عندما تكون لقمة عيش صيادي غزة مغمسة بالدم
[ad_1]
أن تكون صياداً في أي دولة من دول العالم فأنت تعمل في مهنة تعتبر ممتعة وشيقة، لكن أن تكون صياداً من قطاع غزة فهذا يعني أنك معرض للموت في أي لحظة، سواء من الجيش الإسرائيلي أو حتى المصري.
حسن
(26 عاماً)، محمود(22 عاماً)، ياسر
الزعزوع (19 عاماً) ثلاثة أشقاء يعملون في مهنة الصيد في بحر غزة من أجل كسب قوت
يومهم، في مساء يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول ذهب الأشقاء
الثلاثة ومعهم شقيقهم الرابع أحمد من أجل مساعدتهم في رفع معدات الصيد.
مصير
مجهول
ركب
الأشقاء الثلاثة قاربهم وذهبوا للبحث عن رزقهم في عرض البحر، لكنهم لم يعلموا أن
هذه الرحلة ستكون مختلفة عن باقي الرحلات. بالقرب من الحدود البحرية المصرية مع
مدينة رفح جنوب قطاع غزة حدث ما لم يكن بالحسبان، عندما أطلق الجنود المصريون
الرصاص بطريقة مباشرة على قارب الصيادين دون رحمة، ليستشهد منهم اثنان ويصاب
الثالث.
لم
تكن العائلة حتى اللحظة تعلم بالتفاصيل السابقة، ازداد القلق والتوتر على العائلة
بفقدان ثلاثة من أبنائهم في عرض البحر دون معرفة لمصيرهم المجهول، مرت الساعات
وبدأت معها دقات قلب والدتهم بالخفقان والنبض لمعرفة مصير أبنائها الذين كانت
الأقاويل تقول إن اثنين منهم سقطا شهيدين وأصيب الثالث، لكن الأقاويل كانت هي
الحقيقة.
يسرد
شقيقهم أحمد الذي يعمل على إيصالهم إلى الميناء بشكل يومي التفاصيل: “ذهبت
كالمعتاد من أجل إيصال أشقائي إلى ميناء دير البلح في مساء يوم الخميس، وقمنا بوضع
معدات الصيد على القارب، واتفقت معهم على أن أرجع في صباح يوم الجمعة من أجل
مساعدتهم في نقل الأسماك وبيعها والعودة إلى المنزل”.
خمسون
رصاصة اخترقت جسده
ويتابع
قائلاً لـTRT عربي: “في الصباح ذهبت إلى الميناء لكن لم يحضر إخوتي على غير
العادة، عندها تساءلت أين هم؟ قمت بسؤال أكثر من صياد إن كانوا شاهدوا أشقائي، لكن
لم يشاهدهم أحد، بعدها رجعت إلى البيت وحدي، وقمت بإخبار عائلتي أن أشقائي ما
يزالون في البحر”.
أنقذهم
فقتلوه
وعن
إنقاذ شقيقه للصيادين المصريين قبل عام، أوضح أن شقيقه محمود “قام بالمشاركة
في إنقاذ الصيادين المصريين قبل عام برفقة الشرطة البحرية الفلسطينية، وكان أخي
الآخر ياسر ينتظره على الشاطئ”، مشيراً إلى أن الأطباء أخبروهم أن حسن تعرض
لأكثر من خمسين طلقاً نارياً في أنحاء جسده، في حين كان الطلق الناري في رأس محمود.
وبجانب
أحمد يجلس والده الذي يتكئ على عكازه، يقول والدهم محمد لـTRT عربي: “في مساء
يوم الخميس اتصلت بي الشرطة البحرية الفلسطينية، وقامت بإخباري أن أبنائي تعرضوا
لإصابات وهم يعملون في البحر”.
ويضيف
وقلبه يعتصر ألماً على فراق فلذات كبده: “في يوم السبت جاءنا خبر استشهاد حسن
ومحمد، وإصابة ياسر الذي ما يزال معتقلاً في مصر. لم يكن بحوزتهم أي سلاح وإنما
ذهبوا من أجل البحث عن الرزق، ماذا فعل أبنائي ليتم قتلهم بهذه الطريقة؟!”.
ويتابع
والدهم: “كان أبنائي يعملون معي في مزرعة الدواجن، أصبحت بلا عمل أنا وأبنائي
بعد أن كنا نمتلك مزرعة دجاج، لكن في العدوان الإسرائيلي على غزة قصفت تلك المزرعة
وتراكمت علينا الديون، ولم يعوضنا أحد”.
وأشار
إلى أنه لم يمض على شرائهم للقارب سوى عشرين يوماً “ولَم نقم بسداد ثمنه حتى
الآن”، وطالب والدهم بأن يتم الإفراج عن ابنه ياسر المعتقل في مصر، “وأن
تتم محاسبة ومعاقبة الأشخاص الذين قتلوا أبنائي”.
قُتِل قبل زواجه
تقول
والدتهم نوال والدموع تذرف من عينيها: “يوم أمس جاءني خبر استشهادهم شعرت
بالحزن والحرقة التي ملأت قلبي، ما ذنب أبنائي ليتم قتلهم بهذه الطريقة؟! هم ذهبوا
من أجل البحث عن لقمة العيش، فوالدهم يعاني من مرض في الدم منذ أربعة أعوام”.
وتضيف:
“ابني المعتقل ياسر ترك المدرسة من أجل العمل نتيجة الظروف الصعبة التي نمر
بها، أما ابني حسن فكان يجهز لزواجه، كان من المقرر أن يكون عرسه قبل أشهر قليلة،
لكنه قام بتأجيل عرسه بسبب وفاة عمه، على أن يتزوج بعد مرور عام، لكنه استشهد قبل
زواجه، أتمنى من المصريين أن يفرجوا عن ابني المصاب ياسر وأن أحتضنه في القريب
العاجل”.
خلال
خمس سنوات قتل الجيش المصري 5 صيادين
ومن
جانبه، يقول مسؤول لجان الصيادين باتحاد لجان العمل الزراعي زكريا بكر:
“موقفنا في لجان الصيادين هو توفير حماية دولية للصيادين، ورفع الحصار البري
والبحري، وجبر الضرر وتعويض الصيادين عن الخسائر التي لحقت بهم”.
ويضيف
بكر لـTRT عربي:
“جريمة القتل التي
ارتكبها الجيش المصري هي جريمة يجب إدانتها وفتح تحقيق ومحاسبة من نفذ تلك
الجريمة، ويجب على مصر أن تحافظ على عروبتها وأن تكون حاضنة للكل الفلسطيني
لا قتلهم، فمنذ عام 2015 قتل الجيش المصري 5 صيادين”.
ويتابع:
“نحن كلجان صيادين شعرنا بالصدمة من عملية القتل خاصة أنها كانت بأيدٍ عربية،
أما من يتم قتله على يد الأعداء فهذا الوضع الطبيعي لأنك تحارب عدواً لك وتعتبره
شهيد الوطن، أما عملية القتل بأيدٍ عربية فهي جريمة نكراء”.
ويشير
بكر إلى أنه وبشكل مستمر يتلاعب الاحتلال الإسرائيلي بمساحات الصيد، فخلال العام
الحالي الاحتلال تلاعب بمساحات الصيد 10 مرات، كانت منها عملية إغلاق شامل استمرت
16 يوماً، ودائماً ما يقوم بتقسيم البحر إلى عدة أقسام، في الوقت الحالي من ميناء
غزة وحتى منطقة السودانية (6 أميال)، ومن ميناء غزة حتى رفح (ما يقارب 12 ميلاً
فقط).
ويشير
بكر إلى أن معاناة الصياد الفلسطيني تتلخص في الحصار البحري الخانق، ومنع إدخال
معدات الصيد منذ عام 2006، وعمليات الملاحقة والمطاردة اليومية وما ينتج عنها من
قتل واعتقال وتدمير ومصادرة القوارب، إضافة إلى استخدامكل أنواع الأسلحة باتجاه الصيادين ومراكبهم، مطالباً أن تتوقف
إسرائيل ومصر عن قتل الصيادين، وأنه يجب عليهما التعامل معهم على أساس أنهم صيادون
مدنيون عزل.
إغلاق
البحر
وشيعت
جماهير غفيرة جثماني المغدورين يوم الأحد بمقبرة دير البلح، وأعلنت نقابة الصيادين
الفلسطينيين بأن البحر سيكون مغلقاً من عصر يوم الأحد حتى يوم الاثنين تضامناً مع
شهيدي عائلة الزعزوع اللذين وقعا ضحية للحادث الأليم.
يذكر
أن صاحب القارب سامح عائلة الزعزوع بالمبلغ المستدان والمتبقي من سعر القارب،
والذي يقدر بـ4000 شيكل بما يعادل 1200 دولار، المتبقي على الصيادين الثلاثة، على
أن يعيد الذهب المرهون لديه لوالدة الشهداء.
ويلاحظ
الاختلاف في التعامل مع الصيادين المصريين، ففي السابع عشر من يناير/كانون الثاني
عام 2019 تحطم مركب مجموعة من الصيادين المصريين قبالة بحر غزة، والذين بلغ عددهم
ستة صيادين، ليتم إنقاذهم عن طريق البحرية الفلسطينية بمساعدة الصيادين، بعد ذلك
سلمتهم الحكومة الفلسطينية للجانب المصري.
المصدر: TRT عربي