الصداع النصفي ضريبة الهرمونات الأنثوية
تركيا الحدث
يُعدّ الصداع النصفي أو كما هو معروف باسم الشقيقة من الاضطرابات التي تصيب الجهاز العصبي، ويسبّب بدوره نوبات من الصداع متكررة وعادةً ما يشعر بها المريض في جانب واحد من الرأس، إلى جانب عديد من الأعراض الأخرى التي سنتعرفها.
قد يستمر الألم المصاحب للنوبات المتكررة من الصداع النصفي عدّة
ساعات أو أيام، وقد يصل إلى مرحلة يتعارض فيها مع الأنشطة اليومية للمريض.
تُعدّ الشقيقة ثالث أكثر
الأمراض انتشاراً على مستوى العالم بحسب تقارير مؤسسة
أبحاث الصداع النصفي، التي
تشير إلى أنّ مرضى الصداع النصفي يتعرضون لنوبات الألم بمعدل مرة أو مرتين خلال
الشهر، في حين قد يعاني ما يزيد على 4 ملايين شخص من إجمالي المصابين البالغ عددهم مليار شخص على مستوى العالم، من أعراضه المزمنة بما لا يقل
عن 15 يوماً خلال الشهر.
أعراض الصداع النصفي
بالرجوع إلى منظمة مايوكلينيك فإنّ من الممكن تقسيم أعراض الصداع النصفي إلى
أربع مراحل، ليس من الضرورة لكلّ مريض أن يمرّ بها كلّها، وهي كالتالي:
1-
البادرة (Prodrome) أو مرحلة ما قبل
الصداع النصفي:تكون
هذه المرحلة قبل يوم أو يومين من حصول نوبة الصداع النصفي، وهي بمنزلة تحذير من
النوبة القادمة، ويرافقها أعراضٌ مثل الإمساك، وتقلبات المزاج، والرغبة الملحة في
تناول نوع معين من الطعام، وتيبّس الرقبة، إلى جانب زيادة الإحساس بالعطش والرغبة
في التبول، وأخيراً كثرة التثاؤب.
2-
الأورة (Aura): يُطلق عليها أيضاً اسم الهالة، وهي المرحلة التي تسبق الصداع
النصفي بمدّة بسيطة أو تحدث أثناءه. ويرافقها أعراض عصبية وعلى وجه الخصوص أعراض
بصرية تستمر لمدّة تتراوح بين 20 و60 دقيقة. وتشمل أعراض الهالة رؤية ومضات أضواء
أو بقع ساطعة، وقد يفقد المريض القدرة على الإبصار، إلى جانب سماعه لأصوات أو
موسيقى، وقد يشعر المريض بوجود وخز في الذراع أو الساق، أو قد يعاني من حركات
اهتزازية غير إرادية، ومن الممكن أن يواجه المريض صعوبةً في الكلام.
اقرأ أيضاً:
3-
نوبة الصداع النصفي:كما
ذُكر سابقاً فإنّ النوبة يرافقها وجود ألم في الرأس على أحد الجانبين في العادة،
ولكن هذا لا ينفي إمكانية الإحساس بألم الرأس على الجانبين، وقد يصف المريض ألم
الرأس بالألم النابض أو الخافق، وقد يصبح المريض حساساً تجاه الأضواء والأصوات
وأحياناً تجاه اللمس والروائح، كما قد يصاب المريض بالغثيان والتقيؤ، ومن الجدير
بالذّكر أنّ هذه المرحلة قد تستمر بين 4 و72 ساعة.
4-
مرحلة ما بعد النوبة: قد
يشعر المريض بعد مرور نوبة الصداع النصفي بأنّه مرتبك أو مُرهق وفاقد للتركيز مدّة
يوم، في حين قد يعّبر بعض المرضى عن شعورهم بالابتهاج، ولكن يجب التنبيه إلى أنّ
أيّ حركة مفاجئة للرأس في هذه المرحلة قد تكون كفيلة بإعادة ألم الرأس مدة وجيزة.
لماذا النساء هنّ الأكثر عرضةً
للإصابة بالصداع النصفي؟
يصيب الصداع النصفي كلا
الجنسين، وعلى الرغم من أنّ أسبابه غير معروفة تماماً إذ ترتبط بعوامل جينية
وبيئية مختلفة فإنّ الحقائق تشير، بحسب منظمة
الصحة العالمية، إلى
أنّ الصداع النصفي أكثر شيوعاً لدى النساء، وبالأرقام فإنّ امرأة
واحدة من بين 5 نساء
معرضة للإصابة بالصداع النصفي مقابل رجل واحد من بين 16 رجلاً، ويعود السبب
الرئيسي في ذلك إلى الهرمونات الأنثوية والتغيرات الحاصلة في مستوياتها داخل
الجسم.
تختلف مستويات الهرمونات
الأنثوية المتمثلة بالإستروجين والبروجيستيرون خلال حياة الأنثى نتيجة عديد من
العوامل، ويؤدّي تغيّرها أو انخفاض مستوى هرمون الإستروجين على وجه التخصيص إلى
تحفيز حدوث الصداع النصفي، وذلك عن طريق التأثير على الأوعية الدموية الدماغية واستثارة
الخلايا العصبية، والتأثير على العديد من المواد الكيميائية والنواقل العصبية
الموجودة في الدماغ المرتبطة بالشعور بالألم، بما فيها السيروتونين والدوبامين
وغيرها. وذلك حسبما أشارت إليه دراسة منشورةٌ في مجلة The Journal of Headache and Pain العلمية، وتشمل الأسباب القابعة خلف انخفاض
مستوى الهرمونات الأنثوية أو تغير مستوياتها ما يأتي:
*الدورة
الشهرية: تنخفض
الهرمونات الأنثوية إلى أقلّ مستوياتها قبل بدء الدورة الشهرية، ما يسبّب إصابة
نحو 60% من النساء بالصداع النصفي مباشرةً قبل بدء
الدورة الشهرية.
اقرأ أيضاً:
كيف
يؤثر النظام النباتي على صحة الإنسان والبيئة من حوله؟
*الحمل:يطرأ ارتفاع سريع على مستويات
الإستروجين في الجسم خلال الثلث الأول من الحمل، ما يسبّب في حقيقة الأمر تحسن
أعراض الصداع النصفي لدى عديد من النساء، خصوصاً بعد انقضاء أول ثلاثة أشهر من
الحمل، ولكن على صعيد آخر قد تعاني نساء أخريات من الصداع النصفي خلال الحمل. ومن
الجدير بالذّكر أنّه في حال اختفاء نوبات الصداع النصفي خلال الحمل فإنّها تعود من
جديد بعد الولادة، بسبب الانخفاض المفاجئ في مستوى الإستروجين الحاصل حينها.
*حبوب
منع الحمل: تسبّب
حبوب منع الحمل صعوداً وهبوطاً في مستويات الهرمونات الأنثوية، ويُعزى ذلك إلى
أنّه يجب استخدام حبوب منع الحمل لمدّة 3 أسابيع يصحبها مستويات مستقرة من
الهرمونات، ويليها أسبوع يتمّ التوقف فيه عن تناول الحبوب، أو قد يتمّ فيه استخدام
الحبوب الوهمية التي لا تحتوي على الهرمونات، وذلك بحسب نوع مانع الحمل المستخدم،
وفي كلتا الحالتين يرافق ذلك انخفاض في مستويات الإستروجين المسبّب بدوره للصداع
النصفي.
*سن
اليأس: تتذبذب
مستويات الهرمونات الأنثوية في السنوات السابقة لسنّ اليأس، ما يسبّب إصابة عديد
من النّساء بالصداع النصفي بهذه المرحلة، ولكنّ نحو ثلثي
النساء يلاحظن تحسناً في الأعراض بمجرد الوصول إلى سنّ اليأس.
*العلاج
بالهرمونات البديلة: قد
يرافق الاستعانة بالعلاج بالهرمونات البديلة للسيطرة على أعراض سن اليأس تقلبات
هرمونية تعمل على تحفيز حدوث الصداع النصفي لدى بعض النساء.
العلاجات المنزلية لتخفيف
الصداع النصفي
يجب التنبيه بدايةً أنّه لا
يوجد علاج للصداع النصفي، فالعلاجات الموجودة ما هي إلّا طرق للوقاية من الإصابة
بنوبات الصداع النصفي، أو تخفيف أعراضه حال حصوله. وتشمل الأدوية الوقائية مجموعة
من الأدوية تحتاج وصفة طبية ولا يمكن الحصول عليها دون مراجعة الطبيب، وبالنسبة
إلى خيارات العلاجات المنزلية فإنّه يُنصَح باتّباع ما يأتي استناداً إلى نصائح
منظمة مايوكلينيك، ونصائح الطبيبة البريطانية هيلين ويبرلي في مقال
لها منشور في موقع Medical News Today الطبي:
*تناول
مسكّنات الألم التي لا تحتاج وصفة طبية فور بدء أعراض النوبة، مثل الأسيتامينوفين
أو الإيبوبروفين أو النابروكسين، ويجدر التنبيه هنا إلى ضرورة استشارة المرأة
الحامل الطبيب.
*الانتقال
إلى غرفة معتمة وهادئة تجنباً للأضواء والأصوات التي من الممكن أن تجعل الأعراض
أكثر سوءاً.
*وضع
الكمادات الباردة أو الساخنة على الرأس والرقبة، وقد يفي حمام دافئ بالغرض، إذ
تمتلك الكمادات الباردة تأثيراً مخدراً، في حين تعمل الكمادات الساخنة على إرخاء
العضلات المشدودة.
*الحصول
على قسط جيد من النوم إن استطاع المريض.
*الاحتفاظ
بمذكرة يتمّ فيها كتابة الأكل أو الشراب أو الفعل الذي قام به المريض قبل بدء نوبة
الصداع النصفي، وذلك بهدف تعرّفه على محفزات نوبات الشقيقة الخاصة به من أجل
تجنّبها مستقبلاً، والتي قد تشمل الضغط النفسي، وانخفاض مستوى السّكر في الدّم،
والإجهاد البدني، والأضواء الساطعة أو الوامضة، وبعض الأطعمة والأشربة مثل
الشوكولاتة والكافيين والجبنة المعتقة والكحول.
*اتّباع
الأساليب الوقائية التي تشمل الحصول على نوم صحي، والتغذية السليمة المتوازنة،
وشرب كمية وافرة من السوائل، وممارسة التمارين الرياضية وتمارين الاسترخاء،
ومحاولة التحكّم بالضغط النفسي.
المصدر: TRT عربي