“كورونا” يفاقم العنف الأسري بحق لاجئات سوريات في الأردن.
تركيا الحدث / العنف الاسري
عوامل نفسية واجتماعية متوارثة فاقمتها الأزمات
منذ اليوم الأول الذي زفّت فيه ميساء (اسم مستعار) إلى زوجها، وكان عمرها 22 عاماً، “تعرضت للضرب من زوجي”، كما تروي. مبرراً تصرفه بأنها “عادة متوارثة في عائلته كي لا تخرج زوجته عن أمره، ولزرع الخوف في قلبها حتى لا تسيء إليه”.
وتكمل ميساء في حديثها لـ”سوريا على طول”، أنه “عندما اتصلت بعائلتي، طلبت مني السكوت. فهم لا يعتبرون ذلك مشكلة، خاصة وأن العريس مقتدر مادياً، وهو بمثابة فارس الأحلام على حد تعبيرهم. لكنه بالنسبة لي كان قاتلا للأحلام وللسكينة النفسية”.
اليوم، وبعد سبع سنوات من زواجهما، والتي تخللها لجوؤهما إلى الأردن، لا يحتاج زوج ميساء “لمبررات كي يعنفني. إذ بوجود وباء كورونا أو عدمه أتعرض للضرب أنا وأطفالي”.
وتتمثل أهم العوامل التي ما تزال تقيد النساء المعنفات في البلدان العربية بشكل عام، بحسب الأخصائية الأسرية والنفسية رهف محي الدين، في “تلك التي ترتبط بالثقافة المجتمعية المتوارثة، وربطها بمبادئ وقيم دينية بشكل مغالط للحقيقة.، ومن أبرزها، النزعة الذكورية التي تتيح للرجل فعل ما يشاء، والصورة النمطية التي ترعرعت فيها المرأة، خاصة إن كانت أمها قد تعرضت لذات العنف من والدها”. فهي بهذه الحالة، كما تضيف محي الدين، لن تجرؤ على كسر دائرة العنف الذي تتعرض له، لأنها تعيش وضعا طبيعياً، ولن تستطيع تحديد ما إذا كان ما تتعرض له تعنيفاً أم لا”.
في هذا السياق، فإن رد أسرة ميساء على ما تتعرض له هو “ابق في منزلك، لا تجلبي لنا الفضيحة”، كما تقول، “وكأن الفضيحة مقرونة بخروج المرأة من منزلها الذي تعيش فيه مع وحش على هيئة بشر”. مضيفة: “إن تقدمت بشكوى، سيتبرأ أهلي مني ولن يستقبلوني. كما إنني أخشى من سلطة زوجي إن شكوت أمر تعنيفي لجهة قضائية، إذ لديه الكثير من الأصدقاء [المتنفذين]، ويمكنه دفع أي تكاليف مالية للوصول إلي والانتقام مني”.
وتلفت محي الدين إلى أن “حالات الطلاق بين اللاجئات في أوروبا أكبر من اللواتي يعشن في الدول العربية، بسبب انفتاح المجتمعات هناك، وتأمين المرأة المعنفة أو المطلقة بسكن ملائم وتوفير متطلباتها ومتطلبات أطفالها المعيشية والدراسية أيضا”. محذرة من “أن كتمان العنف المنزلي الذي تتعرض له النساء في هذه الظروف، له تأثيرات سلبية على صحتهن. إذ قد يسبب للمرأة استنزافا عاطفيا وأمراضا عصبية، وارتفاعا في ضغط الدم أو احتشاء عضلة القلب، نتيجة ارتفاع مادة الكورتيزون الذي تفرزه الغدة النخامية وانخفاض هرمون تعديل المزاج في الجسم، والذي قد يؤدي لاضطرابات بيولوجية وانهيارات عصبية نتيجة التوتر والضغط المستمر لزمن طويل، مما يدفعها لممارسة العنف على من هم تحت سلطتها ألا وهم أطفالها”.
وكانت تستقبل محي الدين في إحدى المنظمات التي تعمل بها ما بين “20 إلى 30 حالة عنف منزلي للاجئات سوريات. وهي إحصائية لمنظمة واحدة فقط ولشهر واحد، فكيف ستكون الإحصاءات الشاملة لجميع المؤسسات مع ارتفاع حدة العنف خلال أزمة كورونا، خاصة مع تطبيق حظر التجول الذي فرض على الضحية المعنفة البقاء مع المعتدي عليها في نفس المنزل طوال الوقت؟”.