فيضانات السودان تبتلع مدنه وجهود دولية ضئيلة في مواجهة الكارثة
[ad_1]
في مواجهة أسوأ فيضانات تضرب السودان، منذ قرن، أعلِنَت حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، واعتبرت كل أرجاء البلاد منطقة كوارث طبيعية، بعد تضرر أكثر من نصف مليون شخص ومئات المدارس والمرافق الصحية، ويأتي كل ذلك في غياب الدعم الدولي المساند للسودان.
غمرت الفيضانات معظم مناطق السودان الذي عاش في السنوات الماضية قسوة السيول التي أدت إلى مصرع العشرات، ودمرت آلاف المنازل والمرافق الخدمية في أنحاء البلاد، لكن هذه المرة كانت الأسوأ منذ مئة عام، بحسب ما أفادت وزارة الري والموارد المائية السودانية، التي قالت إن معدل فيضان النيل ارتفع إلى أكثر من 17 متراً.
ويبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من يونيو/حزيران، ويستمر حتى أكتوبر/تشرين الأول، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد فيها سنوياً فيضانات وسيولاً واسعة، كان أكثرها تدميراً الفيضانات التي يشهدها السودان هذا العام والتي خلفت أكثر من 100 قتيل، في حين تضرر أكثر من نصف مليون شخص، و43 مدرسة و2671 مرفقاً صحياً.
واجتاحت الفيضانات 16 ولاية من أصل 18، أكثرها تضرراً ولايتا الجزيرة والخرطوم، في حين واصلت وزارة الري إطلاق التحذيرات من استمرار ارتفاع مناسيب المياه في الأنهار السودانية، مشيرة إلى أنها وصلت إلى أرقام قياسية (أكثر من 17 متراً) هي الأعلى منذ بدء رصد النهر في عام 1902.
وذكرت وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية لينا الشيخ، أن معدلات الفيضانات والأمطار المسجلة هذا العام تجاوزت الأرقام القياسية المسجلة عامي 1946 و1988، مع توقعات باستمرار مؤشرات الارتفاع.
منطقة كوارث طبيعية
ونتيجة لذلك أعلن مجلس الدفاع والأمن حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر، واعتبارها “منطقة كوارث طبيعية”.
كما قالت وزارة الداخلية السودانية، في بيان لها، إنه بعد “تأكيد كل القراءات على تجاوز معدلات الفيضانات والأمطار هذا العام للأرقام القياسية، تم الإعلان عن حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر. وأوضح البيان أنه تم اعتبار السودان منطقة كوارث طبيعية، كما تم تشكيل لجنة عليا لدرء ومعالجة آثار الخريف”.
بسبب معدلات الأمطار والفيضانات للعام ٢٠٢٠م … إعلان حالة الطوارئ لمدة ٣ أشهر وتشكيل لجنة عليا لدرء ومعالجة آثار الخريف
حفظ الله البلاد والعباد pic.twitter.com/GpH7kqg8rg— وزارة الداخلية السودانية (@SMOI_2020) September 5, 2020
وأفاد مراسل TRT عربي في السودان، أن مياه الفيضانات لا تزال تغمر القرى والمدن وأودت بحياة العشرات.
ووصف مواطنون سودانيون لـTRT عربي حجم المأساة التي يعيشونها بسبب الفيضانات التي دخلت منازلهم وأغرقت محتوياتها، ليصل ارتفاع الماء في بعض المنازل إلى متر أو أكثر.
وتوقعت الوكالة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة أن يزداد الأمر سوءاً خلال الأسابيع المقبلة، حيث من المتوقع استمرار هطول الأمطار حتى نهاية الشهر الجاري.
فيضانات السودان تخلف أكثر من 100 قتيل وتضر بأكثر من نصف مليون شخص بعد ارتفاع منسوب مياه نهر النيل لأعلى مستوى منذ قرن pic.twitter.com/Cbyz87muJv
— TRT عربي (@TRTArabi) September 7, 2020
وشرح موقع أخبار السودان عن “مأساة السودانيين التي تضاعفت بانعدام مياه الشرب نتيجة لانقطاع الكهرباء لأربعة ايام، وانعدام غاز الطبخ، ممَّا أدى إلى تعطيل الحياة تماماً في القرية وشلت حركة المواطنين كلياً”.
وأشار الموقع في تقرير آخر، إلى “ارتفاع أصوات الاستغاثات من العديد من المناطق في العاصمة الخرطوم والقرى والمدن المحيطة بها، إضافة إلى ولايات سنار والجزيرة ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض”.
وأضاف: “تزايدت موجة الدمار حيث جرفت المياه قرى بالكامل في شمال وجنوب الخرطوم. وغمرت المياه أكثر من 80% من بساتين الفاكهة والخضراوات على شريط النيل الأزرق، وتضررت العديد من المحصولات النقدية المهمة التي يعتمد عليها السكان المحليون بشكل أساسي في مداخيلهم”.
محطة الخرطوم سجلت أعلى مستوى بلغ 17.58 متراً، متجاوزاً أعلى قمة مسجلة يصل إليها النيل (17.26 متراً) بـ32 سم
التغيرات المناخية وسبب الكارثة
ويعلل الأستاذ في هندسة السدود المائية محمد حافظ لـTRT عربي، سبب الكارثة قائلاً: “إن المنطقة المدارية التي يمر فيها السودان وحتى الصين، كانت غنية جداً في المياه خلال الأسابيع الماضية، بسبب غزارة الأمطار التي سقطت بكثافة أكبر من قدرات السدود، وهي مشكلة موجودة في أكثر من دولة نتيجة التغيرات المناخية التي حدثت على مدار السنوات العشرين الماضية”.
ولا يؤيد حافظ الرأي القائل بأن سد النهضة له دور في الكارثة، قائلاً إن سد النهضة حجز حوالي 6 مليارات متر مكعب كان من الممكن أن تسبب مشاكل أكبر للسودان.
وعن استمرار التغيرات المناخية في السودان، قال حافظ إنه لا يمكن السيطرة على التغيرات المناخية والعوامل المؤثرة فيها، ولا يستطيع أحد توقع ما سيحدث في السنوات القادمة، فقد يكون هناك جفاف كبير لاحقاً أو العكس.
غياب الدعم ومقترح لانتشال السودان
وفي الوقت الذي يشهد فيه السودان كارثة حقيقية، وبالرغم من وجود تحذيرات دولية بتفاقمها، فإنه من الملاحظ غياب الدعم الحقيقي والقوي له من قبل دول عربية وعالمية، باستثناء بعض الدول مثل تركيا والإمارات والسعودية.
وأعرب الأزهر الشريف، في بيان، عن خالص تضامنه مع دولة السودان، في حين قدم الهلال الأحمر التركي، الأحد، مساعدات غذائية لنحو 550 أسرة تضررت بفيضان نهر النيل، بالعاصمة السودانية.
وقال رئيس بعثة الهلال الأحمر التركي بالسودان، سردار يلماز، للأناضول: إن “أنشطة الهلال التركي مستمرة في المنطقة خلال هذه الفترة بسبب فيضان نهر النيل، وتشكل سيول في أماكن متفرقة من البلاد”.
من جانبه، أوضح مدير إدارة الطوارئ بالهلال الأحمر السوداني، رحمة محمد، أن “المساعدات الغذائية تم تقديمها لحوالي 550 أسرة، وتشمل حليباً وزيتاً وسكراً ودقيقاً”، مشيراً إلى أن الهلال الأحمر التركي يتعاون بشكل كبير ويقدم مساعدات في مختلف المجالات الإنسانية بأنحاء السودان كافة.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها تسعى لكي توزع مواد الإغاثة التي وصلت إلى الخرطوم بأسرع ما يمكن على المتضررين من جراء السيول والفيضانات من النازحين واللاجئين والمجتمعات المحلية .
وفي هذا السياق، قال الكاتب هيرمان جي كوهين (الذي كان مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الإفريقية وسفيراً للولايات المتحدة في السنغال وغامبيا وعضواً في مجلس الأمن القومي) في مقال نشره موقع “ذا هيل” القريب من الكونغرس الأمريكي: إن “السياسة الأمريكية تجاه السودان لا تزال محكومة بفترة الرئيس السابق عمر البشير، ولكن لمنع وقوع كارثة يجب على واشنطن صياغة سياسة جديدة، والانتقال إلى مرحلة جديدة ترتكز على عدة عناصر”، مشيراً إلى أن الانتعاش الاقتصادي يجب أن يكون على رأس الأولويات.
وقال هيرمان إن المعاناة في السودان تفاقمت مع تردد الولايات المتحدة في إنهاء العقوبات، خاصة مع تفشي وباء كورونا، مشيراً إلى معاناة البلاد من البطالة الواسعة والديون الخارجية والتضخم وقلة الاستثمارات.
وحذر الكاتب من أن عشرات الآلاف من المحتجين سيعودون إلى شوارع الخرطوم وينقلبون بسهولة على إدارة عبد الله حمدوك إذا لم تبتعد البلاد عن حافة الكارثة القادمة، مشيراً إلى أن السودان كان يعتمد على إيرادات النفط ولكن مع انفصال الجنوب ذهبت الإيرادات.
ودعا الكاتب وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن تطلب من الكونغرس على الفور إزالة السودان من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب، والتي تحظر فعلياً جميع المساعدات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وكان وزير الخارجية مايك بومبيو قد اقترح الانتظار حتى تدفع الحكومة السودانية التي تعاني من ضائقة مالية 335 مليون دولار لعائلات تفجيرات السفارة عام 1998، ولكن الكاتب أكد بأن المزيد من التأخير سيرقى إلى معاقبة السودانيين على أفعال ديكتاتور أطاحوا به.
واقترح الكاتب على الولايات المتحدة أن تقوم “بإنشاء طرق جديدة لمشاركة الخبرات الطبية والتكنولوجية مع السودان، على المدى القصير، لأن ذلك سيساعد في مكافحة فيروس كورونا”.
وأضاف: “على المدى الطويل، ستساعد في سد فجوة الغذاء في السودان وإعادة بناء اقتصاده، إذ يمتلك السودان إمكانات هائلة للزراعة والطاقة الشمسية، ولكن مثل كل شيء آخر، فقد تم تبديدها خلال سنوات البشير”.
وتابع: “الغذاء والتوظيف والأمن والكهرباء كلها متطلبات أساسية لنظام اقتصادي قادر على دعم شعب السودان، سيتطلب الجميع مساعدة دولية، يوماً ما، قد يساعد السودان في إطعامنا”.
وقدرت شركة ماكينزي أن إفريقيا لديها ما يقرب من 60% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم. ومع بدء تغير المناخ، قد تصبح القارة سلة خبز ، لتحقيق منفعة متبادلة كبيرة. ويمكن للسودان أن يلعب دوراً رئيسياً في هذا المستقبل.
ووفقاً لتقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية، فإن الحل الوحيد للسودان الذي لا يملك الموارد هو المساعدة الخارجية، وبحسب الكاتب، يجب أن تكون أمريكا شريكاً أساسياً في المساعدات، كما يجب أن تساعد في وضع اتفاقيات لتوحيد الجيش وإقامة سلام دائم مع حركات المعارضة.
المصدر: TRT عربي – وكالات
[ad_2]
المصدر