بعد أن أقالته الاضطرابات منذ عام.. الحريري رئيس وزراء لبنان
[ad_1]
يُعد سعد الحريري أحد أقطاب السلطة اللبنانية، فما إن يغادرها حتى يعود إليها، إذ يعدّ تكليفه من قِبل اللبناني ميشال عون تشكيل الحكومة الجديدة، المرّة الرابعة في مسيرته السياسية.
سعد الحريري اختارته عائلته ليكون الوريث السياسي لوالده، رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري (1944-2005)، ومن حينها وهو أحد أقطاب السلطة اللبنانية، فما إن يغادرها حتى يعود إليها.
سعد الحريري (50 عاماً)، كلفه الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس، تشكيل الحكومة الجديدة، هي الرابعة في مسيرته السياسية، بعد أن حصد أغلبية أصوات النواب (65 من أصل 120)، خلال استشارات نيابية أجراها عون.
وعقب تكليفه، قال الحريري: “سأشكل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، وسأنكبّ على تشكيل الحكومة بسرعة لأن الوقت داهم وهذه هي الفرصة الأخيرة”.
وكان الحريري تنحى العام الماضي، بعدما خرج مئات الآلاف إلى الشوارع للتظاهر ضد طبقة سياسية يتهمونها باستنزاف الدولة على مدى عقود.
ويعاني لبنان منذ أشهر، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، إضافة إلى استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
وأضاف الحريري أن “الحكومة الجديدة ستكون مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان دعم الحكومة لتطبيقها”.
ويأتي تكليف الحريري في أعقاب اعتذار رئيس الوزراء المكلف السابق مصطفى أديب في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، عن عدم استكمال مهمته، إثر تعثُّر عملية تشكيل حكومة تخلف سابقتها المستقيلة عقب انفجار مرفأ بيروت الكارثي، في 4 أغسطس/آب الماضي.
خلافات سياسية
يبدو أن الخلافات التي عرقلت التغيير خلال ولاية الحريري السابقة ستظل تلازم جهوده الساعية لتشكيل حكومته الرابعة.
فقد رفضت الكتلتان المسيحيتان الرئيسيتان التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل صهر الرئيس ومنافسه حزب القوات اللبنانية، تأييد ترشيحه.
وقالت جماعة حزب الله الشيعية المدججة بالسلاح إنها لم ترشح أحداً لمنصب رئيس الوزراء لكنها ستعمل بشكل “إيجابي” من أجل تشكيل حكومة. وفاز حزب الله المدعوم من إيران وحلفاؤه السياسيون، ومنهم حركة أمل الشيعية والتيار الوطني الحر، بأغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات 2018.
بُنيت حياة الحريري المهنية على دعم دول خليجية وإنفاق ثروة عائلته، التي بذل الكثير منها في لبنان، لتمويل شبكة سياسية، وأيضاً احترام الكثير من اللبنانيين لوالده رفيق الحريري.
وكان أكثر ما ميز السنوات الأولى من مسيرته السياسية تحالُفه الوثيق مع السعودية، ومواجهات مع الحلفاء اللبنانيين لسوريا وإيران وعلى رأسهم حزب الله.
الحكومة الأولى
في 27 يونيو/حزيران 2009، كلفه الرئيس ميشال سليمان آنذاك، تشكيل الحكومة التي تلت الانتخابات.
وجاء التكليف بعد استشارات نيابية وتسميته من جانب 86 نائباً (من أصل 128) يمثلون نواب “تحالف 14 آذار” الـ71، ونواب “حركة أمل” (بزعامة نبيه بري)، وحزب “الطاشناق” (أرمني).
وفي 7 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، قدم لسليمان تصوراً لتشكيل الحكومة، إلا أن المعارضة رفضت تلك التشكيلة.
بعد ثلاثة أيام، أعلن الحريري عقب لقائه سليمان، اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، إلا أن الأخير أعاد، في 16 سبتمبر/أيلول، تكليفه تشكيل الحكومة.
وبعد حوارات ومناقشات ومفاوضات شاقة، استطاع أن يعلن تشكيلة حكومته الأولى في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2009.
واجهت حكومته صعوبات عديدة، خصوصاً بعدما بدأ يقترب صدور القرار الظني من المحكمة الدولية في جريمة اغتيال والده، وإصرار وزراء جماعة “حزب الله” و”حركة أمل” و”التيار الوطني الحر” (بزعامة عون) على طرح موضوع شهود الزور في القضية، وطلب إحالتهم إلى المجلس العدلي اللبناني.
وأدى كل ذلك إلى إعلان وزراء تكتل “الإصلاح والتغيير” (تابع للتيار الوطني الحر) و”أمل” و”حزب الله”، في 12 يناير/كانون الثاني 2011، استقالتهم من الحكومة، وذلك بعد وصول محاولات تسوية مشكلة المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الحريري إلى طريق مسدود.
وأدت استقالة الوزراء الـ11 إلى فقدان الحكومة (30 وزيراً) لنصابها الدستوري (ثلث واحد)، وبالتالي اعتبارها مستقيلة.
بعد سقوط حكومته، غادر الحريري لبنان عام 2011، ليعيش متنقلاً بين فرنسا والسعودية، ثم عاد إلى البلاد، في أغسطس/آب 2014.
الحكومة الثانية
ظل الحريري واحداً من أهم أقطاب السياسة اللبنانية، وأنهى الفراغ الدستوري في منصب رئيس الجمهورية، بدعمه لمرشح قوى “8 آذار” ميشال عون، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وبعد انتخاب عون رئيساً، كلف الحريري رئاسة الحكومة، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ونال تأييد 110 نواب، وشكّل حكومته الثانية، بعد 40 يوماً من تكليفه.
وفي 18 أغسطس/آب الماضي، أدانت المحكمة الدولية، ومقرها في مدينة لاهاي بهولندا، “غيابياً” سليم عياش (56 عاماً)، وهو عضو في “حزب الله”، حليف النظام السوري وإيران، باغتيال الحريري.
وعياش، وفقاً للمحكمة، هو المسؤول عن الخلية التي نفّذت عملية الاغتيال وشارك فيها شخصياً، عبر تفجير استهدف موكب الحريري في العاصمة بيروت، ما أودى بحياته و21 آخرين، في 14 فبراير/شباط 2005.
وعقب صدور قرارات المحكمة، قال الحريري إنه “أصبح واضحاً أن القتلة خرجوا من صفوفه (حزب الله)، ويعتقدون أنه لهذا السبب لن يُسلموا للعدالة وينفَّذ فيهم القصاص، لذلك أكرر: لن أستكين حتى يجري تسليمهم للعدالة وينفذ فيهم القصاص”.
لكن جماعة “حزب الله”، وهي شريكة في حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة دياب، ترى أن هذه المحكمة أداة سياسية بيد الولايات المتحدة وإسرائيل. وتضع الأخيرة كلاً من إيران “وحزب الله” في خانة ألد أعدائها.
وأعلن أمين عام الجماعة حسن نصر الله، أنه سيتعامل مع قرار المحكمة “كأنه لم يصدر”.
فيما دعا عون اللبنانيين إلى القبول بقرارات المحكمة الدولية، مشدداً على ضرورة الوحدة والتضامن، ومحذراً من إثارة الفتنة.
استقالة وأزمة
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، توجَّه الحريري في زيارة مفاجئة إلى السعودية، ليعلن في اليوم التالي استقالة حكومته، أثناء زيارته للمملكة، عبر كلمة متلفزة بثتها قناة “العربية”، ما سبب صدمة في لبنان على المستويين الشعبي والسياسي.
وهاجم الحريري في كلمته إيران و”حزب الله” مباشرة، معتبراً أن الأجواء في لبنان تشبه تلك التي سبقت اغتيال والده.
وقال إن إيران لم تضع يدها في أي مكان في الوطن العربي إلا وحل فيه الخراب والدمار، وإن “حزب الله” أصبح يوجِّه سلاحه باتجاه اللبنانيين والسوريين واليمنيين بدل إسرائيل، وإنه لمس محاولة لاغتياله.
إقليمياً، عرفت علاقات الحريري مع النظام السوري توتراً شديداً في بداية حياته السياسية، على خلفية اتهام قوى “14 آذار” لدمشق بالوقوف وراء اغتيال والده.
لكن هذه العلاقة شهدت بعض التحسن بعد زيارة أجراها الحريري لدمشق، بصفته رئيساً لوزراء لبنان، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2009.
إلا أن الحريري اتخذ منذ بداية الثورة ضد النظام السوري عام 2011، موقفاً داعماً لها.
وكان الحريري، قبل ذلك بيوم واحد، التقى علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، الذي أعلن من السراي الحكومي في بيروت، أن طهران تحمي استقرار لبنان.
ودفع ذلك محللين إلى القول إن تصريحات ولايتي أثارت قلق الحريري بشأن تنامي نفوذ إيران وحليفها “حزب الله”.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قال عون إنه “لا شيء يبرر عدم عودة الحريري إلى بيروت، بعد مرور 12 يوماً على إعلانه من الرياض استقالته، وعليه، فإننا نعتبره محتجزاً وموقوفاً وحريته محددة في مقر احتجازه”.
وبعد أربعة أيام، وصل الحريري باريس برفقة زوجته، بعد أن ترك اثنين من أبنائه في الرياض، ولم يكن في استقباله بالمطار سوى السفير اللبناني رامي عدوان، من دون وجود أي مسؤول فرنسي، كما لم تحمل السيارة التي أقلته أي أعلام لبنانية أو فرنسية.
عاد الحريري إلى بيروت، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، للمشاركة باحتفال عيد الاستقلال كما سبق وأعلن.
وبعد أن قابل الرئيس عون، أعلن أنه سيتريث في تقديم استقالته، وذلك بناء على تمني رئيس الجمهورية عليه، على حد قوله.
الحكومة الثالثة
في 6 مايو/أيار 2018، أعلن الحريري أن الانتخابات التي شهدها لبنان أعطت “تيار المستقبل” كتلة من 21 نائباً، ما يعني أنه خسر ثلث المقاعد التي فاز بها في آخر انتخابات، إذ كان التيار قد فاز بـ35 مقعداً عام 2009.
وأشارت النتائج إلى فوز “حزب الله” وحلفائه السياسيين بأكثر من نصف المقاعد.
وبعد انتظار تسعة أشهر من تكليف عون للحريري تشكيل حكومته الثالثة، أعلن الأخير في 31 يناير/كانون الثاني 2019، تشكيلة من 30 وزيراً، بينهم أربع نساء للمرة الأولى.
لكن الحكومة استقالت، في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، بعد مرور 13 يوماً على انتفاضة شعبية رفع خلالها المحتجون مطالب اقتصادية وسياسية، وطالبوا برحيل الطبقة الحاكمة كلها، بتهمة الفساد وانعدام الكفاءة.
المصدر: TRT عربي – وكالات