مواجهة أم تحالف.. إلى أين تتجه علاقة الرياض بواشنطن في ظل رئاسة بايدن؟
[ad_1]
تعهّد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بإعادة تقييم العلاقة مع السعودية على خلفية مسألة حقوق الإنسان، وفي حين توالت التهاني على بايدن بمناسبة فوزه كانت السعودية آخر دولة خليجية من بين المهنئين له، فإلى أين تتجه علاقة الرياض بواشنطن في عهد بايدن؟
تمتّع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تزامن صعوده السريع إلى السلطة مع بداية رئاسة دونالد ترمب في عام 2016 ، بعلاقات وطيدة مع البيت الأبيض شكّلت شبكة حماية له من الكثير من الانتقادات.
لكن هزيمة ترمب تترك الحاكم الفعلي للدولة الخليجية عرضة للمحاسبة المحتملة من أقرب حليف غربي، ممّا قد يجعله أقل قدرة على الوصول إلى الدوائر الضيقة في واشنطن، في وقت تواجه أجندته الإصلاحية مخاطر اقتصادية وسط استمرار الحرب في اليمن المجاور.
وبينما قدّم ترمب وصهره جاريد كوشنر الدعم الكامل لوريث العرش السعودي، تعهّد جو بايدن بإعادة تقييم العلاقة.
وانتقد ما وصفه بـ”شيك على بياض خطير” من ترمب للمملكة، وتعهّد بمواصلة السعي وراء تحقيق العدالة في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018 على يد أفراد سعوديين، وبمراجعة مبيعات الأسلحة الأمريكية بسبب الحرب الكارثية في اليمن.
#بايدن توعد ولي العهد السعودي بدفع الثمن حال فوزه في #الانتخابات_الأمريكية ، فهل اقترب وقت الحساب؟ pic.twitter.com/atF6cuG4pr
— TRT عربي (@TRTArabi) November 7, 2020
ومع ذلك يقول الخبراء إن العلاقات العسكرية والاقتصادية القائمة منذ عقود، والتي تشمل مكافحة الإرهاب، والحفاظ على الاستقرار في أسواق النفط، من غير المرجح أن تنقلب رأساً على عقب.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قلّصت اعتمادها على النفط السعودي في السنوات الأخيرة، فإنّ المملكة لا تزال زبوناً رئيسياً للمقاولين العسكريين الأمريكيين.
ويرى خبراء أن بايدن سيحتاج إلى العمل مع حكّام السعودية بشأن مجموعة من القضايا الساخنة في المنطقة، بدءاً من مواجهة النفوذ الإقليمي لإيران، إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف الذي عاد إلى الظهور مؤخراً.
غطاء إقليمي
ويبدو أن الرياض قلقة من تعهّد بايدن بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وإيران، وهو اتفاق تم التفاوض عليه عندما كان نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما.
ومزّق ترمب الاتفاق بعدما اختار زيارة الرياض في أول جولة خارجية له كرئيس في عام 2017.
ولضمان نجاح الاتفاق هذه المرة، يقول محلّلون إن بايدن سيسعى للحصول على توافق بين دول المنطقة، بما في ذلك السعودية التي تعارض تقليدياً الدبلوماسية مع طهران.
وقال المحلل السعودي علي الشهابي: “لا أحد يتوقع أن يسافر بايدن أولاً إلى الرياض ويؤدي رقصة وهو يحمل سيفاً، لكنه يحتاج إلى السعودية من أجل أي غطاء إقليمي لصفقة إيرانية جديدة، وفي مسألة دعم مكافحة الإرهاب، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واستقرار سوق النفط”.
وكان بايدن أعرب عن دعمه لاتفاقات التطبيع العربية الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك البحرين التي من غير المرجح أن تكون قد وقّعت على اتفاق التطبيع من دون موافقة الرياض.
ويرى مراقبون أن الأمير محمد يمكن أن يستخدم التطبيع المحتمل للسعودية مع إسرائيل كأداة تفاوضية إذا زاد بايدن من الضغوط.
وبحسب تشينزيا بيانكو الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، فإنّ “كثيرين في الرياض يعتقدون أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل سيضع الأمير محمد في وضع أفضل بكثير مع إدارة بايدن”.
وأضافت “كل شيء يعتمد على مدى عدائية إدارة بايدن في الواقع، في السياسة وليس في الخطاب، تجاه السعودية بدءاً من يناير/كانون الثاني”، مع أدائه اليمين.
شروط أكثر صرامة
ويعتبر المراقبون السعوديون خطابات بايدن الانتخابية حول المملكة أداة انتخابية لا أكثر، مشيرين إلى أن ترمب وجّه أيضاً ملاحظات معادية للمملكة في حملته عام 2016 قبل التقرّب من حكّامها.
لكن كون السعودية آخر دولة خليجية قدمت التهنئة إلى بايدن بانتخابه رئيساً، يعكس عدم سعادة المملكة بمغادرة حليفها البيت الأبيض وقدوم الديمقراطي بايدن.
“إدارة بايدن ستّتخذ بلا شك موقفاً أكثر تشدّداً مع السعودية في ما يتعلّق بحقوق الإنسان”
وقال ديفيد رونديل الدبلوماسي السابق رفيع المستوى في السفارة الأمريكية في الرياض لوكالة الصحافة الفرنسية: إن “إدارة بايدن ستّتخذ بلا شك موقفاً أكثر تشدّداً في ما يتعلّق بحقوق الإنسان من سابقتها، لكن من غير المرجح أن تتخلّى تماماً عن الشراكة السعودية الأمريكية”.
ويتفق محللون بأن تعهد بايدن بإعادة تقييم مبيعات الأسلحة للسعودية يتعارض مع سجله السابق، فعندما كان نائباً للرئيس خلال فترتي ولايتين لأوباما، قدّمت الولايات المتحدة لقوات المملكة الدعم اللوجستي والاستخباراتي.
كما باعت أسلحة تزيد قيمتها على 115 مليار دولار في 42 صفقة منفصلة، أي أكثر من أي إدارة سابقة أخرى، وفقاً لبيانات من عام 2016 لمنظمة “سيكيوريتي اسيستينس مونيتور” ومقرّها الولايات المتحدة.
ومع ذلك فإنّ أقرباء سجناء الرأي السعوديين يعلّقون آمالهم على بايدن، ويتوقّعون أن يضع شروطاً أكثر صرامة على الدعم الأمريكي مثل المطالبة بالإفراج غير المشروط عن هؤلاء السجناء.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية نقلت، الثلاثاء، عن السفير السعودي لدى المملكة المتحدة، خالد بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، القول إن بلاده تدرس العفو عن الناشطات المعتقلات، وبينهن لجين الهذلول المضربة عن الطعام منذ أسبوعين، قبل استضافتها قمة مجموعة العشرين.
وفي تصريحه للصحيفة، قال السفير السعودي إن المحاكم السعودية وجدت الناشطات مذنبات بأكثر من مجرد الدفاع عن الحق في القيادة، مشيراً إلى أن ثمة نقاشاً يدور في وزارة الخارجية السعودية حول ما إذا كان استمرار احتجازهن يكلف المملكة ضرراً سياسياً يفوق جدوى اعتقالهن.
وأشرف الأمير محمد على حملة قمع لأي معارضة، مع اعتقال عشرات النشطاء والصحافيين ورجال الدين وحتى أفراد العائلة المالكة على خلفية شبهات بالفساد في السنوات الأخيرة.
وليد الهذلول شقيق الناشطة لجين الهذلول، قال: “نأمل أن يجعل (بايدن) انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية أولوية، الأمر الذي أهملته إدارة ترمب الحالية”.
المصدر: TRT عربي – وكالات