هل نجحت إيران في إبعاد الولايات المتحدة عن العراق؟
[ad_1]
بعد أشهر من هجمات تشنها جماعات تابعة لإيران على المصالح الأمريكية في العراق، وعلى الرغم من الهدنة المعلنة والمشروطة بالانسحاب الأمريكي من البلاد، يبدو أن إيران نجحت إلى حد كبير في إبعاد واشنطن عن بغداد، وسط تفكير الأولى بإغلاق سفارتها في بغداد.
كان هدف إيران المتغلغلة في الشأن العراقي هو إخراج القوات الأمريكية من البلاد، وتحييد تأثير واشنطن في سياستها الداخلية. هدفٌ أخذ بُعداً انتقامياً أكثر إلحاحاً منذ اغتالت واشنطن كلّاً من قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، في قصف جوي في بغداد، في 3 يناير/كانون الثاني الماضي.
منذ ذلك الحين تصاعدت هجمات يشنّها “مجهولون” بالقصف الصاروخي على “المنطقة الخضراء”، حيث مقر السفارة الأمريكية، بالإضافة إلى استهداف قواعد عسكرية تستضيف القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، وشنّ هجمات بعبوات ناسفة ضد أرتال تنقل معدات لوجستية للتحالف بقيادة واشنطن.
هذا التصعيد يبدو أنه قد أتى أُكُله، إذ هدّد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الشهر الماضي، بإغلاق سفارة بلاده في العاصمة العراقية بغداد، حال استمرار الهجمات الصاروخية التي تستهدفها، وهو ما أطلق حالة توتّر سياسي في البلاد، وبدا كأنه انتصار لإيران من خلال مليشياتها العاملة في البلاد.
#العراق.. فصائل مسلحة تعلق هجماتها على القوات الأمريكية لحين وضع جدول لانسحابها pic.twitter.com/wvkNikLoct
— TRT عربي (@TRTArabi) October 12, 2020
هدنة مشروطة بالانسحاب
في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، استهدف انفجار بعبوة ناسفة قافلة تنقل معدات للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على طريق سريع جنوب بغداد، مما أدى إلى إتلاف إحدى المركبات، وفق بيان للجيش العراقي.
بعد ذلك بساعات قليلة، وافقت مليشيات عراقية مدعومة من إيران على وقف مؤقت للهجمات التي تستهدف الوجود الأمريكي في العراق بشرط انسحاب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من البلاد، تماشياً مع قرار برلماني، حسبما قال ثلاثة من مسؤولي المليشيات الأحد، لوكالة أسوشيتد برس.
غير أن الهجوم أثار شكوكاً حول ما إذا كانت مثل هذه الهدنة، التي أعلنتها المليشيات، يُمكن أن تصمد في أوساط فصائل المليشيات كافة، خصوصاً أن القنابل التي تُزرع على جانب الطرق والهجمات الصاروخية التي تستهدف السفارة الأمريكية، أصبحت حدثاً متكرراً لا يُعرف مرتكبوه بالاسم.
وعرضت المليشيات هدنة تمتنع بموجبها عن استهداف مصالح الولايات المتحدة في العراق، بما في ذلك السفارة الأمريكية، شرط انسحاب القوات الأمريكية ضمن “إطار زمني مقبول”، حسب محمد محيي، المتحدث باسم كتائب حزب الله المدعومة من إيران، الذي قال: “إذا لم تنسحب فسوف تستأنف فصائل المقاومة نشاطها العسكري بكل الإمكانيات المتاحة لها”.
وردد فصيلان آخران من جماعات مختلفة مدعومة من إيران تصريحات محيي، دون تحديد مدة الهدنة، وقالوا إنها مفتوحة، في ما يعكس هدوءاً نسبياً بعد أسابيع من التوترات، حسب ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.
“الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية”، التي يُعتقد أنها تضمّ مجموعة من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحقّ وحركة النجباء، أصدرت السبت بياناً أعلنت فيه “وقف عملياتها ضد الأجانب، بخاصة القوات والمصالح الأمريكية في العراق”.
في هذا الصدد قال محمد محيي إن “الهدنة جاءت بعد تدخُّل شخصيات رئيسية ووسطاء لإقناع هذه الفصائل بوقف عمليات القصف حتى نهاية الانتخابات الأمريكية… هذه كانت الرسائل التي نقلتها هذه الشخصيات”.
ويبدو أن جنين هينيس بلاسخارت، موفدة الأمم المتحدة إلى العراق، لعبت دوراً مهماً في التوصل إلى هذه الهدنة، إذ عقدت اجتماعاً مع عبد العزيز أبو فدك، نائب قائد قوات الحشد الشعبي وقائد كتائب حزب الله.
تهديد أمريكي وتخوُّف عراقي رسمي
كان نواب البرلمان العراقي صوتوا في يناير/كانون الثاني الماضي على قرار غير ملزم بطرد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة المنتشرة في البلاد، وذلك في أعقاب الغارة التي اغتالت قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بالقرب من مطار بغداد الدولي.
هذا القرار اتخذته الجماعات المسلحة ذريعة لتكثيف هجماتها، كما أنها ضمّنته كإطار في الهدنة التي أعلنتها، في الوقت الذي لا تزال تحذّر فيه إدارة ترمب القيادة العراقية من أنها ستغلق السفارة الأمريكية في بغداد إن لم يجرِ احتواء الجماعات المسلحة.
وتُلقي الولايات المتحدة باللائمة على الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بخاصة كتائب حزب الله، في شن هجمات ضد الوجود الأمريكي في العراق، فيما يقول مسؤولون أمريكيون إن التهديد “خطير لكنه لا يمثل إنذاراً وشيكاً”.
ويتزامن إعلان الجماعات المسلحة الهدنة، مع تحوُّل واضح في الخطاب الأمريكي، إذ بدأت واشنطن تفكّر جدياً في إغلاق سفارتها ببغداد، بعد أن بدأت تقليص قوّاتها في البلاد تحت ذريعة فيروس كورونا، إذ هدّد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الشهر الماضي، بإغلاق سفارة بلاده في بغداد إذا لم تتوقف عمليات استهداف المصالح الأمريكية.
هذا التهديد بدا كأنه انتصار لإيران من خلال مليشياتها العاملة في البلاد، لكنّه أطلق في المقابل حالة توتُّر سياسي في البلاد، بعدما قال مسؤولون عراقيون إن إغلاق السفارة الأمريكية من شأنه عزل العراق عن باقي العالم.
ولتخفيف التهديد الأمريكي، أشار وزير المالية العراقي فؤاد حسين، عقب اتصال هاتفي من بومبيو السبت، إلى التهديد باعتباره “قراراً أوّلياً”، وأن كلا الطرفين كان ناقش “احتمالات مستقبلية متعددة” تتعلق بالبعثات الدبلوماسية داخل المنطقة الخضراء.
وللتقليل من شأن إعلان إغلاق السفارة كذلك، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للتليفزيون العراقي الرسمي، إنه ليس تهديداً رسمياً من جانب الولايات المتحدة بقدر ما هو “مصدر إزعاج”.
المصدر: TRT عربي – وكالات