مسلمو فرنسا وأوروبا.. عنصرية وإسلاموفوبيا وإقصاء مجتمعي وتهميش اقتصادي
[ad_1]
بات مسلمو فرنسا يعيشون حالة من الرعب ويشعرون بالاستهداف والإهانة، فالهجوم الأخير الذي يقوده رئيس البلاد عليهم، ليس الأول من نوعه، كما أنه يعد تفصيلاً يؤجج ويعمق حالة التهميش التي يعيشونها منذ سنوات، في بلاد من أهم مصدّري الإسلاموفوبيا في العالم.
يعيش مسلمو فرنسا اليوم حالة من الرعب والشعور بالاستهداف والإهانة، بعد أن صار أعلى هرم في الدولة، الرئيس إيمانويل ماكرون، يستهدفهم بشكل مباشر ويستهدف دينهم ونبيّهم، مستغلاً مشروعه الفضفاض والمستفزّ الذي يريد به مواجهة “الانعزالية أو الانفصالية الإسلامية”، وما تلاها من أحداث، غير أن معاناتهم تسبق ذلك بكثير، وتأخذ أبعاداً مختلفة تتأرجح بين الاجتماعي والاقتصادي.
ففرنسا تُعدّ من أكبر الدول الأوروبية من حيث حجم الجالية المسلمة، فحتى منتصف 2016، كان يعيش نحو 5.7 مليون مسلم في فرنسا، بما يشكّل نسبة 8.8% من مجموع السكان، فيما تقف هذه النسبة في مجموع الاتحاد الأوروبي في حدود 4.9%، مع توقعات بأن ترتفع إلى 11.2% بحلول عام 2050، حسب إحصائيات مركز بيو للأبحاث.
وفي تقرير لـمعهد بيرتلسمان ستيفتانغ الألماني في 2019، أكد المعهد زيادة عدم الثقة بالمسلمين وارتفاع الإسلاموفوبيا في أوروبا عموماً، وأشار إلى أنه في فرنسا مثلاً يعتقد 60% من السكّان أن الإسلام لا يتوافق مع نمطَي التفكير والعيش الغربيين.
المعهد نفسه أشار في دراسة قبلها في إطار مشروع “رصد الدين”، تعود إلى عام 2017، إلى أنه على الرغم من تحقّق الاندماج اللغوي للمهاجرين المسلمين في فرنسا، وعلى الرغم من أن 89% من المسلمين في فرنسا يُكملون تعليمهم بعد سن السابعة عشرة، فإن البلاد تعاني تمييزاً ضد المسلمين في سوق العمل، إذ ارتفعت نسبة البطالة بين المسلمين بما يتجاوز 6 نقاط عن النسبة العامة للمواطنين، فالنسبة العامة للبطالة في البلاد بلغت 8% مقابل 14% بين المسلمين.
وتلفت الدراسة إلى أنه في “حالة تساوي المستوى التعليمي بين المسلم والمواطن الأوروبي، فإن فرص المسلم في الحصول على وظيفة تبقى أقل”، راجعةً ذلك إلى “ممارسة نوع من التمييز من أصحاب الأعمال ضد المسلمين وعدم توظيفهم بسبب مظهرهم الديني، مثل منع ارتداء رموز دينية في بعض المؤسسات”.
من جهة أخرى ارتفعت خطابات الكراهية ضد المسلمين، ليرتفع معها الإقصاء الاجتماعي، فـمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) وثّقت بالأرقام ارتفاع أعداد جرائم الكراهية ضد المسلمين في أوروبا، وهو ما أكّدته أيضاً أرقام الشرطة الأوروبية (يوروبول) في 2020، التي وثّقت ارتفاع الإسلاموفوبيا وجرائم اليمين المتطرف ضد المسلمين.
غير أن تسمية الإسلاموفوبيا قد لا تصف ما يعانيه مسلمو فرنسا ومسلمو أوروبا في العموم، إذ تقول أستاذة العلوم السياسية باتريسيا ساسنال، إنه “يجب تسمية الأشياء بأسمائها. أصبحنا معتادين كلمة إسلاموفوبيا، إلا أنا لفظ (فوبيا/رُهاب) يخفّف المعنى ويجعله كأنه حالة مرضية تستحق التسامح معها”.
وتضيف الباحثة أن “تشريعات الاتحاد الأوروبي تصنف العنصرية ضد المسلمين باعتبارها عنصرية. فبمجرد التعامل معها كعنصرية تصبح ماهيتها واضحة، فالعنصرية ليست ظاهرة مؤقتة أو انتقالية، بل هي وباء اجتماعي ينخر بِنَى المجتمع ويتغلغل ليحطّم كل مناحي الحياة”.
يجب تسمية الأشياء بأسمائها. أصبحنا معتادين كلمة إسلاموفوبيا، إلا أن لفظ “فوبيا/رُهاب” يخفّف المعنى ويجعله كأنه حالة مرضيَّة تستحقّ التسامح معها
هذا كله كان لسنوات على مستوى مجتمعي، في الوقت الذي كان المسلمون يعوّلون فيه على أن ينصفهم بعض التشريعات الدولية، غير أن تبنّي الدولة (ماكرون كمثال فجّ على ذلك) خطاب مواجهة الإسلام، يعطي الموضوع بُعداً آخر أكثر خطورة.
في هذا الصدد حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من خطورة تصاعد الخطاب الرسمي “غير المنضبط” تجاه الإسلام، على الجالية المسلمة في فرنسا، وقال إن هذا “الخطاب يجعل الجالية المسلمة في فرنسا (نحو 6 ملايين شخص) هدفاً سهلاً لهجوم اليمين والجماعات القومية المتطرفة، ويشجعها على التمييز ضدهم”.
وحثّ المرصد الحكومة الفرنسية على “التوقف عن الخطاب العدائي تجاه الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية انتخابية، مع إظهار الاحترام للجالية المسلمة في البلاد”.
من جهته شدّد رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده، على أن “الدفاع عن السخرية أو شيطنة الرموز أو المعتقدات الدينية لمجتمع مسلم، مستهدف في الأساس، يُعتبر تحريضاً ضد هذه الفئة الضعيفة”.
المصدر: TRT عربي – وكالات