النساء في مراكز القرار بالمغرب.. ضعف كفاءة أم تمييز؟
[ad_1]
بُعيد الاستحقاقات الانتخابية البلدية والبرلمانية، يخوض فاعلون سياسيون ومدنيون معركتهم الخاصة من أجل المناصفة، إذ اتحدوا ضمن مبادرة مدنية تحت اسم ائتلاف “المناصفة الآن”، وأطلقوا حملة وطنية من أجل تعبئة جميع القوى الحية لتعزيز التمثيلية السياسية للنساء
قبل
تسع سنوات أقر دستور المغرب مبدأ المناصفة والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق
والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبقدر ما استبشرت المغربيات
بهذا التعديل الدستوري، خابت آمالهن بعد مرور السنوات دون أن يتحقق كثير على مستوى
حضورهن في مراكز القرار.
وكشف
تقرير حديث حول الموارد البشرية مرفق بمشروع موازنة 2021 واقع الحضور النسائي في
المناصب العليا، وهي المناصب التي يجري التداول بشأنها في المجلس الحكومي.
وحسب
ذات التقرير فقد بلغ عدد النساء في المناصب العليا 137 تعييناً من أصل ما مجموعه
1160 منصباً، وهو ما يمثل نحو 12 بالمئة من مجمل التعيينات منذ سنة 2012 إلى النصف
الأول من العام الجاري.
ويعتبر
منصب “مدير” الأكثر ولوجاً بالنسبة إلى النساء بنسبة 13 بالمئة، ثم منصب
“مفتش عام” بنسبة 12,2 بالمئة.
المناصفة
الآن
وبُعيد
الاستحقاقات الانتخابية البلدية والبرلمانية، يخوض فاعلون سياسيون ومدنيون معركتهم
الخاصة من أجل المناصفة، إذ اتحدوا ضمن مبادرة مدنية تحت اسم ائتلاف
“المناصفة دابا” أي “المناصفة الآن”، وأطلقوا حملة وطنية من
أجل تعبئة جميع القوى الحية لتعزيز التمثيلية السياسية للنساء والترافع لتفعيل
المناصفة الدستورية الفعلية في أفق 2030.
وفي
هذا الصدد، التقى ممثلون عن الائتلاف رئيس الحكومة وزعماء الأحزاب السياسية،
وعرضوا مقترحاتهم وتصوراتهم من أجل التفعيل الحقيقي للفصل 19 من الدستور.
وجاء
في هذا الفصل: “تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء،
وتُحدِث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”.
تقول
الوزيرة السابقة شرفات أفيلال، منسقة ائتلاف “المناصفة دابا”، لموقع TRT
عربي، إن المساواة والمناصفة ظلت في حَجْر سياسي منذ سنوات، لافتة إلى أن التحركات
المدنية الحالية تروم تنبيه مدبّري الشأن العامّ إلى عدم الرضا عن تجميد النص
الدستوري ورفض التطبيع مع هذا الواقع.
عريضة
للبرلمان
وأطلق
الائتلاف حملة من أجل حشد التوقيعات على عريضة وطنية، تطالب بتفعيل المناصفة
الدستورية وسَنّ قانون يحدد قواعد المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء.
اقرأ أيضاً:
التحرش
والاغتصاب.. لماذا تلوم المجتمعات العربية النساء وتحمّلهن المسؤولية؟
وتوضح
البرلمانية آمنة ماء العينين، عضو الائتلاف والقيادية في حزب العدالة والتنمية
الذي يرأس الحكومة، دواعي توجيه هذه العريضة إلى مجلس النواب بكون هذه المؤسسة
تشريعية، ويمكنها تنفيذ مبادرات متعددة سواء على المستوى التشريعي أو مراقبة
السياسات العمومية ومدى احترامها مقتضى المناصفة الذي جاء به الدستور.
كفاءة
أم تمييز
واعتمد
المغرب عام 2002 آلية للتمييز الإيجابي “الكوطا” لرفع نسبة النساء في
المؤسسات المنتخَبة، وبفضل هذه الآلية وصلت 60 امرأة (من بين 81 نائبة) إلى
البرلمان في انتخابات 2016 وهو ما يمثل نحو 21 بالمئة من البرلمانيين، وتمثل
النساء 21 بالمئة من أعضاء مجالس البلديات، و37 بالمئة في مجالس الجهات.
وإذا
كانت آلية التمييز الإيجابي مكنت من رفع عدد النساء في المؤسسات المنتخبة، فإن
الوضع مختلف في مراكز القرار والمناصب العليا التي يجري فيها التعيين اعتماداً على
الكفاءة وقوة ملف الترشيح، فهل ضعف تعيين النساء في مراكز القرار سببه ضعف كفاءتهن
أم تمييز ضدهن؟
تنوه
شرفات أفيلال بالمجهود المبذول في الرفع من التمثيلية النسائية في المؤسسات
المنتخبة رغم استقرار النسبة، لكنها لا تخفي انزعاجها من ضعف النساء على مستوى
القرار الإداري، وهو ما اعتبرته “واقعاً لا يشرّف المغرب”.
وتضيف:
“عندما كنت عضواً في الحكومة رأيت حزمة من التعيينات في المجلس الحكومي،
وقليلاً ما تُعيَّن امرأة، وعندما يُطرح السؤال عن السبب، يقال إن النساء
يرفضن”.
وترى
آمنة ماء العينين في حديث مع TRT
عربي، أن المناصب التي لا تُطبَّق فيها مقتضيات قانونية إجبارية (مثل الكوطا أو
غيرها) تشهد تلكؤاً كبيراً وتأخراً على مستوى حضور الكفاءات النسائية.
وتفسر
هذا الوضع بأسباب ذات بعد قيمي، أهمّها التمييز ضد النساء بأبعاده السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يُنتِج تغييب النساء.
وتعتقد
أن سؤال الكفاءة بعيد عن تشخيص الوضع، لأن النساء لا تنقصهن الكفاءة، فمعايير هذه
الأخيرة مضبوطة ولا تتعلق بجنس معيَّن، وتتساءل: “هل كل الرجال في مراكز
القرار أكْفاء وكل النساء المغيبات عن مراكز القرار لسن كذلك؟”.
أما
شرفات أفيلال فتعزو الوضع إلى سيطرة عقلية ذكورية لم تطبع بعد مع فكرة مشاركة
النساء في اتخاذ القرار، كما أن “المجتمع وهياكل الدولة لا تقبل بنساء كُفآت،
وعندما تثبت امرأة جدارتها وحضورها تُحيَّد وتُستبعَد من المنافسة بشتى
الطرق” حسب تعبيرها.
آليات
لتحقيق المناصفة
تقول
شرفات أفيلال، وهي قيادية في حزب التقدم والاشتراكية (المعارض)، إن الائتلاف اقترح
جملة من الآليات لتحقيق المناصفة في أفق 2030، وجرّد جميع النصوص التشريعية
المنظمة لمؤسسات الدولة من أجل مراجعتها بما يكرس المساواة.
وتضيف
أن السبيل إلى تحقيق المناصفة يمر عبر الترافع وجمع التوقيعات، ومن خلال حشد دعم
الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمدنية.
أما
ماء العينين فترى أن الأهمّ من المواكبة التشريعية والقانونية هو النقاش
البيداغوجي الذي يستهدف أساساً العقليات التي تَحُول دون أخذ النساء حقوقهن، هذا
النقاش في نظرها سيوصل لا محالة إلى مبدأ تكافؤ الفرص دون حاجة إلى الكوطا أو
الحفز أو التمييز الإيجابي.
وتؤكّد
دور مناهج التعليم ووسائل الإعلام وسلوك الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية
والجمعيات المدنية في هذا النقاش وفي تغيير العقليات.
وتضيف
أن آلية الكوطا ينبغي أن يرافقها التكوين لإفراز نساء ذوات كفاءة وحضور نوعي في
مواقع القرار، لأن ذلك من شأنه أن يشجّع على فتح المجال لجميع النساء، يُضاف إلى
ذلك -حسب المتحدثة- إيقاع قانوني غير مرتبك، فالقانون يساعد في أحيان كثيرة ويحفز
التحولات.
المصدر: TRT عربي