هل تنصّب الإمارات وإسرائيل بدعم أمريكي دحلان رئيساً للسلطة الفلسطينية؟
تركيا الحدث
تشير التلميحات الأمريكية الأخيرة ومن خلفها تحركات إسرائيلية-إماراتية إلى محاولة الدفع بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان إلى الواجهة على صعيد السلطة الفلسطينية، بعد خطوات عدة من محاصرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
خرج
مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر قبل أيام من توقيع اتفاق تطبيع بين
إسرائيل من جانب والإمارات والبحرين من جانب آخر برعاية أمريكية، مهاجماً القيادة
الفلسطينية الحالية التي رفضت خطته للسلام أو ما يُعرف بـ”صفقة القرن”.
واعتبر
كوشنر أن الشعب الفلسطيني رهين “قيادة سيئة جداً”، حسب وصفه في حوار على شبكة CBS
الأمريكية.
ورفض كوشنر “ما
يقال حول خطة السلام الأمريكية بأنها لم تستطع حل أصل النزاع في المنطقة”،
مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني “رهينة لقيادة سيئة”، ومهاجماً حركة حماس
في قطاع غزة.
وليس من قبيل المصادفة أن يخرج السفير
الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، بعد يوم واحد من توقيع اتفاق التطبيع ليقول
عبر وسيلة إعلام إسرائيلية إن الولايات المتحدة الأمريكية، تدرس استبدال الرئيس
الفلسطيني محمود عباس، بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.
ولم يسبق لمسؤول أمريكي رفيع المستوى أن أدلى بمثل هذا التصريح، وبشكل علني.
وكان فريدمان تحدث الخميس لصحيفة
“إسرائيل اليوم“، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة “رداً على سؤال
عمّا إذا كانت الولايات المتحدة تدرس إمكانية تعيين دحلان المقيم في الإمارات،
كزعيم فلسطيني جديد، أجاب فريدمان: نحن نفكر في ذلك، لكن ليست لدينا رغبة في هندسة
القيادة الفلسطينية”.
وأشارت الصحيفة إلى تقديرات
بأن الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن أن تدعم دحلان “لإزاحة عباس”.
وهاجم فريدمان القيادة الفلسطينية مستخدماً التعبير التوراتي “يهودا والسامرة”، في إشارة إلى الضفة
الغربية، قائلاً: “قيادة الشعب الفلسطيني لا تخدمه كما ينبغي”.
وأضاف في إشارة إلى الضفة الغربية: “أعتقد أن الناس في يهودا والسامرة يريدون حياة أفضل، إن الشعب الفلسطيني
بحاجة إلى فهم أنه من الممكن أن يحقق مثل هذا الهدف”.
وتابع فريدمان: “إن قيادتهم ما
زالت تتشبث بشكاوى قديمة جداً وغير ذات صلة، إنهم بحاجة إلى الانضمام إلى القرن
الحادي والعشرين، إنهم في الجانب الخطأ من التاريخ في الوقت الحالي”.
وكان فريدمان قال في الماضي مراراً،
إن أراضي الضفة الغربية هي جزء من إسرائيل، ومن حق اليهود الاستيطان فيها، كما
دافع بقوة عن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبات أول
دبلوماسي يتولى مسؤولية السفارة الأمريكية، بعد نقلها من تل أبيب إلى القدس.
وفريدمان هو أحد المقربين جداً من
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حسب تقارير إسرائيلية وأمريكية.
الخطة موجودة.. لكن الصحيفة العبرية
تتراجع
في البداية نسبت الصحيفة إلى السفير
الأمريكي قوله: “نفكر في ذلك” و”لكن ليس لدينا رغبة في هندسة
القيادة الفلسطينية”، قبل أن تعدّل الصحيفة التصريح المنسوب إللى السفير ليصبح
“لا نفكر في ذلك” و”ليس لدينا رغبة في هندسة القيادة الفلسطينية”.
ولم توضح الصحيفة ما إذا كان تعديل
التصريح نتيجة خطأ منها أو طُلب منها تغيير تصريح السفير الأمريكي.
ونقل عديد من المواقع الإخبارية
التصريح الأول المنسوب إلى السفير الأمريكي قبل تعديله، كما علق المتحدث باسم الرئاسة
الفلسطينية نبيل أبو ردينة على ذلك قائلاً إن “سياسة التهديد والضغوط المستمرة
ومحاولات الابتزاز الأمريكي للرئيس محمود عباس والقيادة، سيكون مصيرها
الفشل”.
وأضاف أبو ردينة أن “شعبنا
الفلسطيني هو وحده من يقرر قيادته وفق الأسس الديمقراطية التي أرستها منظمة
التحرير الفلسطينية في الحياة السياسية الفلسطينية، وليس عبر التهديد والوعيد
وسياسة الابتزاز الرخيصة التي يحاول سفير أمريكا لدى إسرائيل من خلالها الضغط على
قيادة شعبنا”، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وتابع: “الحملات المشبوهة
والمؤامرات الهادفة إلى تصفية قضيتنا الوطنية، وفي مقدمتها قضية القدس ومقدساتها،
والهجمة على رموز شعبنا الفلسطيني لا قيمة لها، وإن شعبنا الفلسطيني هو الذي سيرسم
خارطته، ويختار قيادته التي تحافظ على حقوقه الوطنية وثوابته التي لن نحيد
عنها”.
من جانبه ذكّر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ، عبر حسابه في تويتر، ذكّر فريدمان بأن فلسطين “ليست ولاية أمريكية أو محمية أمريكية” حتى تقرر الإدارة الأمريكية قادتها، مضيفاً: “هذا شعب فلسطين وليس رعاعاً يُساقون بقرار أجنبي”.
الى السيد فريدمان نقول فلسطين ليست ولاية امريكية لتحدد قيادتها ، وفلسطين ليست محمية امريكية حتى تقرر حضرتك من هم قادتها . هذا شعب فلسطين وليس رعاع يساقون بقرار اجنبي.
— حسين الشيخ Hussein Al Sheikh (@HusseinSheikhpl) September 17, 2020
التصريحات التي تدّعي الصحيفة أنها
“عدّلتها” تأتي متماشية تماماً مع نهج الإدارة الأمريكية في الضغط على
السلطة الفلسطينية للقبول بـ”صفقة القرن”، وقد هاجمها عراب الصفقة كوشنر
قبل أيام السلطة بنفس الطريقة.
وتأتي تصريحات فريدمان بعدما أعلنت
الولايات المتحدة في وقت سابق إلغاء أكثر من مئتي مليون دولار من المساعدات
المخصصة للفلسطينيين، في قرار يأتي لتتويج سياسة الضغط المالي التي انتهجتها إدارة
ترمب لإجبار الفلسطينيين على القبول بمقاربة واشنطن للتسوية مع إسرائيل.
حتى إن القيادي المفصول من حركة فتح
محمد دحلان نفسه تعاطى مع التصريحات بجدية، وقال في منشور له عبر فيسبوك:
“من لا ينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الاستقلال الوطني، وأنا محمد
دحلان كلي إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة إلى تجديد شرعية القيادات والمؤسسات
الفلسطينية كافة، وذلك لن يتحقق إلا عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة، ولم يُولَد بعد
من يستطيع فرض إرادته علينا”.
من لا ينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الاستقلال الوطني وأنا محمد دحلان كلي إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة إلى تجديد…
Posted by Mohammad Dahlan محمد دحلان on Thursday, 17 September 2020
دحلان.. على مقاعد الإحماء
لا تشير تصريحات السفير الأمريكي
وغيرها من الإشارات الأمريكية والإسرائيلية والإماراتية المتتالية إلا إلى نية مبيتة
لإنزال دحلان إلى الساحة الفلسطينية مرة أخرى عبر بوابة السلطة.
وتصاعدت وتيرة الإشارات التي تدلّ على
ذلك، بخاصة بعد الاتفاقيات التطبيعية الإسرائيلية مع الإمارات (مقر إقامة دحلان) والبحرين في ظل حديث متواصل عن دور “مشبوه” لعبه دحلان “أحد عَرَّابي
التنسيق الأمني مع إسرائيل” في إتمام الأمر.
وبشهادة عبرية، قالت صحيفة يديعوت
أحرونوت الإسرائيلية إن القيادي المفصول في حركة فتح محمد دحلان يعمل من وراء
الكواليس لإنجاح اتفاق التطبيع بين أبو ظبي وتل أبيب، بصفته مستشاراً مقرباً من
ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وأضافت الصحيفة أن دحلان التقى في
القاهرة مؤخراً مجموعة من مؤيديه الذين قدِموا من الضفة الغربية، وذلك بهدف
استطلاع ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية حيال اتفاق التطبيع.
وفي تحقيق خاص عن دحلان، قالت الصحيفة
الإسرائيلية إن القيادي الفلسطيني السابق قرر أن يستبدل بالسجون الإسرائيلية القصور الخليجية، وملأ حسابه البنكي بـ120 مليون دولار.
وكشفت أن دحلان زار إسرائيل سراً بصحبة
طحنون بن زايد شقيق ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، حيث وصلا إلى مطار بن غوريون الدولي
شرق تل أبيب على متن طائرة إماراتية تحمل مساعدات طبية قبل أسابيع عدة، وكانت معدة
لدعم السلطة الفلسطينية في مواجهة جائحة كورونا، لكن السلطة رفضت استقبالها بشكل
قاطع.
ووفقاً للصحيفة فإن دحلان يتحين الفرصة
المناسبة لكي يخلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في رئاسة السلطة
الفلسطينية بمساعدة إسرائيل كما يعتقد البعض، رغم أن إسرائيل تحاول البقاء خارج
الصورة كي لا تُلحِق الأذى بصورته.
ونقلت الصحيفة في تحقيقها الذي أفردت
له عدة صفحات في ملحق نهاية الأسبوع، عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن “رأس
محمد دحلان موجود طوال الوقت في الأراضي الفلسطينية، ويعزز موقعه فيها بانتظار
ما سيحدث بعد انتهاء حقبة أبو مازن وبداية حقبة جديدة يرى فيها نفسه رئيساً للسلطة
الفلسطينية”.
لكن الصحيفة تقول إن رجال أبو مازن
المقربين منه والذين يرون أنفسهم ورثة له (جبريل الرجوب، وحسين الشيخ، ومحمد
العالول، وماجد فرج)، يعملون على إحباط أحلام دحلان.
عزل عباس لصالح دحلان
وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أيضاً في
خبرها الرئيسي الجمعة 14 أغسطس/آب 2020، عن مخطط أمريكي-إسرائيلي-إماراتي يجري طبخه من أجل استبدال الهارب إلى الإمارات محمد
دحلان بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤكدة أن هذه الأطراف “تُعِدّ فخّاً” لعباس وخلفائه المحتملين.
ولفتت إلى أن “المحيط الأقرب لترمب ملّ عباس، كما أن نتنياهو لا يصدق أي كلمة له، أما دحلان، مقارنةً به، فنشيط، وذكي،
ويعرف المنطقة جيداً، وله موالون في غزة ورام الله على حدّ سواء”.
ونبهت إلى أنه “ليس صدفة” أنهم لم يكبدوا أنفسهم في أبو ظبي وواشنطن خلال حديثهم عن “إلغاء الضم” عناء ذكر اسم واحد لزعيم أو شخصية أساسية في الضفة الغربية، لافتة إلى أن “النية أن يُنزِلوا إلى هناك دحلان بإسناد عربي وبتأييد أمريكي وبغمزة عين إسرائيلية،
ودحلان غير مستعجل، وكذا باقي شركاء الخطوة”.
وتابعت: “هم سيسمحون لعباس وكبار
قادة السلطة أن يتفجروا غضباً، وعندما يغادر، سيتجندون لتنصيب الزعيم الجديد على
الكرسي، وهنا انتبهوا للملاحظة التي ألقى بها نتنياهو: اسألوا ترمب”.
وتواترت التقارير الغربية عن أن كلاً من
الإسرائيليين والأمريكيين يودون مكافأة دحلان على جهوده هذه، بتحضيره لزعامة
السلطة الفلسطينية بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إذ تنقل الصحافة العبرية عن
مصادر أمريكية مطلعة أن الاتفاقية الثلاثية بين الولايات المتحدة وإسرائيل
والإمارات تتضمن عودة محمد دحلان للسلطة الفلسطينية، وأن اتفاق أبوظبي-تل أبيب
يحسّن فرص محمد دحلان في “معركة الميراث”.
وكانت تقارير سابقة تحدثت عن تنظيم
دحلان لقاءات سرية عديدة خلال السنوات الأخيرة، بين مسؤولين إماراتيين
وإسرائيليين، ساهمت بقوة في تطوير العلاقة بين الطرفين، وصولاً إلى نقطة
الاتفاق الحالي.
والعلاقات بين إدارة ترمب والسلطة
الفلسطينية مجمَّدة منذ أعلن الرئيس الأمريكي في السادس من ديسمبر/كانون الأول
2017 اعتراف الولايات المتّحدة رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة لقيت رفضاً
من المجتمع الدولي وغضباً فلسطينياً عارماً.
ويرفض الفلسطينيون منذ ذلك الحين إجراء
أي اتصال مع الإدارة الأمريكية ويؤكدون رفضهم دورها وسيطاً في عملية السلام مع
إسرائيل.
ورداً على هذا الموقف أعلن ترمب في
نهاية يناير/كانون الثاني 2018 أنه سيشترط عودة الفلسطينيين إلى طاولة
المفاوضات لتسليمهم المساعدات.
وجمّد هذه المساعدات البالغة
215 مليون دولار والتي كان يُفترض أن توظفها الإدارة الأمريكية في غزة والضفة
الغربية للمساعدة الإنسانية والتنمية.
وقلصت الولايات المتحّدة أيضاً بنسبة
كبيرة مساهمتها المالية في ميزانية أونروا التي اضطرت إلى تسريح أكثر من 250 موظفاً
منذ ذلك الحين، كأداة للضغط على القيادة الفلسطينية أيضاً.
رأس حربة الشر في المنطقة
ويلاحق كل من تركيا وفلسطين دحلان بعدة تهم، أبرزها القتل والفساد والتجسس الدولي والضلوع بمحاولة
الانقلاب العسكري الفاشلة التي شهدتها أنقرة منتصف يوليو 2016.
ويتهمه القضاء التركي بالضلوع في
محاولة الانقلاب الفاشلة، ومحاولة تغيير النظام الدستوري بالقوة، و”الكشف عن
معلومات سرية حول أمن الدولة لغرض التجسس”، و”التجسس الدولي”.
أما في بلاده فقد أصدر القضاء
الفلسطيني ضده أحكاماً بالسجن، ويعمل قسم الشرطة الدولية (الإنتربول) في السلطة
الفلسطينية على إلقاء القبض على مجموعة من الفلسطينيين المتهمين بالفساد
والهاربين خارج فلسطين، دون تسميتهم.
وتواردت أنباء لم تؤكدها السلطة
الفلسطينية عن أن دحلان من تلك الشخصيات.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت في تحقيقها
عنه إلى أن رغبة دحلان في الوصول إلى السلطة دفعته إلى تعزيز علاقته بمصر، مشيرة إلى
أنه أرسل فرقاً تابعة له عام 2013 للمشاركة في الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من سدة
الحكم، وبعدها فتحت مصر أبوابها أمامه على مصرعيها وهو يتردد عليها سراً.
وتشير يديعوت أحرونوت إلى أن حركة حماس
تعتقد أن دحلان ساهم في تصفية القيادي البارز في كتائب القسام محمود المبحوح في
أحد فنادق دبي عام 2010.
وشددت الصحيفة على أن اثنين من عمال
شركة المقاولات التابعة لدحلان، هما أحمد حسين وأنور شحيبر، استأجرا باسميهما
السيارات التي استخدمها عملاء الموساد للوصول إلى الفندق.
المصدر: TRT عربي – وكالات