عيد تأسيس الجمهورية.. تاريخ النضال التركي ضد قوى الاستعمار الغربي
[ad_1]
من منطلق عباره أتاتورك الشهيرة “السيادة ملك للأمة دون قيد أو شرط” رفض الأتراك جميع أشكال الوصاية المفروضة من دول الغرب الاستعمارية وقدموا الغالي والنفيس من أجل حريتهم واستقلالهم وبناء دولتهم.
في 29 أكتوبر/تشرين الأول
من هذا العام تحتفل تركيا بمرور 97 عاماً على تأسيس الجمهورية التركية على يد
القائد مصطفى كمال أتاتورك ورفاقه بالسلاح، يمثل هذا اليوم ميلاداً جديداً للأمة
التركية بعد احتلال دام ما يقارب الخمس سنوات من قبل دول الاستعمار الغربي الممثلة
بـ(بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، اليونان) وما تخلله من نضال وطني تكلل بنيل الحرية
والاستقلال.
ومن منطلق عباره أتاتورك
الشهيرة “السيادة ملك للأمة دون قيد أو شرط” رفض الأتراك جميع أشكال
الوصاية المفروضة من دول الغرب الاستعمارية وقدموا الغالي والنفيس من أجل حريتهم
واستقلالهم وبناء دولتهم. ويجري الاحتفال بيوم الجمهورية كل عام بأنشطة مختلفة تعم
جميع أنحاء البلاد.
الحرب العالمية الأولى
وحقبة الاحتلال
بعد الهزيمة التي لحقت
بالإمبراطورية العثمانية بنهاية الحرب العالمية الأولى جرى التوقيع في 30 أكتوبر
1918 على هدنة موندروس بين الإمبراطورية العثمانية ودول الحلفاء لإنهاء الصراع
العسكري. قام وزير البحرية رؤوف بك بالنيابة عن الدولة العثمانية بالتوقيع على
المعاهدة في البارجة أجاممنون الراسية في ميناء موندروس في جزيرة ليمني الواقعة في
الشمال الشرقي من بحر إيجه التي أخذت اسمها منه.
دخلت المعاهدة حيز
التنفيذ في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1918 وتحتوي المعاهدة على 25 مادة قصيرة غاية في
الأهميةحددت
شروط وقف إطلاق النار بين الطرفين ووصفت بـ”شروط قاسية”.، ومن أهم شروط المعاهدة ما جاء في المادة السابعة
حيث تنص بأنه “يحق لقوى الحلفاء احتلال أي منطقة استراتيجية في حال حدوث أي
شيء يهدد أمن هذه الدول” وتكشف هذه الفقرة بشكل واضح وصريح عن نية دول
الحلفاء احتلال وتقسيم الدولة العثمانية.
وما أن جرى التوقيع على
هدنة موندروس بدأت دول الاستعمار الغربي بالانقضاض على أراضي الدولة العثمانية من
الجهات الأربع وتقسيمها فيما بينهم، وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1918 رست سفن دول
الحلفاء الممثلة بـ(بريطانيا، فرنسا، إيطاليا واليونان) في إسطنبول وقامت بإنزال
قواتها على الأرض معلنه بذلك بدء الاحتلال الغربي للأراضي التركية.
اقرأ أيضاً:
تركيا.. كيف ساهم وعي المجتمع في إفشال الانقلابيين؟
وبعد إعلان الهدنة بأيام
قليلة احتلت بريطانيا المناطق في جنوب شرق تركيا بهدف ربطها بالعراق الخاضع
للاحتلال البريطاني آنذاك، واحتلت فرنسا المناطق والمدن الواقعة في جنوب غرب تركيا
ومن أهمها أنطاكيا ومرسين وأضنة، وقامت إيطاليا باحتلال الشريط الساحلي الغربي
وصولاً لعمق الأناضول ومن أهم المدن التي استولت عليها مدينة أنطاليا وموغله،
واحتلت أرمينيا الجزء الشرقي كمدينة قارس بهدف توسيع مناطقها، واحتلت اليونان
إزمير في الغرب والمدن الواقعة في شمال غرب بحر مرمرة المتمثلة إقليم تراقيا. وجرىفرض
مزيد من الشروط “القاسية”بما يعرف بمعاهدة سيفر في 10 أغسطس/آب 1920.
النضال الشعبي وحرب
الاستقلال
بعد مشاهدة بلاده تتفكك
وتنهش من قبل قوى الاستعمار الغربي قدم مصطفى كمال أتاتورك استقالته من منصبه
كقائد في الجيش في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1918 وتوجه بالقطار من مدينة أضنة الى
إسطنبول وكل تفكيره ينصب حول كيفية تحرير بلاده من الاحتلال الغاشم ولتمكين بلاده
وشعبه من كتابة التاريخ مجدداً.
ركب أتاتورك سفينة بندرما
في 16 مايو/أيار 1919 متوجها من إسطنبول إلى مدينة سامسون شمال تركيا على شاطئ
البحر الأسود وما أن وصل هناك في 19 من الشهر نفسه بدأ بحشد الشعب وبقايا الجيش
التركي المتفكك حينها لمواجهة قوى الاستعمار الغربي وكانت خطبته في سامسون هي
الشعلة لبداية أعظم حروب التحرير والاستقلال على مستوى
العالم وتجسدت بعبارته الشهيرة “إما الاستقلال أو الموت” واستمرت حرب
الاستقلال ما يقرب من الأربع سنوات تكللت بتحرير البلاد وإعلان الجمهورية التركية
الحديثة.
قام أتاتورك بزيارة أهم
مدن الأناضول كمدينة أرزروم و مدينة سيفاس وعقد فيها مؤتمرات واجتماعات شعبيه
لتحشيد وتشجيع الشعب للمشاركة بحرب التحرير والاستقلال، وبعد وصوله لأنقرة قام
بإنشاء أول مجلس نواب وطني في 23 نيسان 1920 وجرى انتخابه رئيساً للمجلس معلناً
بأن أنقره هي العاصمة الجديدة وأن الحكومة المشكلة من طرف المجلس بأنقرة هي الممثل
الوحيد للشعب التركي.
بعد التضحية الكبيرة التي
قدمها الشعب والجيش سوياً في معركة سقاريا الملحمية التي انتهت بهزيمة الجيش اليوناني المحتل في 13
سبتمبر/أيلول 1921 اضطر اليونانيون للانسحاب باتجاه مدينة إزمير غرباً، وبعدها
بعام واحد فقط تم خلاله إعادة هيكلة الجيش وتحضيره لحرب التحرير النهائية جرى
الانتصار على اليونانيين ودحرهم في البحر وبذلك أعلن تحرير إزمير في 9 سبتمبر/أيلول 1922.
اقرأ أيضاً:
حكايات
محاولة الانقلاب في 2016.. أتراك يسترجعون ما عايشوه في تلك الليلة
وما إن وضعت حرب تحرير
إزمير أوزارها جرى التوقيع على هدنة مودانيا في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1922 بين الجمهورية التركية ودول
الحلفاء وبذلك تكون قد انتهت حرب التحرير والاستقلال فعلياً، وفي 24 يوليو/تموز
1923 جرى التوقيع على معاهدة لوزان التي اعترفت بالجمهورية التركية وسيادتها.
تأسيس الجمهورية
التركية
بعد التوقيع على معاهدة
لوزان والاعتراف باستقلال تركيا وسيادتها كان لابد من تحديد صيغة وطبيعة الحكم في
الجمهورية الجديدة، وفي تاريخ 29 أكتوبر/تشرين الأول 1923 جرى الإعلان عن تأسيس
الجمهورية التركية الحديثة واختيار النظام الجمهوري الديمقراطي كصيغة للحكم ومن
بعد ذلك انتُخب مصطفى كمال اتاتورك رئيساً للدولة من قبل أعضاء مجلس الشعب في
أنقرة وبدوره عين أتاتورك عصمت إينونو رئيساً للوزراء معلنين بذلك أول حكومة تركية
في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1923.
وبنيت الجمهورية على
فلسفة حكم يرتكز على مبادئ (الديمقراطية، العلمانية، والعدالة الاجتماعية) كأساس
للجمهورية التركية الحديثة. أوليت مجالات التعليم والزراعة والصناعة أهمية خاصة في
مرحلة بناء الجمهورية حيث بنيت المدارس والمصانع في أنحاء البلاد كافة ولم يفرَّق
بين ذكر وأنثى في الحقوق والواجبات بل على العكس أعطيت المرأة التركية حق الترشح
والانتخاب بداية من الانتخابات المحلية عام 1930 ومن ثم توسعت لتشمل الانتخابات
كافة في عام 1934 أي قبل أن تحصل المرأة الفرنسية على حقوقها بعشر سنوات.
سمح النظام الديمقراطي
لجميع أفراد الشعب من مختلف الطبقات الاجتماعية ومن مختلف الأعراق والديانات بأن
يكونوا جزءاً فعالاً في بناء الجمهورية الجديدة، ولم تشهد بدايات تأسيس الجمهورية
أي عمليات إقصاء أو تهميش لأي من شرائح المجتمع، وأسست بذلك لجمهورية تحتضن جميع
أبنائها من توجهاتهم الدينية والعرقية والفكرية كافة.
التاريخ يعيد نفسه
منذ اندلاع ثورات الربيع
العربي قبل نحو عشر سنوات، شهد العالم العربي والمنطقة تحولات كبرى، رأت فيها
تركيا محاولة غربية لتغيير خريطة المنطقة وإعادة لرسم حدود الدول وتركيبتها
السكانية، قبل أن تبدأ هذه المخططات بالظهور فعلياً من خلال محاولات تقسيم الدول
وإقامة دول جديدة لا سيما في سوريا والعراق ودول محيط تركيا بشكل عام، وهو ما
اعتبره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً محاولة لمحاصرة تركيا والنيل من
استقلالها وسيادتها، وفي الذكرى السنوية 96 العام الماضي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “إن
بلاده تخوض حاليا بأساليب مختلفة، حربا مماثلة لحرب الاستقلال التي جرت قبل قرن
وتكللت بتأسيس الجمهورية التركية”.
وتقول تركيا إنها تخوض
نضالاً ضد قوى غربية تحاول اليوم النيل منها وذلك من خلال دعم التنظيمات الإرهابية
في سوريا والعراق ودعم مساعي اليونان لمحاصرة تركيا بحريا في شرق البحر المتوسط
وغيرها من الجبهات، وأكد أردوغان أن بلاده قادرة على مواجهة هذه المؤامرات
“أقول مجددا، بمناسبة الذكرى السنوية ال 101
لمؤتمر سيواس أن الشعب التركي الذي لم يقبل
بالانتداب والوصاية، لن يسمح أبدا بتقسيم هذا الوطن وسيحافظ عليه ككل لا يتجزأ”.
المصدر: TRT عربي