كيف سيبدو مسار العلاقات التركية الأمريكية في عهد بايدن؟
[ad_1]
في عهد ترمب واجهت العلاقات بين واشنطن وأنقرة أزمات عميقة في ملفات عديدة، في مقدمتها، الحرب السورية، ودعم الولايات المتحدة لتنظيم PKK/YPG الإرهابي في سوريا، وقضية الراهب برونسون، إضافة إلى أزمة منظومة الدفاع الروسية S400.
انطلق سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني
الجاري، وعقب حالة طويلة من الصراع والغموض اختتمت الانتخابات بفوز المرشح
الديمقراطي جو بايدن على حساب منافسه الرئيس الحالي المرشح الجمهوري دونالد ترمب.
وقد خاضت الولايات المتحدة غمار انتخابات 2020 في ظل جائحة فيروس
كورونا المستجد وما نتج عنها من تضاعف نسب البطالة، وتجاوز معدل الإصابات 100 ألف
يومياً، إضافة إلى واقعة مقتل جورج فلويد التي اندلع على إثرها مظاهرات في عموم
البلاد.
وخلال الأيام المقبلة، يُتوقع أن تبقى الانتخابات الرئاسية الأمريكية
وتداعياتها في مقدمة الأحداث الدولية في ظل إعلان الرئيس ترمب أنه سيحيل نتائج
الانتخابات إلى القضاء.
ومع ذلك يُتوقع أن يصب القائمون على السياسة الدولية جل اهتمامهم
لمعرفة كيف ستتشكل السياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن.
لا شك أيضاً أن الوجهة التي ستخطو نحوها العلاقات التركية الأمريكية
في عهد بايدن إحدى أهم القضايا بالنسبة لتركيا.
ففي عهد ترامب واجهت العلاقات بين واشنطن وأنقرة أزمات عميقة في ملفات
عديدة، في مقدمتها، الحرب السورية، ودعم الولايات المتحدة لتنظيم PKK/YPG الإرهابي في سوريا، وقضية الراهب برونسون، إضافة إلى أزمة منظومة
الدفاع الروسية S400.
وبفضل قنوات الدبلوماسية الشخصية بين الرئيس رجب طيب أردوغان وترامب
جرى تجاوز هذه التحديات إلى حد معين، إلا أن مشاكل عديدة لا تزال قائمة.
في الواقع، ثمة احتمالان مختلفان تدور حولهما الأحاديث بخصوص طبيعة
مسار العلاقات التركية الأمريكية في عهد بايدن.
اقرأ أيضاً:
ماذا
حدث يا سيد ترمب؟
في
أولهما يُتوقع أن تشهد العلاقات بين الجانبين مزيداً من التوتر ودخولها في نفق
مسدود. ووفق هذا الاحتمال فإن مواقف بايدن في العامين الأخيرين بدءاً من اعتباره
تركيا دولة أوتوقراطية، ومروراً بدعمه الاعتراف بالإبادة الأرمينية المزعومة، وحتى
تبنيه موقفاً معارضاً تماماً للسياسات التركية في ملفات مثل سوريا وS-400، كل
هذه المواقف يُتوقع أن تكون عنصراً محدداً لطبيعة مستقبل العلاقات بين البلدين.
وفي هذا السياق، يُتوقع أن يكون ملف منظومة الدفاع الروسية S-400 هو
نقطة الخلاف الرئيسية بين الجانبين، حيث يتوقع فرض عقوبات على تركيا على خلفية
شرائها منظومة الدفاع الروسية واختبارها مؤخراً، وذلك وفق قانون تفويض الدفاع
الوطني السنوي لعام 2021 الذي سيمرره الكونغرس الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول
المقبل.
ولتمرير هذا القانون يتوجب مصادقة مجلس الشيوخ وثلثي أعضاء مجلس
النواب. وعلى هذا النحو يمكننا القول إن منظومة الدفاع الروسية S-400 ستكون
الملف الأبرز الذي سيؤثر على مسار العلاقات بين واشنطن وأنقرة. ومؤيدو هذا
الاحتمال الأول يقولون إن بايدن سيصادق على فرض هذه العقوبات على تركيا.
وهنا تجدر الإشارة إلى احتمال آخر يبدو أنه أكثر قوة من الأول. ووفق
الاحتمال الثاني فإن بايدن سيعطي الأولوية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد،
وتداعياتها على الاقتصاد الأمريكي، وسيحرص على بدء صفحة جديدة نظيفة على صعيد
العلاقات الدولية، ومن ثم سيسعى لتصحيح العلاقات مع دول عديدة في مقدمتها تركيا.
ويُرجح أن بايدن سيركز أكثر على كبح جماح سياسة روسيا التوسعية، وهو
أمر شغل السياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترمب أيضاً. وفي هذا الإطار سيسعى إلى
إصلاح وتحسين العلاقات مع أنقرة حتى لا تتوجه أكثر إلى روسيا.
وللوقوف أمام سياسة روسيا التوسعية يُتوقع أن يعمل بايدن على تعزيز
حلف شمال الأطلسي “ناتو”، ما يعني تطوير العلاقات مع تركيا في مسار
إيجابي.
لذا فمن المرجح أن يتجه بايدن نحو تطوير العلاقات بين الدول الأعضاء
بالناتو، وتبني موقف إيجابي بخصوص الملفات التي توتر العلاقات بين الدول الأعضاء،
وعلى رأسها أزمة منظومة الدفاع الروسية S-400 وقضية
التنقيب عن الغاز شرقي المتوسط.
ولتأكيد صحة رؤيتهم، يستذكر مؤيدو الاحتمال الثاني موقف بايدن تجاه
أنقرة في فترة توليه منصب نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما (2008-2016). فقد
أجرى بايدن خلال تلك الفترة 4 زيارات إلى أنقرة، أكد في كل مرة أن تركيا شريك مهم
للغاية للولايات المتحدة.
وقد أظهر بايدن مدى أهمية وخصوصية العلاقات بين البلدين في زيارته
إلى أنقرة عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، وفي تلك
الزيارة اعتذر بايدن لتأخره في زيارة تركيا عقب المحاولة الانقلابية، وقال:
“قد يكون الكثير من الأشخاص هنا يعتقدون أننا تأخرنا في التضامن مع بلدكم؛
لذلك فأنا شخصياً أردت المجيء إلى هنا، وأريد أن أعبر لكم، كم نحن حزينون”.
وعليه فيتوقع أن يتبنى بايدن سياسة خارجية تتسم بالواقعية
والبراغماتية تجاه تركيا مثلما فعل عندما كان نائب أوباما، وسيسعى إلى تبني علاقات
إيجابية مع أنقرة، بعيداً عن الخطابات السلبية التي تبناها ضد تركيا خلال حملته
الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة.
وثمة حقيقة أخرى ينبغي الإشارة إليها في هذا السياق. لا شك أنه مع
انتخاب بايدن سيتجه العالم نحو النظام الليبرالي من جديد وسيُجرى العمل على توسيع
رقعة الديمقراطية في العالم كما حدث في عهد أوباما.
وعليه تدور أقاويل عن أن موقف بايدن تجاه تركيا سيكون سلبياً. غير أن
العالم اليوم يختلف كثيراً عن شكل العالم إبان عهد أوباما. فدور روسيا المتصاعد في
السياسة الدولية و سياسة الصين التوسعية يمثلان تحديين جديدين أمام هيمنة الولايات
المتحدة، ويقيدان مساحتها في السياسة الدولية. وهذا يعني أنه يتوجب على واشنطن
تبني علاقات بنّاءة على الصعيدين الإقليمي والدولي. لذا فمن المهم استحضار هذه
الحقيقة دائماً عند الحديث عن مستقبل العلاقات التركية الأمريكية.
جميع المقالات المنشورة تعبِر عن رأي كُتَابها ولا تعبِر بالضرورة عن TRT عربي.
المصدر: TRT عربي