close
منوعات

لماذا يقوم الفرنسيون بوضع حبات البطاطا بدلاًُ من الزهور على قبر هذا المهندس منذ القرن التاسع عشر؟؟

نرى أشياء يفعلها الأوبيين تحير عقولنا وتجعلنا نقف مذهولين ومتعجبين من هذه التصرفات الغريبة فمثلاً هذا القبر الذي يزرعون في ترابه بطاطا بدل الزهور.

عندما تقوم بالتجول في مقبرة (بير لاشيز) في باريس التي توجد بها قبور العديد من المشاهير مثل المغني الأمريكي (جيم موريسون)، فربما تصادف قبراً مغطى بالبطاطا ومنقوشة عليه الكلمات التالية: Merci Pour Les Frites التي تعني ”شكراً من أجل البطاطا المقلية“،

هذا هو قبر (أنطوان أوغستين بارمونتيي)، ورغم ما هو مكتوب على قبره فالحقيقة هو ليس مخترع البطاطا المقلية، ورغم ذلك فقد كان له دورٌ كبير جداً في جعل البطاطا المقلية جزءاً رئيسيا من الطعام الفرنسي كما هي في يومنا هذا.

على الرغم من أنّ البطاطا مكون رئيسي في المطبخ الغربي اليوم ويتم بها تحضير العديد من المأكولات الشهيرة كالبطاطا المقلية –التي هي في الحقيقة من أصلٍ بلجيكي على الرغم من أنّ اسمها بالإنكليزية هو French Fries–

ووجبات البطاطا الإسبانية التقليدية، والوجبة الفرنسية الشهيرة ”عصيدة البطاطا“، إلا أنها لم تصبح جزءاً من النظام الغذائي الأوروبي حتى وصل الاسبان إلى جنوب البيرو في ثلاثينيات القرن السادس عشر.

بدأ الإسبان بتناول البطاطا أولاً ثم الإنجليز، وخلال فترة قصيرة أصبح معظم سكان قارة أوروبا يتناولون البطاطا خاصةً خلال فترات المجاعة،

لكن الأمور كانت مختلفة وأكثر قسوة بالنسبة للبطاطا في فرنسا، فعلى الرغم من أنّ الفرنسيين كانوا يقومون بزرع البطاطا كطعامٍ للخنازير إلا أنّها لم تكتسب ذات الشعبية التي اكتسبتها في البلدان المجاورة،

حتى أنّ النظام الملكي قام بمنع تناولها لمدة 20 سنة خلال القرن الثامن عشر، وذلك بسبب إشاعات تقول أنّ تناول البطاطا قد يؤدي للإصابة بالجذام أو حتى الطاعون.

لوحة شخصية لـ(أنطوان أوغستين بارمونتيي).

تسبب هذه الإشاعات، بالإضافة للرابط النباتي ما بين البطاطا ونبات البيلادونا السامة –نبات ست الحسن– في جعل الكثير يشككون بالبطاطا حين تم تقديمها إلى أوروبا، حيث منعت هذه الشائعات كلها البطاطا من أن تصبح شعبية بين الفرنسيين، حتى الفقراء الذي يتضورون جوعاً.

هنا تدخل (أنطوان بارمونتيي)، صيدلاني لا يملك المال ليفتتح صيدليته الخاصة لذا قرر تقديم خدماته للجيش الفرنسي، وخلال حرب السبع سنوات، تم أسر (أنطوان) وسجنه في بروسيا حيث اكتشف البطاطا المتواضعة، فبروسيا دولة Hوروبية كانت البطاطا قد أصبحت بالفعل جزءاً من نظامها الغذائي خاصةً بعد إيقاف استيراد الحبوب من فرنسا،

وخلال فترة سجنه كانت البطاطا تقدم gi بشكلٍ منتظم، وهناك اكتشف أنّها ليست لذيذة فقط، بل لم تتسبب له بالجذام أو بالطاعون.

بعد أن تم إطلاق سراحه، عاد (أنطوان) إلى فرنسا وهو ينوي نشر ما عرفه عن البطاطا بين الفرنسيين، لكن الفرنسيين معروفون بأنّهم يقاومون التغيير، فحتى برج إيفل الذي يعد الآن رمز العاصمة باريس تم وصفه من قبل الفرنسيين بأنّه مؤذٍ للنظر لسنوات،

لذا كان من الطبيعي أنّ البطاطا التي اعتقد الكثير من الفرنسيين أنّها ليست فقط مضرة بصحة البشر بل أيضاً بصحة الزراعة –حيث كان الكثيرون يظنون أنّها تقوم بامتصاص المواد المغذية من التربة– سوف تحتاج الكثير من التسويق لتنال اهتمامهم.

لذا كان على (أنطوان) أن يبدع، فقام بعرض باقات من زهور البطاطا على كل من الملك (لويس السادس عشر) والذي قام بوضع الزهور على ثيابه والملكة (ماري أنطوانيت) التي قامت بوضع باقة الزهور على شعرها، كما قام الملك (لويس) بالسماح لـ(أنطوان) بزرع حقلٍ من البطاطا في مكانٍ ليس بعيداً عن العاصمة الفرنسية.

قام (أنطوان) بعد أن زُرعت البطاطا باستئجار جنود لحماية الحقل، لكنه كان يقوم بمنحهم استراحة خلال فترة الليل ثم يقوم بتشجيع السكان المحليين الفقراء على سرقة البطاطا في منتصف الليل مما ساهم بارتفاع شعبيتها، وفي نفس الوقت كان يقوم بشق طريقه خلال البيروقراطية الفرنسية سيئة السمعة بهدف تصليح سمعة البطاطا.

في عام 1771 ربح (أنطوان) جائزة أطلقتها أكاديمية (بينساسون) لإيجاد غذاء قادر على إطعام الفقراء خلال فترات المجاعة، وفي عام 1772 قامت كلية الطب في جامعة باريس بإعلان البطاطا قابلة للأكل،

وفعلاً قامت البطاطا بمساعدة الفرنسيين على النجاة من الشح المنتشر خلال السنوات التي سبقت اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789.

لكن البطاطا لم تصبح شعبيةً بين الفقراء فقط، ففي عام 1783 قام (أنطوان) بعقد حفل عشاء يضم 20 طبقاً مختلفاً قوامهم الأساسي هو البطاطا،

وبما أنّ كلاً من (بنجامين فرانكلين) و(توماس جيفرسون) كانوا من بين الحضور فالكثير ينسب الفضل لهذا العشاء على أنّه الوسيلة التي أتت بها البطاطا المقلية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان (جيفرسون) أول من قدم البطاطا المقلية في البيت الأبيض.

قادت مسيرة (أنطوان) إلى زيادة شعبية العديد من الأطعمة في فرنسا مثل الكستناء والذرة، لكن اسمه يبقى أكثر اقتراناً بالبطاطا، فخلال سنواتٍ كثيرة قام العديد من الناس بمحاولة تسمية البطاطا التي يقوم الفرنسيون بتسميتها ”تفاح الأرض“ Pomme de Terre على اسمه.

على الرغم من أنّ هذا التكريم لم يتحقق إلا أنّ العديد من الأطباق الفرنسية التي تتضمن البطاطا تحوي في اسمها إشارةً إليه مثل طبق Hachis Parmentier وطبق Pommes Parmentier، وإذا سنحت لك يوماً ما فرصة زيارة قبر هذا الشخص المثير للاهتمام، ستجد رقعة من البطاطا تحيط به، لكن هذه البطاطا بالتحديد لا يُنصح بتناولها بالتأكيد.

المصدر: موقع Vice Munchies

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى