وسيلة تركيا لتعقب المصابين بكورونا.
منذ الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا في تركيا، اتّخذت الدولة إجراءات عدّة لاحتواء انتشاره من جهة، وحماية المواطنين والشركات من تداعياته الصحية والاقتصادية من جهة أخرى، وأدّى ذلك إلى اعتمادها على التكنولوجيا لتفعيل هذه الإجراءات وتمكينها من المساعدة في مكافحة تفشي الفيروس.
ولعبت شركات الهواتف المحمولة في تركيا دورا محوريا في التبليغ عن مكان وجود المستخدمين، كما فعّلت تطبيقات تساعد في تحديد موقع أقرب الأشخاص المصابين بفيروس كورونا.
تطبيق ذكي
وأطلقت وزارة الصحة التركية مؤخرا تطبيقا على الهواتف الذكية، يتيح للمواطنين والأجانب مراقبة حالات الإصابة بفيروس كورونا في مناطقهم، ومتابعة أوضاعهم الصحية.
ويقدم التطبيق -الذي يحمل اسم “البيت يتسع للحياة”- للمواطنين خدمة إرسال إشعارات لهم، تعلمهم بمستوى خطورة البيئة التي يوجدون فيها آنيا، وبالتالي إمكانية الابتعاد عن الأماكن الخطرة والسلامة من احتمال الإصابة بالفيروس.
كما يتضمن التطبيق بيانات عن الأرقام الحديثة للإصابات والوفيات، وعدد الاختبارات اليومية، وإمكانية إجراء اختبار يومي لكورونا عبر الإجابة على بعض الاستفسارات المتعلقة بأعراض الفيروس، وبفضل الخوارزميات الذكية التي تم تطويرها، سيتم التحقق مما إذا كان المواطن اختلط مع أشخاص مدرجين على قائمة الفئة الخطرة.
ويوفر التطبيق للمواطنين أيضا خارطة بالمستشفيات والصيدليات القريبة من موقعهم، ويمكن الراغبين من متابعة أوضاع أسرتهم وذويهم عبر إدخال بياناتهم إلى الحساب الشخصي.
كما تستعد وزارة الصحة لإضافة ميزات جديدة على التطبيق في وقت قريب، وكل ذلك بهدف مساعدة المواطنين على حماية أنفسهم من مخاطر الإصابة بالفيروس، بحسب قول الوزارة.
شر لا بد منه
وقد أثار التطبيق بعض الجدل في الشارع التركي بين مؤيد مفتخر باستخدام حكومته للتكنولوجيا مما يُعجل بالقضاء على الوباء، وآخر معارض يرى في التطبيق تعديا على حريات الناس الشخصية.
ويقول الخمسيني بوراق أوزديمير للجزيرة نت إن “التطبيق يحفظ سرّ هوية المستخدمين، وإنزاله على الهواتف الذكية ليس إلزاميا وهذا ضمانة للحريات، لكنه قد يعيق فعالية التعقب الرقمي إذا لم يمتثل له عدد كاف من الأشخاص”، مبينا أن تحديد الموقع الجغرافي للمصاب وتنقلاته يساعد في تحديد كل من خالطه.
أما الشاب بولات أورسوي فقال “صحيح أن تنزيل التطبيق ليس إلزاميا، لكن الدولة تعرف جيدا حاجة الناس لأي وسيلة تساهم في القضاء على الوباء، والتطبيق في الحقيقة ينتهك حقوق المستعمل وحريته عبر نظام تحديد المواقع الجغرافية”، مشككا في عدم استخدام أجهزة الدولة للتطبيق في مراقبة المستخدمين بعد انتهاء أزمة الفيروس.
ولفت أورسوي إلى أن التعدي على خصوصية المواطنين وحرياتهم الشخصية سيدفعهم للتنقل دون حمل هواتفهم الذكية.
من جهتها، ترى إيليف كايا أن التطبيق شر لا بد منه، حيث يمكن الآن أن تتحول أدوات التحكم بالسكان -التي تستخدم غالبا لأغراض قمعية- إلى ميزة لاحتواء الفيروس التاجي في البلاد.
وناشدت السيدة كايا الحكومة استثمار التطبيق والتكنولوجيا الاستثمار الأمثل للحد من العدوى وتفشي الفيروس، دون استخدامه لاحقا لأغراض المراقبة وتقييد الحريات.
خصوصية البيانات
وفي هذا الصدد، ذكر الخبير والاستشاري في التكنولوجيا والإعلام الرقمي بسام شحادات، أن تركيا ليست الدولة الوحيدة التي استعملت تطبيقا من هذا النوع، وإذا تم استعماله بطريقة صحيحة وقام المواطنون بتفعيل البرنامج طوال الوقت، فهذا سيساعد السلطات على الوصول إلى كشف وتحليل شبكة العلاقات الاجتماعية للمصابين، وتقييد حركتهم بسهولة مما يساعد في الحد من انتشار العدوى.
وقال شحادات للجزيرة نت “للأسف فإن التطبيق ينتهك خصوصية البيانات الخاصة بالمستخدمين وينقل بيانات حركتهم والأشخاص الذين يلتقونهم بشكل كامل إلى وزارة الصحة والجهات الحكومية، لكن إذا كان أخذ البيانات من الناس بشكل طوعي فلا يعتبر انتهاكا، أما إن تم إجبار المواطنين على استخدام التطبيق دون رغبتهم فهذا يعد تعديا على حرياتهم الشخصية”.
ولفت الخبير الرقمي إلى أن السلطات قادرة تقنيا على متابعة الأشخاص المطلوبين وتتبع بيانات الناس دون اللجوء لهذا التطبيق، لأن أجهزة الجوال يمكن متابعتها من خلال شبكات الاتصال ورصد حركاتها.
وأضاف أن الحكومة التركية تعي أن الأمر قد يكون مرفوضا عند البعض وبالتالي لن تجبر المواطنين على استخدامه، علما بأن هناك تشريعات وقوانين تصرّح للدولة في حالة الطوارئ الوصول لبيانات معينة، لكن في الوقت الراهن الدولة لا تلزم أحدا، لكنها فقط تدعو المستخدمين لاستعمال التطبيق بشكل جيد في حال وجود إصابات في شبكاتهم الاجتماعية.