رحيل ترمب.. ليلة هانئة في طهران وحزينة في الرياض وتل أبيب والقاهرة
[ad_1]
على مدار 4 أعوام هي فترة بقاء رجل الأعمال الجمهوري دونالد ترمب في البيت الأبيض، تغيّرت كثيراً خريطة القوى السياسية في الشرق الأوسط. ومع توالي الأخبار حول هزيمته أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن يُتوقّع أن تشهد المنطقة تحولات جديدة، فما أهمها؟
لم تكن انتخابات الرئاسة الأمريكية شاغلاً لسياسيي وسكان الولايات المتحدة فحسب، وإنما تابعها من كثب معظم سكان العالم، وفي القلب منهم شعوب وحكومات منطقة الشرق الأوسط التي تغيّرت خريطة القوى فيها كثيراً خلال 4 أعوام أمضاها رجل الأعمال الجمهوري دونالد ترمب في البيت الأبيض، فما الذي يمكن أن يحدث بعد انتخاب الديمقراطي جو بايدن الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة؟
أبرز ملامح برنامج #جو_بايدن الانتخابي pic.twitter.com/qMxdfhFcQs
— TRT عربي (@TRTArabi) November 7, 2020
العلاقات مع إيران
على الرغم من تأكيدات طهران قبل الانتخابات وخلالها أنها ليست مهتمة بمن سيصبح الرئيس الأمريكي القادم، يُجمِع مراقبون بأن ليلة إعلان هزيمة ترمب وفوز منافسه بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما، كانت من أسعد الليالي التي مرّت على الجمهورية الإسلامية ربما خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.
ولا يعد ذلك مستغرباً، فبعد آمال كبيرة علّقها الإيرانيون على الاتفاق النووي الذي أبرمته معهم عام 2015 إدارة أوباما بالإضافة إلى القوى الأوروبية، من أجل إدماج إيران أخيراً في النظام العالمي، وعدم التعامل معها كدولة مارقة، جاء ترمب ليس فقط ليسير بممحاة على كل ما فعله سلفه وينسحب من الاتفاق النووي عام 2018، بل لتكون فوق ذلك إدارته من أسوأ الإدارات الأمريكية التي تعاملت معها طهران، بتبنيها سياسة ما يُعرف بـ”الضغط الأقصى” عبر فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة.
في المقابل تعهّد بايدن بالعمل على إعادة إحياء الاتفاق النووي شرط عودة طهران إلى التزاماتها السابقة المتعلقة بالحد من تخصيب اليورانيوم ووقف “أنشطتها العدائية” في المنطقة، وهو أمر ليس شديد السهولة كما يرى محررو صحيفة فايننشال تايمز، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الإيرانية المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران المقبل، والتي يمكن أن تأتي بالمحافظين إلى السلطة، ممَّا قد يُعقِّد مهمة بايدن.
وبالتالي يجب أن يُتعاطى مع الأمر بحذر لا سيما أن بايدن نفسه قال في مقالٍ نُشرته “فورين أفيرز” في أبريل/نيسان الماضي، إنه ليست لديه أي أوهام بشأن النظام الإيراني “الذي شارك في زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط، وقمع المتظاهرين بوحشية واعتقل الأمريكيين ظلماً”، مستدركاً على ذلك بأن “هناك طريقة ذكية لمواجهة التهديد الذي تشكله إيران على مصالحنا، وهناك طريقة أخرى تؤدي إلى التدمير الذاتي.. وقد اختار ترمب الحل الثاني”.
“The Biden foreign policy agenda will place the United States back at the head of the table, in a position to work with its allies and partners to mobilize collective action on global threats.” @JoeBiden outlines his foreign policy vision:https://t.co/3VcPxeVeC6
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) November 8, 2020
وعلى الرغم من التحذيرات من رفع سقف التوقّعات حول تحسن علاقة واشنطن بطهران بعد وصول بايدن المرتقب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني المقبل، بخاصة في ظل ما يراه البعض “تشدداً إيرانياً” في طلب تعويضات عن الفترة الصعبة التي عاشتها الجمهورية الإسلامية خلال الأعوام الأخيرة، يوجد ما يُشبه الإجماع على أن رحيل ترمب كافٍ لأن يكون خبراً سعيداً بالتأكيد في طهران.
الثلاثي الخليجي وإسرائيل
كل ما قيل عن أثر هزيمة ترمب وفوز بايدن إيجابياً على طهران، يمكن عكسه بالنسبة إلى عواصم الحلف الثلاثي الخليجي، السعودية والإمارات والبحرين، حسبما يرى مراقبون.
فالدول الثلاث كانت تربطها علاقة وثيقة بترمب الذي كان وجوده كفيلاً بتشجيعها على الدخول في “مغامرات إقليمية” أبرزها التصعيد مع إيران، ومقاطعة قطر دبلوماسياً واقتصادياً، وإطالة أمد الحرب في اليمن من دون مراعاة لتفاقم الأزمة وتبعاتها الإنسانية، والتوسّع في قمع المعارضين وملاحقتهم وصولاً إلى تصفيتهم في جرائم كان أبرزها مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وصولاً إلى إبرام الإمارات والبحرين اتفاقيتي تطبيع مع إسرائيل برعاية أمريكية، في خرقٍ للإجماع العربي.
موت جمال (خاشقجي) لن يذهب سدى، ونحن مدينون لذكراه بالنضال من أجل عالم أكثر عدالةً وحرية
في المقابل انتقد بايدن في استبيان أجراه مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، وهو مركز أبحاث غير ربحي، سياسة ترمب مع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، وقال في ذكرى مقتل خاشقجي: “سأدافع عن حق النشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين حول العالم في التعبير عن آرائهم بحرية دون خوف من الاضطهاد والعنف”، مؤكداً أن “موت جمال لن يذهب سدى، ونحن مدينون لذكراه بالنضال من أجل عالم أكثر عدالةً وحرية”.
كما وعد بايدن بمراجعة العلاقات مع السعودية، وإنهاء الدعم الأمريكي للحملة التي تقودها الرياض ضد الحوثيين المدعومين إيرانياً في اليمن، إلا أن ذلك يتعارض كما يرى مراقبون مع سياسات إدارة أوباما التي كان بايدن يشغل نائب الرئيس فيها، إذ مدّت الولايات المتحدة خلال تلك الفترة السعودية بأسلحة تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات.
وفي هذا الصدد، يقول المحلل الاستراتيجي آرون ديفيد ميلر في مقال نُشِر على موقع “فورين بوليسي” بعنوان “أسوأ كوابيس السعودية”، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لديه كل الأسباب لكي يقلق من وصول بايدن إلى البيت الأبيض، مشيراً إلى أن الأخير وصف المملكة من قبل بأنها “دولة منبوذة”، ودعا إلى إنهاء “الحرب الكارثية” في اليمن، كما أكّد أن “أولويتنا في الشرق الأوسط يجب أن نحددها في واشنطن لا الرياض”.
A President Joe Biden would be less likely to go along with Saudi Arabia: He has described the country as a pariah, called for ending the “disastrous war” in Yemen, and urged a reassessment of the U.S. relationship with Riyadh, @aarondmiller2 writes.https://t.co/soDkiYslOn
— Foreign Policy (@ForeignPolicy) November 6, 2020
أمّا بالنسبة إلى إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فلا يختلف الوضع كثيراً عمّا هو عليه بالنسبة إلى العواصم الخليجية الثلاث، فترمب كان يُعد من أقرب حلفاء نتنياهو، وقدّم له الأول هدايا كثيرة لتلميع صورته في الانتخابات الإسرائيلية المتأزمة، لا سيما بالتزامن مع قضايا الفساد التي تلاحقه.
وعلى الرغم من أن بايدن شخصياً ونائبته كمالا هاريس أبديا مواقف متعاطفة مع إسرائيل في عديد المناسبات، فإنهما لا يقتربان بأي حال من ترمب صاحب مشروع “صفقة القرن” المزعومة، وراعي اتفاقيتي التطبيع بين أبو ظبي والمنامة من جهة، وتل أبيب من جهة أخرى.
في السياق نفسه،تنفس الفلسطينيون الصعداء مع رحيل من اعتبروه “أسوأ رئيس أمريكي” كما وصفه سياسيون فلسطينيون، لكنهم مع ذلك لا يتوقعون “معجزات” ممّن خَلَفه. وعانى الفلسطينيون كثيراً في عهد ترمب الذي لم يتردد في اتخاذ قرارات تؤدي إلى تصفية قضيتهم، على رأسها “صفقة القرن” التي تبدد حلم إقامة دولتهم، ونقل سفارة واشنطن إلى القدس، ومسلسل التطبيع مع الدول العربية الهادف إلى عزل القضية الفلسطينية عن محيطها وعمقها العربي.
وقال نبيل شعث الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني: “لم يكن هناك أسوأ من عهد ترمب”، معتبراً أن “الخلاص منه مكسب”، مستدركاً: “لا نتوقع تغييراً استراتيجياً كبيراً في الموقف السياسي الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية”.
من جانبها اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن فوز بايدن “لا يحمل أي تغيير جوهري إزاء حقوق الشعب الفلسطيني والقضايا العربيّة المختلفة”، أما حركة حماس فقد دعا رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إدارة جو بايدن إلى التراجع عن “صفقة القرن” المزعومة، وعن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
مصر.. لا مزيد من الشيكات على بياض
وكما هو الحال مع النظام السعودي وحاكمه الفعلي محمد بن سلمان، ينطبق الأمر نفسه على موقف بايدن من النظام المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي أو “ديكتاتور ترمب المفضّل”.
وبينما يرى محللون أن بايدن لا يستطيع تقديم حل جذري للأزمة السياسية المستمرة في مصر منذ انقلاب الجيش على السلطة منتصف عام 2013، فمن المتوقع أن يُساهم وصول الديمقراطي نائب أوباما السابق في تخفيف القبضة الأمنية التي يعاني منها النشطاء والصحفيون هناك.
وتؤكد تلك الفكرة التحذيرات شديدة اللهجة التي وجّهها بايدن في يوليو/تموز الماضي، للنظام المصري بعد إطلاق سراح مواطن يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية ويُدعى محمد عماشة، بعد 486 يوماً قضاها في السجن دون محاكمة.
بايدن قال حينها إن اعتقال وتعذيب النشطاء والمعارضين في مصر لم يعد أمراً مقبولاً، متعهداً بأنه إذا انتُخِب رئيساً للولايات المتحدة، “لن تقدّم شيكات على بياضٍ أخرى لديكتاتور ترمب المفضل”.
Mohamed Amashah is finally home after 486 days in Egyptian prison for holding a protest sign. Arresting, torturing, and exiling activists like Sarah Hegazy and Mohamed Soltan or threatening their families is unacceptable. No more blank checks for Trump’s “favorite dictator.” https://t.co/RtZkbGh6ik
— Joe Biden (@JoeBiden) July 12, 2020
وفي وقت سابق من السبت أعلنت وسائل إعلام أمريكية فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالسباق إلى البيت الأبيض، على حساب الرئيس الحالي الجمهوري دونالد ترمب، الذي رفض الاعتراف بالهزيمة، حسب ما أكدت حملته الانتخابية.
ووفقاً لوكالة CNN فقد حصل بايدن على 284 صوتاً في المجمع الانتخابي، في حين أكدت فوكس نيوز أنه حصل أيضاً على أصوات ولاية نيفادا ليصبح مجموع الأصوات التي حصل عليها 290 صوتاً في المجمع الانتخابي.
المصدر: TRT عربي