الحرب بين أرمينيا وأذربيجان وشيكة إلى حدٍّ خطير
[ad_1]
اتهمت أذربيجان أرمينيا بالسعي لاستهداف البنية التحتية الحيوية المرتبطة بالطاقة في البلاد، إذ إنَّ القتال في منطقة ناغورنو كاراباخ شديدة التحصين يُهدّد مُجدَّداً بإدخال كلا البلدين في حرب شاملة.
قالت ليلى عبداللاييفا،
المتحدثة الرسمية باسم وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيراموف: “إنَّهم
يريدون تخريب البنية التحتية الحيوية للبلاد”، مؤكدة أهمية مساهمة بلادها في
سوق الطاقة العالمي.
اشتعلت التوترات المحتدمة بين الجارتين خلال عطلة نهاية
الأسبوع، إذ اتهم كل طرف الطرف الآخر ببدء الهجوم على مواقعه.
قالت ليلى عبداللاييفا في
تصريحات لـTRT: “تسعى أرمينيا لاستغلال صراع كاراباخ لصرف انتباه سكانها عن
الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في البلاد”.
يجدر الإشارة إلى أنَّ منطقة
ناغورنو كاراباخ المعترف دولياً بأنَّها أرض محتلة، تخضع لسيطرة أرمينيا منذ أن
خاض الجانبان حرباً مريرة بين عامَي 1991 و1993، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص
وتشريد أكثر من مليون.
سئمت أذربيجان من التقاعس
الدولي عن اتخاذ إجراءات بشأن هذه القضية، على الرغم من أنَّ القانون الدولي
والعديد من قرارات الأمم المتحدة تؤكد أنَّ منطقة كاراباخ أرض محتلة تابعة لباكو
عاصمة أذربيجان.
تصاعدت وتيرة “الاستفزاز”
الأرميني، كما أطلقت عليها ليلى عبداللاييفا منذ يوليو/تموز، عندما تسبَّبت
مناوشات، اندلعت بين الجانبين على حدودهما البعيدة عن منطقة كاراباخ واستمرت عدة
أيام، في إعادة تركيز الاهتمام الدولي على هذا النزاع.
وقام الجيش الأذربيجاني في
أواخر أغسطس/آب، بأسر قائد عسكري أرميني اتهموه بالتحضير لعمليات
تخريبية داخل البلاد.
قالت ليلى: “يجب تأكيد
أنَّ الجيش الأذربيجاني يقاتل على أراضيه داخل حدود أذربيجان المعترف بها دولياً،
في حين أنَّ جيش أرمينيا موجود بصورة غير قانونية على أراضي أذربيجانية”،
مضيفة أنَّ “السبب الجذري للقتال هو استمرار السياسات العدوانية
لأرمينيا”.
الجغرافيا
السياسية للطاقة
قد يكون خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول (تاناب)، الذي اُفتتح عام
2018، وينقل الغاز من أذربيجان عبر جورجيا وتركيا إلى أوروبا متجاوزاً أرمينيا،
معرَّضاً للخطر في الحرب بين الجانبين.
لن تشعر روسيا التي تدعم
أرمينيا منذ فترة طويلة، بخيبة أمل مفرطة في حال توقف تدفق الغاز من خط أنابيب
“تاناب”، الذي يخفف قبضة موسكو على سوق الطاقة في أوروبا.
تبيع موسكو الأسلحة لكلا
البلدين، وحتى في الوقت الذي تعمل فيه على توثيق العلاقات مع النخبة السياسية في
أذربيجان في السنوات الأخيرة، فإنَّها لا تزال أقرب إلى أرمينيا من الناحية
الاستراتيجية.
قد يبرر هذا الموقف سعي موسكو
لإنشاء مشروع خط أنابيب غاز مثير للجدل بين ألمانيا وروسيا يُدعى “نورد ستريم
2″، الذي تضغط الولايات المتحدة الأمريكية لوقفه.
بالتأكيد يرى البعض في
أذربيجان أنَّ دور روسيا في الصراع مدفوع باعتبارات تتعلّق بالطاقة.
قال
علي حاجيزاد، محلل سياسي ومدير مشروع الشرق الأوسط الكبير في باكو: “لماذا تعتقد
أنَّ الجيش الأرميني بدأ القتال في يوليو/تموز، على مسافة نحو 30-40 كيلومتراً من
خطوط أنابيب النفط والغاز الاستراتيجية؟ من الذي -لا يعير اهتماماً- لديه مصلحة في
عرقلة ظهور مصادر غاز بديلة في الأسواق الأوروبية؟ أعتقد إذا وجد المرء إجابة عن
هذا السؤال، فإنَّ كل الأسئلة الأخرى ستصبح غير ذات صلة”.
عندما ألحت عليه TRT بالاستفسارات لمعرفة ما إذا
كان يشير إلى روسيا، قال حاجيزاد إنَّه لا يرى إجابة أخرى.
وأضاف حاجيزاد: “لقد
أفاد الجانب الأذربيجاني مراراً، على مستويات مختلفة، أنَّ الاستفزاز على الحدود
في يوليو/تموز، كان مجرد بروفة، وأنَّ أرمينيا تستعد لحرب كبيرة”.
تأتي المواجهة بين الجانبين
في لحظة محفوفة بالمخاطر على الصعيد الدولي. انتهت فترة ولاية الأمين العام لمنظمة
الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) في يوليو/تموز، ولا يزال المنصب شاغراً حتى الآن.
كانت “مجموعة
مينسك” التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا معنية بإدارة المحادثات بين
كلا الجانبين الأذربيجاني والأرميني منذ إنشائها عام 1992 في محاولة لحل نزاع
كاراباخ.
لكن منذ ذلك الحين، وجدت
مجموعة مينسك بقيادة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، صعوبة في إحراز أي تقدم.
تفتقر باكو أيضاً إلى الثقة
في هذه المجموعة، إذ تشك في أنَّه نظراً إلى أن الدول الثلاث التي تقودها لديها
جالية أرمينية مغتربة كبيرة تتمتع بقدرٍ كبير من قوى الضغط، فلا يوجد حافز لحل
النزاع.
يضاف إلى مسار الأزمة جائحة
عالمية لا تزال مستعرة على قدمٍ وساق ولقاح لا يزال يفصلنا عن إنتاجه أشهر إن لم
يكن سنوات. أصيب الدور الأمريكي بالشلل بسبب سباق انتخابات الرئاسة المرير على نحو
متزايد ومع معاناة الدول الأوروبية من التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا،
فإنَّ الصراع بين أرمينيا وأذربيجان قد يخرج عن السيطرة بسهولة.
وأشار حاجيزاد إلى أنَّ
المفاوضات التي جرت تحت رعاية مجموعة مينسك “لم تسفر عن أي نتيجة على
الإطلاق”.
وقال: “لم تعلن مجموعة
مينسك ولا المجتمع الدولي، باستثناء دول معينة، صراحة حتى الآن مَن الضحية ومَن
المعتدي في هذا الصراع”. وأضاف: “لم تُفرض أية عقوبات على
أرمينيا”.
يتمثَّل الأمر الأكثر إثارة
للقلق في أنَّ حاجيزاد يعتقد أنَّ دور المجتمع الدولي كان “هدّاماً”
وفشل في إخضاع أرمينيا للمساءلة.
قال حاجيزاد: “ندرك
بالطبع أنَّ الحرب تعني الموت وسفك الدماء، لكن لم يُترك لنا خيار آخر. كلما
تسامحت أذربيجان وقدّمت تنازلات، ارتفع سقف المطالب غير الواقعية من الجانب
الأرميني. لقد حان الوقت لوضع حد لذلك”.
وكان رئيس وزراء أرمينيا نيكول
باشينيان حثَّ شعبه على “التوحد للدفاع عن تاريخنا ووطننا وهويتنا ومستقبلنا
وحاضرنا” بحال خاض الجانبان حرباً بعضهما ضد البعض.
قفاز مخملي
وقبضة حديدية
وصل باشينيان إلى السلطة عام
2018، على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أُعلن عنها باسم “الثورة
المخملية”.
في ذلك الوقت، أشاد الاتحاد
الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة بباشينيان لتوجيه البلاد بعيداً عن إراقة
الدماء واستخدام الوسائل السلمية لتغيير الحكومة.
شهد المجتمع الدولي وصول
حكومة ديمقراطية وأكثر ليبرالية إلى السلطة. لكن التغيير الحكومي في أذربيجان نُظر
إليه من منظور مختلف.
وقال رصيف حسينوف خبير السياسة
الخارجية ومدير مركز Topchubashov للأبحاث في باكو، إنّ حكومة أكثر “عدائية وقومية” جاءت
إلى السلطة.
أرسل باشينيان ابنه للخدمة في
منطقة كاراباخ المحتلة، ونظّمت زوجته مؤخراً تدريبات عسكرية لعشرات الأرمينيات،
الأمر الذي أظهر لحسينوف “مستوى عسكرة المجتمع الأرميني”.
في أغسطس/آب 2019، ألقى
باشينيان خطاباً أمام الآلاف قال فيه: “كاراباخ هي أرمينيا”، في محاولة
لدمج منطقة كاراباخ بالقوة مع أرمينيا، ووصفها حسينوف لـTRT بأنَّها “طموحات
وحدوية أرمينية”.
لا تدعم أرمينيا ضم منطقة
كاراباخ فحسب، بل تحتل أيضاً المناطق المحيطة بها، التي تُشكّل مجتمعة ما يقارب
20% من أراضي أذربيجان.
رفض وزير الدفاع الأرميني
ديفيد تونويان رفضاً قاطعاً صيغة أذربيجانية مفادها “الأرض مقابل
السلام” لحل النزاع، وذلك خلال زيارة له إلى الولايات المتحدة عام 2019.
وبدلاً من ذلك، تتبنى حكومة باشينيان صيغة جديدة مفادها “حرب جديدة من أجل
مناطق جديدة”.
تسعى الصيغة الجديدة لردع
أذربيجان على نحوٍ فعال عن محاولة استعادة أراضيها المحتلة، وترك الخيار مفتوحاً
لاحتلال المزيد من الأراضي. تنظر أذربيجان إلى تلك النبرة الجديدة في خطاب أرمينيا
باعتبارها نقطة تحوُّل ويتأهب كلا الجانبين حالياً لدخول مرحلة جديدة خطيرة.
قال حسينوف إنَّ
“المؤسسة السياسية والعسكرية الأذربيجانية على الأرجح ستباشر العمل قدر
الإمكان من أجل إنهاء الاحتلال الأرميني للأراضي الأذربيجانية. هذه ضرورة واجبة في
الوقت الحاضر”.
المصدر: TRT عربي