انتصار قره باغ يفتح طريقاً استراتيجياً بين تركيا وأذربيجان.. ما أهميته؟
[ad_1]
شمل الاتفاق إعادة جيوب قره باغ التي يحتلها الأرمن، ومن بينها الطريق إلى ناخيتشيفان، الإقليم الأذربيجاني الذي كانت تفصله أراضٍ أرمينية بالقرب من الحدود مع تركيا وإيران، قبل الاتفاق الأخير.
بعد ستة أسابيع من المعارك، وقّعت أرمينيا وأذربيجان برعاية روسية اتّفاقاً لوقف إطلاق النار في قره باغ يكرّس الانتصارات العسكرية التي حقّقتها قوات باكو في الإقليم، في تطوُّر لم تغِب عنه تركيا التي ساهمت في تحرير الأراضي المحتلة.
يقضي الاتفاق بأن يحتفظ طرفا النزاع بالمواقع التي يسيطران عليها، مما يعني خسارة الأرمن السيطرة على أنحاء واسعة من الإقليم الأذربيجاني المحتل، بعدما دحرتهم منها قوات باكو بدعم تركي.
وشمل الاتفاق، إعادة جيوب قره باغ التي يحتلها الأرمن، ومن بينها الطريق إلى ناخيتشيفان، الإقليم الأذربيجاني الذي كانت تفصله أراضٍ أرمينية بالقرب من الحدود مع تركيا وإيران، قبل الاتفاق الأخير.
إقليم ناخيتشيفان
وإقليم ناخيتشيفان (نَخجَوان) منطقة في أذربيجان، تتمتع بحكم ذاتي تقع بين أرمينيا وإيران وتركيا على الهضبة الواقعة جنوب منطقة القوقاز، عاصمته تحمل نفس الاسم وهي مدينة ناخيتشيفان. ويعد الإقليم من أكثر أجزاء الاتحاد السوفييتي السابق عزلة، ونادراً ما يزوره السياح.
تبلغ مساحته نحو 5363 كيلومتراً مربعاً، وهو منفصل جغرافياً عن باقي أذربيجان، لكنه تابع لها، ويبلغ تعداد سكانه 450 ألف نسمة. ومن أشهر أبناء هذا الإقليم، حيدر علييف الرئيس السابق لأذربيجان، وإلهام علييف الرئيس الحالي، وكذلك عديد من قادة الجمهورية الحاليين.
وقبل الاتفاق، كان الوصول إلى الإقليم يتطلب المرور إما عبر أذربيجان الغربية (مقاطعة إيرانية) أو من خلال أرمينيا.
لكن بعد استعادته، سيتيح إقليم ناخيتشيفان لأذربيجان الاتصال الجغرافي مع تركيا من خلال شريط حدودي فاصل بطول 23 كيلومتراً، وبنافذة عرضها 8 كيلومترات.
وضمن الاتفاق الأخير، بدأت روسيا نشر قوات حفظ سلام تابعة لها في مناطق التماسّ بين قوات أذربيجان وأرمينيا في قره باغ.
وحسب موقع “the moscow times”، ستُنشَر أيضاً القوات الروسية على الطريق الذي يربط أذربيجان وناخيتشيفان.
وكانت ناخيتشيفان أول جزء يعلن استقلاله عن الاتحاد السوفييتي قُبيل انهياره، وسارت على دربها ليتوانيا بعد شهرين، ثم انضمّت إلى أذربيجان بعد أسبوعين.
ويقول موقع “بي بي سي” في تقرير سابق إنه “نظراً إلى الموقع الفريد قرب الحدود مع تركيا (العضو في حلف شمال الأطلسي) وإيران، كانت ناخيتشيفان أقرب إلى جيب سري مغلق، لا يُسمَح لأحد بالدخول إليه حتى معظم مواطني الاتحاد السوفييتي السابق”.
استفادة الحلفاء
ولكن بعد استعادته، كيف يستفيد الحليفان تركيا وأذربيجان من الطريق الجديد؟
في مايو/أيار الماضي، قال تقرير لمؤسسة “جيمس تاون” المعنية بتحليل السياسات الاستراتيجية للدول، إن أذربيجان نشرت صواريخ “تايغر T-300” التي حصلت عليها من تركيا في إقليم ناخيتشيفان، وهي صواريخ من إنتاج شركة روكيتسان التركية، وتُستعمل لضرب الأهداف البعيدة والعميقة.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية عن نقل طائرات هليكوبتر هجومية ومقاتلات تابعة للقوات الجوية التركية إلى ناخيتشيفان بهدف إجراء مناورة جوية تكتيكية مع إطلاق النار بالذخيرة الحية استمرت لاحقا حتى منتصف أغسطس/آب.
وأجرت القوات التركية والأذربيجانية في سبتمبر/أيلول، مناورات عسكرية واسعة في ناخيتشيفان بهدف تطوير التنسيق بينهما، شارك فيها 2600 جندي و200 دبابة ومدرعة و180 نظاماً صاروخياً ومدفعية وقذائف هاون.
وشهدت المناورات التي استمرت يوماً واحداً، مشاركة 18 مروحية وأكثر من 30 نظاماً للدفاع الجوي، لتحييد أهداف عدوة مفترضة. وجرى في إطار المناورات تدمير الأهداف المحددة بالصواريخ وقذائف المدفعية، ثم نفّذ الجنود عمليات هجومية.
وقالت صحيفة “فز غلياد” الروسية في تقرير نشرته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن الدبابات التركية والقوات البرية الأخرى قد تصل إلى ناخيتشيفان بطريقة خاصة.
وعلى طول نفس الطريق، توجد سكة حديدية قيد الإنشاء ستتيح إمكانية نقل أنواع مختلفة من البضائع الاستراتيجية.
وعزز تلك الأنباء تصريح سابق لخبير مجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيميونوف، قال فيه رداً على حدوث قصف أرميني على إقليم ناخيتشيفان خلال الأزمة في إقليم قره باغ: “يمكن أن تغير هذه الهجمات طبيعة الصراع بأكمله”.
وتابع وفق ما نقلت عنه الصحيفة الروسية: “في حال امتدت الأعمال العدائية بالفعل إلى ناخيتشيفان، يمكن لأنقرة نقل وحداتها إلى هناك، باستخدام البنية التحتية العسكرية الأذربيجانية الموجودة هناك بالفعل”.
ما القادم؟
في 13 أغسطس/آب الماضي، وفي خضم المناورات التي ذُكرَت آنفاً، التقى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في باكو، كلاً من وزير الدفاع التركي خلوصي أقار، ورئيس الأركان يشار غولر، وقادة القوات البرية أوميت دوندار، والبحرية عدنان أوزبال، والجوية حسن كوتشوك أق يوز.
وفي منتصف شهر يوليو/تموز، زار وفد عسكري أذربيجاني رفيع المستوى تركيا والتقى وزير الدفاع التركي ومعظم القادة العسكريين في القوات المسلحة التركية.
وحسب وسائل الإعلام الأذربيجانية، جرى خلال اللقاءات إعداد وثائق مهمة للغاية بين باكو وأنقرة، وناقش الجانبان مسألة إنشاء قاعدة عسكرية تركية في ناخيتشيفان، معقل أذربيجان المتاخم لتركيا.
وقال الموقع الإخباري الأذربيجاني “Menfal” إنه إذا لم تتمكن العلاقات بين أذربيجان وتركيا بعد من التحرك نحو تحالف عميق بسبب عدم وجود خطوات قانونية معينة، فإن الوثائق الحالية سترفع التحالف بين الطرفين إلى أعلى مستوى.
نتيجة لذلك ستصبح العلاقات بين تركيا وأذربيجان وثيقة للغاية ولن تشمل فقط التعاون العسكري ولكن السياسي أيضاً.
بدوره، رأى الخبير السياسي الأذربيجاني غابل حسين أنه خلال زيارة الوفد العسكري التركي الرفيع نوقشت قضايا إنشاء قاعدة عسكرية تركية في ناخيتشيفان (من المحتمل أن يكون الطرفان توصلا إلى نتيجة مشتركة)، وإنشاء قاعدة عسكرية أخرى في شبه جزيرة أبشيرون (على الساحل الغربي لبحر قزوين)، حسب ما نقلت “daily sabah” التركية.
اقتصادياً، بلغت الصادرات من منطقة شرق الأناضول التركية 296 مليون دولار في أول شهرين من 2020، حل فيها إقليم ناخيتشيفان رابعاً بـ 17.4 مليون دولار، بعد العراق وألمانيا وإيران.
وفي يوليو/تموز الماضي، طرحت شركة بوتاش التركية الحكومية للطاقة، مناقصة لإنشاء خط أنابيب غاز لتزويد طريق ناخيتشيفان الأذربيجاني. وسيؤدي طريق الإمداد الجديد إلى تهميش مبيعات الغاز الإيراني إلى أذربيجان.
ولوقوعها بين إيران وأرمينيا واشتراكها في حدود صغيرة مع تركيا، فقد اعتمدت ناخيتشيفان منذ فترة طويلة على طهران للغاز الطبيعي للتدفئة المنزلية وتوليد الطاقة.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب إعلان الرئيسين التركي والأذربيجاني في فبراير/شباط اعتزامهما تسريع مسار إنشاء خط الأنابيب الذي كان معلقًا منذ عام 2010، عند توقيع اتفاقية لإنشاء خط الأنابيب لأول مرة.
وتدعو مناقصة بوتاش إلى تصميم خط أنابيب يمتد على بعد نحو 80 كيلومتراً من مدينة إغدير شرقي تركيا إلى الحدود مع ناخيتشيفان، ويكون الخط قادراً على حمل ما يصل إلى مليارَي متر مكعب من الغاز، وهو أكثر من أربعة أضعاف استهلاك الإقليم.
ومن المقرر أن تكتمل أعمال التصميم بحلول أوائل عام 2021، مما يعني أنه يمكن إنشاء الخط وتشغيله في وقت مبكر من عام 2022، وفق الشركة التركية.
المصدر: TRT عربي – وكالات