هل يصحو محمد بن سلمان على كابوس يدعى “بايدن”؟
[ad_1]
يبدو محمد بن سلمان أكثر من غيره في محور الحصار العربي معرضاً للخطر بخروج ترمب ومجيء بايدن. فلا يبدو أن بايدن متحّمس جداً للاستمرار في سياسة حماية “المؤخرة”، فقد كان الرجل واضحاً في انتقاداته اللاذعة للسعودية بشكل عام، ولمحمد بن سلمان بشكل خاص.
لطالما كانت الانتخابات
الأمريكية مهمة للشرق الأوسط، ولطالما كانت شعوب الشرق الأوسط مشدودة إلى معرفة من
سيكون زعيماً في البيت الأبيض، وذلك بسبب الانخراط الكبير للولايات المتحدة في
ملفات الشرق الأوسط، على الرغم من محاولتها التخفف منها مؤخراً، والتوجه نحو أقصى
الشرق لمعالجة صعود الصين.
غير
أن انتخابات 2020 بين بايدن الديمقراطي والرئيس ترمب الجمهوري قد حظيت بمتابعة لم
يسبق لها مثيل من قبل. يكفي النظر على سبيل التمثيل لا الحصر إلى تغطية القنوات
العربية الفضائية كالجزيرة والعربية للحدث الأمريكي، لقد عملت الجزيرة في تفانٍ
غير مسبوق فيما يتعلق بالانتخابات الأمريكية، وتعاقدت مع كثير من المحللين
الأمريكيين بشكل حصري لتغطية الانتخابات حتى بات يقال فلان “المحلل الخاص
للجزيرة لشؤون الانتخابات الأمريكية”، وقد كان ملاحظاً إلى درجة الاستغراب أن
يكون هناك أربعة محللين بنفس الوقت في الاستديو.
بطبيعة الحال، يعود جزء
كبير من السبب في هذا الاهتمام غير المسبوق بالانتخابات الأمريكية إلى شخصية ترمب
المثيرة للجدل. فالرئيس ترمب وعلى عكس جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين
حاولوا أن يوازنوا بين الحلفاء والأصدقاء في الشرق الأوسط، قام بالوقوف بشكل كامل
في صف محور واحد يتشكل من عواصم الحصار وهي الرياض-القاهرة-أبوظبي.
وفي المقابل قام زعماء
هذا المحور بتعليق جميع آمالهم على الرئيس ترمب وإدارته، خصوصاً صهره جاريد
كوشنير. وقد قام هذا التقارب على مبدأ واحد يمكن أن يسمى بالبلطجة السياسية، بحيث
تقوم دول هذا المحور (خصوصاً الرياض وأبوظبي) بضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد
الأمريكي عبر صفقات الأسلحة، والتطبيع مع إسرائيل، مقابل أن تصمت الإدارة
الأمريكية عن سياساتهم في المنطقة، وتدخلاتهم في دول الجوار كاليمن الذي مزقته
الحرب، وحصار قطر الذي أجهض مجلس التعاون الخليجي، وليبيا من خلال دعم الانفصالي
حفتر، هذا فضلاً عن السجل المخزي في انتهاك حقوق الإنسان، خصوصاً في مصر التي باتت
سجونها مصيدة لأرواح المعتقلين السياسيين.
لقد ساهم ترمب في تعزيز
الاستقطابية في المنطقة، وبذلك تعلقت سياسة بعض الدول به بشكل كبير، ولكن ولكي
أكون أدق، ليس الدول هي التي تعلقت به بشكل كبير بل بعض الساسة على رأسهم محمد بن
سلمان، وإلى حد كبير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
اقرأ أيضاً:
تحديات
أمام السعودية قبل قمّة العشرين
برز
محمد بن سلمان أكثر من غيره في هذا المجال، فالرجل الذي نزل بالباراشوت على ساحة
الحكم في الرياض كان يحتاج إلى شخص كالرئيس ترمب وصهره كوشنير لكي يحمي
“مؤخرته”، نظراً للسياسات الطائشة والمتهورة التي قام بارتكابها،
داخلياً على صعيد استهداف غالبية مراكز القوة في العائلة الحاكمة بالاعتقال
والترهيب والإخفاء، كما هو الحال مع ابن عمه محمد بن نايف أو عمه أحمد بن عبد
العزيز، أو على صعيد سجل حقوق الإنسان المتمثل بسجن وإخفاء وتعذيب الناشطين
الحقوقيين من أمثال لجين الهذلول والشيخ سلمان العودة وغيرهم.
أو خارجياً على صعيد
الحرب التي شنها بن سلمان من أجل الإطاحة بحكم “عملاء إيران” من صنعاء،
والتي تحولت (أي الحرب) إلى واحدة من أبرز المآسي الإنسانية منذ الحرب العالمية
الثانية، جراء التدمير الذي حصل ليس على مستوى البنية التحتية بل على مستوى
الإنسان، حيث فتك الجوع والمرض والقتل بالشعب اليمني بشكل لم يسبق له مثيل. هذا
بالإضافة إلى الجريمة النكراء التي قام الرجل بارتكابها عبر إصداره الأوامر بقتل
الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والطريقة البشعة التي تمت بها العملية من خلال
اغتياله في قنصلية بلاده في إسطنبول، وتقطيعه ومن ثم إخفاء جثته ربما بالحرق أو
بطريقة أخرى.
لذلك يبدو محمد بن سلمان
أكثر من غيره في محور الحصار العربي معرضاً للخطر بخروج ترمب ومجيء بايدن. فلا
يبدو أن بايدن متحّمس جداً للاستمرار في سياسة حماية “المؤخرة”، فقد كان
الرجل واضحاً في انتقاداته اللاذعة للسعودية بشكل عام، ولمحمد بن سلمان بشكل خاص.
فقد دعا بايدن صراحة إلى إنهاء الحرب في اليمن، ووصف السعودية بأنها “دولة
منبوذة”، وحث على إعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة بالرياض، وأكد في معرض
حديثه لمجلس العلاقات الخارجية في الكونغرس العام الماضي أنه “يجب تحديد
أولويات أمريكا في الشرق الأوسط في واشنطن وليس في الرياض”. وكان واضحاً أيضاً
أن الحصانة التي حظي بها محمد بن سلمان سوف تزول مع مجيئه حيث سيعمل على إعادة فتح
ملف خاشقجي من جديد.
لا شك أن أولوية الرئيس
بايدن ستكون مكافحة فيروس كورونا، وإعادة الاقتصاد الأمريكي إلى سكة التعافي من
جديد. ولكن هذا لن يشغله عن إعادة تقييم سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
على أسس بعيدة عن البلطجية السياسية التي اتبعها سلفه الرئيس ترمب. فالرجل ضليع في
السياسة الخارجية وعلى معرفة جيدة بخريطة القوى في المسرح الدولي.
سيعود بايدن إلى
التقليدية الأمريكية في سياستها تجاه الشرق الأوسط، ويعيد تقييم أهداف الولايات
المتحدة من جديد، فهو من ناحية سيتابع غالباً مسار “التطبيع” بين العرب
وإسرائيل، خصوصاً أن هذا الشيء الوحيد الذي امتدحه في سياسة ترمب، ويعيد مسار
التفاوض مع إيران. هذا سيضع السعودية أمام تحدٍ كبير فهي إما أن تتوجه إلى التطبيع
علناً مع إسرائيل من أجل تعزيز حضورها في دوائر اللوبيات الصهيونية في واشنطن،
وذلك في سبيل فرملة أي إجراءات عقابية قد تتخذ ضدها، أو تقوم بالتفاهم مع إيران،
وهو ما قد يهدد مكانتها الإقليمية خصوصاً في ظل تعزيز إيران لنفوذها في العديد من
العواصم العربية من بغداد مروراً بدمشق فبيروت وصولاً إلى صنعاء.
تنتظر محمد بن سلمان
خيارات صعبة إذن، ونظراً لطيشه المعهود عنه فلا أحد يمكن أن يتنبأ بالمسار الذي
سوف يتخذه، حتى الآن الشيء الوحيد الذي يبدو واضحاً أن فترة العسل، أو فترة الوهم
الشخصي، قد أزفت على الرحيل، وسيواجه الرجل حقائق السياسة وخياراتها القاسية
قريباً.
جميع المقالات المنشورة تعبِر عن رأي كُتَابها ولا تعبِر بالضرورة عن TRT عربي.
المصدر: TRT عربي