الكونغرس اليهودي العالمي وعملية التطبيع “العربي” مع إسرائيل
[ad_1]
في كلّ مرّة، تُطرحُ أسئلةٌ كثيرة حول منظمة الكونغرس اليهودي العالمي، وحول إذا ما كانت تلعبُ دوراً في دعم مسار التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية مثل الإمارات والبحرين مؤخراً.
وصلت التساؤلات حول الكونغرس اليهودي العالمي وعلاقته بمسار التطبيع مع إسرائيل إلى ذروتها
بخاصّة بعد حادثةٍ سابقة تتعلّق بزيارة رئيس الكونغرس رجل الأعمال الأمريكي رونالد
لاودر مصر ولقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عديد من المرات.
الكونغرس اليهودي العالمي منظمة أهلية يهودية بأهداف عالمية
“الكونغرس اليهودي العالمي” أو “المؤتمر اليهودي
العالمي” (WJC)، هو منظمة دولية عالمية طوعية، تجمع كلاً من الجاليات والمنظمات
اليهوديّة في العالم، إضافةً إلى الأفراد، تأسس في مدينة جنيف السويسرية عام 1936،
يرأسها منذ عام 2007 رجل الأعمال الأمريكي رونالد لاودر.
وعمل لاودر سابقاً في عددٍ من الوظائف الرسمية في الحكومة
الأمريكيّة، فما بين عامي 1983 و1986 شغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي
لشؤون أوروبا وحلف شمال الأطلسي، وفي عام 1986 عينه الرئيس الأمريكي ريغن سفيراً
للولايات المتحدة الأمريكية في النمسا، ويُعرف عن لاودر تبرعاته السخية لليهود في
مختلف أنحاء العالم.
وتُظهِر معطيات تأسيس المنظمة أن المنظمة أُنشئت لمواجهة تصاعد الفكر
النازي في أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي، وحسب الموسوعة البريطانية كانت منظمة
(WJC) أول منظمة تحذر العالم من “الحل النهائي” للنازيين،
وذلك عبر برقية أرسلت إلى دول الحلفاء في شهر أغسطس/آب عام 1942. وعلى أثر انتهاء
الحرب العالمية الثانية عملت المنظمة على الاستحصال على تعويضات ما يسمى
بـ”المحرقة اليهودية”، وفي تسعينيات القرن العشرين شاركت في تأسيس
“منظمة التعويض اليهودية العالمية”، التي تعمل على استعادة الممتلكات
اليهودية التي صودرت خلال الحرب العالمية الثانية، حسب ادعاءاتهم.
ويضم الكونغرس اليهودي العالمي منظمات في أكثر من 80 دولة، ويقع
مقرها الرئيسيّ في مدينة نيويورك، ولها مكاتب في عديد من دول العالم، وحسب
المنظمة، تهدف بشكلٍ رئيسي إلى “استحثاث بقاء الشعب اليهودي، وتمثيل
مصالحه”، وتشمل مروحة أهدافها تعزيز التضامن بين الجاليات اليهوديّة، وتأمين
مصالح اليهود أينما تعرَّضوا للتهديد، إضافةً إلى مساعدة تطوير حياة اليهود في
أرجاء العالم، من النواحي الاجتماعية والدينية والثقافية والتربوية، ونقل التراث
اليهودي من جيلٍ إلى آخر.
دعم “إسرائيل” أبرز أعمال الكونغرس اليهودي العالمي
يؤكد المؤتمر اليهودي العالمي المكانة المركزية
لـ”إسرائيل” في واقع اليهود في عالم اليوم، وتعد في أدبياتها الدولة
العبرية تجسيداً حقيقياً للهوية اليهوديّة المعاصرة، لذلك تحرص المنظمة على تمتين
العلاقة معها، وتقوية علاقات الجاليات اليهوديّة في مختلف أنحاء العالم مع “إسرائيل”،
وتضع دعم “إسرائيل” ومواجهة من يسعى لسحب الشرعية عنها في مقدمة
نشاطاتها.
اقرأ أيضاً:
سياسة
ترمب والتطبيع “العربي” مع إسرائيل.. هل تلحق السعودية؟
وتُظهِر أنشطة المنظمة ترحيبها بأي اتفاقيات أو تعاون تقوم به
“إسرائيل” مع دول العالم، كما تظهر رفضها واستياءها من أي محاولات لدول
أو منظمات تعمل على إظهار وجه الاحتلال الحقيقي.
ففي عام 2010 شجب رئيس المنظمة لاودر إصدار مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريراً تناول الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية
التركي، الذي حاول كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وسقط على متنه عددٌ من
الشهداء الأتراك. ووصف لاودر التقرير بأنه “غير متوازن ومتحيز إلى حد
كبير”، واصفاً مجلس حقوق الإنسان بأنه “فقد بوصلته الأخلاقية”.
وفي سياق دعم الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المؤتمر اليهودي بالشراكة
مع أذرع “إسرائيل” الدبلوماسية الأخرى، عمل حركة مقاطعة الاحتلال (BDS) التي تنشط في مختلف أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة على وجه
الخصوص، ففي شهر حزيران/يونيو 2016 نظمت البعثة الإسرائيلية في الأمم المتحدة
والمؤتمر اليهودي العالمي بالشراكة مع مجموعات ضغط إسرائيلية أخرى، مؤتمراً يهدف
إلى “القضاء على حركة (BDS)”.
وفي كلمة رونالد لاودر أعلن أن “عهد اليهودي الهادئ الخجول قد
انتهى”، وقال إنه “لم يعد علينا الاعتماد على الآخرين لحمايتنا”،
وناشد لاودر الطلاب أن يتنبهوا لأقرانهم وأساتذتهم الداعمين لحركة المقاطعة، وحثهم
على الاتصال بالمنظمة إن اكتشف أحد الطلاب أن مدرسته أو جامعته أو أحد أساتذته
يدعمون حركة المقاطعة بأي شكلٍ، وتعهد بأنه سيشن حملة يدفع بها خريجي هذه المدارس
والجامعات إلى وقف تبرعاتهم رداً على تعاونهم مع حركة المقاطعة.
وفي 29 من مارس/آذار 2017 نظمت البعثة الإسرائيلية في الأمم المتحدة لقاءً آخر
للبحث في مواجهة حركة المقاطعة، شارك فيه المدير التنفيذي للكونغرس اليهودي
العالمي روبرت سينغر، الذي ألقى كلمة في اللقاء.
واستطاعت المنظمة من خلال جهودها المكثفة أن تجذب شخصيات دولية، ففي
عام 2017 ألقى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كلمة أمام لقاء جمع
المندوبين في الجمعية العامة للمؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك، وجرى الاجتماع
بالتزامن مع ذكرى “المحرقة اليهودية”، ليكون بذلك أول أمين عام للأمم
المتحدة يلقي كلمة أمام مؤتمر يهودي عالمي، ويتناول في كلمته “التحيز ضد
إسرائيل” بشكلٍ علني، فقد قال في كلمته إنه سيكون “على الخطوط الأمامية
في مكافحة معاداة السامية”، وشدد على أن “من حق (إسرائيل) العيش بسلام
وأمن مع جيرانها” ، وأن “إنكار وجود إسرائيل هو شكل حديث لمعاداة
السامية”.
اللقاءات مع السيسي محاولة للترويج لـ”إسرائيل” في المنطقة
أشارت معطيات المنظمة إلى أن لها مكتباً في العاصمة المصرية القاهرة،
من بين مكاتبها الثمانين المنتشرة حول العالم، وبناءً على المناصب الرسمية التي
تقلدها لاودر سابقاً، وجهود منظمته في دعم “إسرائيل”، تبرز زياراته
المتكررة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سياق الدور المصري في المنطقة، الذي
رسمه السيسي منذ وصوله إلى الحكم في عام 2014.
وتُشير معطيات اللقاءات المتكررة التي نُشرت في أعوام 2018 و2019
و2020، إلى أن قضية السلام في الشرق الأوسط كانت أبرز الملفات التي تداولها
الشخصيتان، إضافةً إلى تطوير العلاقات المصرية-الأمريكية، والإشارة إلى دور مصر في
التصدي للإرهاب والتطرف. وعلى الرغم من هذه العناوين العامة التي تنشرها الرئاسة
المصرية في وسائل الإعلام، يبقى لافتاً مشاركة اللواء عباس كامل رئيس جهاز
المخابرات المصرية في هذه الاجتماعات، بخاصة لجهة الدور الذي تلعبه المخابرات
المصرية في عقد التفاهمات مع قطاع غزة على أثر أي مناوشات تحصل مع إسرائيل، أو
لأدائها دور الوساطة في كثير من الملفات ذات الصلة بالشأن الفلسطيني.
ويشير مراقبون إلى أن زيارة لاودر الأخيرة للمنطقة، لا يمكن عزلها عن
تطبيع دول عربية علاقاتها مع الاحتلال، بخاصة أن هذه الدول تشكّل مع مصر تحالفاً
له مواقف متشابهة تجاه عديد من قضايا المنطقة، على رأسها تركيا وإيران والإسلام
السياسي.
المصدر: TRT عربي