيروت ورام الله للفصائل الفلسطينية، وبلورت هذه الاجتماعات خارطة طريق تقوم على “تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية كخيار أنسب للمرحلة” و”تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفّر اللجنة التنفيذية لها جميع الاحتياجات اللازمة لاستمرارها”. وتشكيل لجنة من الفصائل وشخصيات وازنة تقدم رؤية لإنهاء الانقسام الداخلي”، على أن تقدم تقريرها للمجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير.

كما اتفقت الفصائل على “ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة، وفق التمثيل النسبي الكامل”.

أما اتفاق إسطنبول الذي عُقد بعد ذلك بين حركتَي فتح وحماس فقد ركز على أولوية الانتخابات وإجرائها على أساس “التمثيل النسبي، ووفق تدرج مترابط لا يتجاوز ستة أشهر”.

ولم يلحظ هذا الاتفاق قضايا حساسة ومهمة، هي تشكيل اللجان الوطنية للمقاومة الشعبية، وتقديم رؤية لإنهاء الانقسام الداخلي، الأمر الذي يشير إلى ترحيل ملف المصالحة والاعتماد على تشكيل قائمة موحدة للانتخابات تمهد الأجواء للمصالحة!

من هنا برزت الخلافات على كيفية إجراء الانتخابات بعد أن حصل لغط داخل حماس أدى إلى المطالبة بالتزامن بين انتخابات التشريعي والوطني في ظل عدم وجود ضمانات بإجراء انتخابات المجلس الوطني، بسبب إما تعطيل الدول العربية لها أو نكوص فتح عن إجرائها نتيجة ضغوط عربية ودولية.

وبلا شك فإن شخصيات في فتح ترتهن لأجندات خارجية سعت لإحباط اتفاق حركتهم مع حماس على الانتخابات أو غيرها لأنها تعتقد أن ذلك يضر بمصالحها الذاتية التي تقتضي أن تكون حماس خارج اللعبة السياسية التي أُخرجَت منها عام 2007 وأن تظل حماس والجهاد خارج منظمة التحرير الفلسطينية.

ويتطابق هذا الموقف مع موقف مصر والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى التي تريد أن تبقى المنظمة مجرد إطار وشكل لا يتمتع بأي مرجعية على السلطة الفلسطينية الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

كما يشكل التنافس بين هذه الشخصيات مع جبريل الرجوب، الذي يقود ملف المصالحة، على وراثة عباس دافعاً مهماً في مواقف هؤلاء، فيما بقي موقف حماس موحداً بتبني التزامن بعد أن أعطى اتفاق إسطنبول مؤشراً على ليونة في ذلك سعيا لإنجاح الانتخابات.

أولويات التفاهمات.. وموقف عباس

لا يبدو أن التفاهمات التي تمت بين الفصائل قد غيرت في مواقف فتح بالاقتراب من الإجماع الفلسطيني الجارف على المقاومة كخيار أساس في المواجهة مع المحتل بعد أن فشل خيار التسوية السياسية وانتهى بصفقة القرن.

فالرئيس عباس لا يؤمن إلا بالتسوية السياسية ويرفض المقاومة ويحاربها ويعلن صباح مساء أنه ضدها وأنها عبثية. وتكريساً لهذا النهج فقد عرض في آخر جلسة لمجلس الأمن دعوته إلى مؤتمر دولي للسلام في محاولة لتحييد دور أمريكا في رعاية عملية السلام، الأمر الذي يعني أن إيمانه العميق بالعملية السلمية لم يتزعزع أو يتراجع، وأنه سيظل يناور إلى حين الانتخابات الأمريكية لعلها تأتي بـ”المنقذ المخلص” بايدن.

فإن عاد ترمب فستكتسب الانتخابات زخماً جديداً إذا تم الاتفاق على تزامنها مع وجود شكوك بحصول اختراق على صعيد المنظمة وانتخاباتها، إذ إن السلطة ستسعى لحماية رأسها بمحاولة تخفيف التوتر مع واشنطن في ضوء التخوف من مخطط أمريكي-إسرائيلي مع بعض الدول العربية لاستبدال شخصية فلسطينية أكثر قبولاً بعباس!

المرشح الديمقراطي جو بايدن قال إنه سيعيد العلاقات مع المنظمة بإعادة فتح مكتبها في واشنطن وسيؤكد حل الدولتين بدلاً من صفقة القرن، ويعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وسيستأنف المساعدات لـ”أونروا” وللسلطة الفلسطينية.

لذلك فإن فوز بايدن سيضع عقبات أمام التفاهمات الفلسطينية، وقد يتمثل ذلك بعرقلة الانتخابات من خلال إصرار السلطة على التدرج بها والبدء بانتخابات السلطة، كما سيتغير تكتيك السلطة بالتفاهم مع الاحتلال وواشنطن لتفعيل التنسيق الأمني والعودة للمفاوضات، وهو ما سيُحدِث خلافاً فلسطينياً يجمّد التفاهمات الفلسطينية ويعود بالساحة الفلسطينية إلى مربع الصفر.

وحتى لو أنجزت الانتخابات التشريعية بقائمة موحدة بين حماس وفتح، فإن ملف انتخابات المجلس الوطني سيُغلَق، وستتوقف الاتفاقات الأخرى مثل لجان المقاومة الشعبية وإنجاز المصالحة.

المقاومة والمنظمة أساسان

وبمعنى آخر فلا قيمة للانتخابات قبل أن يتم الاتفاق على برنامج يستدعي من فتح الانسلاخ عن برنامج المفاوضات وتحويل مهمة السلطة الفلسطينية من خادم للاحتلال إلى سلطة ترعى مصالح الشعب الفلسطيني وتشكّل غطاءً لبرنامج المقاومة.

وإذا كان لا بد من الانتخابات فلا بد أن تجري قبل كل شيء للمجلس الوطني الفلسطيني الذي يُفترض أن يكون مرجعية السلطة ويصوغ برنامجاً وطنياً قائماً على المقاومة لتحصيل الحقوق الفلسطينية لا المفاوضات التي وصلت إلى نهايتها الفاشلة والمحتومة في ظل الموقف الإسرائيلي المدعوم أمريكياً.

وبصرف النظر عن تأثير الانتخابات الأمريكية في توجهات فتح والسلطة، والشكوك حول جدية هذه الأخيرة في المصالحة والتزام برنامج للمقاومة، فمن الواضح أن الانتخابات الفلسطينية قد تكون سبباً في تفجر الخلافات الفلسطينية إذا لم تقم على أساس إنجاز ملفات المصالحة وتشكيل لجان المقاومة التي تم الاتفاق عليها (وإن كان هذا السقف لا يتناسب مع استمرار تغوُّل الكيان).

ولذلك فمن المفترض أن تكون الأولوية لإعادة اللُّحمة الفلسطينية وإنجاز الحد الأدنى من متطلبات المصالحة.

ويشكل الاتفاق على المقاومة حجر الرحى في أي اتفاق فلسطيني، لأنه الترمومتر الذي يقيس جدية الأطراف في التوافق والاتفاق على برنامج وطني في ضوء ما وصلت إليه المفاوضات ومسيرة التسوية البائسة.

ويستدعي ذلك التحللَ من قيود أوسلو التي أوجدت السلطة الفلسطينية بدور محدَّد لخدمة الاحتلال، فلا بد من العودة إلى المنظمة وإصلاحها وإدماج كل القوى فيها لكي تكون ممثلة حقيقية للفلسطينيين وتضبط إيقاع ودور السلطة الفلسطينية وتخرجها من إطار خدمة الاحتلال إلى خدمة الأهداف الوطنية الفلسطينية.

جميع المقالات المنشورة تعبِر عن رأي كُتَابها ولا تعبِر بالضرورة عن TRT عربي.

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى