يخوض سباق عَدْو.. ما مخاطر التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي رياضياً؟
[ad_1]
أخذ التطبيع الرياضي بين الإمارات وإسرائيل يتسارع كأنه يخوض أحد سباقات السرعة على مضمار ألعاب القوى، وهو ما لمسه المتابع منذ الإعلان عن اتفاق الطرفين على تطبيع العلاقات بينهما في 13 أغسطس/آب 2020.
على الرغم من أن التطبيع الرياضي بين الإمارات وإسرائيل قد ظهر في السنوات
الماضية من خلال مشاركات إماراتية-إسرائيلية متبادلة في بطولات وفاعليات احتضنها
كلا البلدين، فإنه قطع شوطاً كبيراً منذ الإعلان عن اتفاق السلام بينهما وقبيل
التوقيع عليه رسمياً منتصف سبتمبر/أيلول 2020 في حديقة البيت الأبيض برعاية
أمريكية.
يأتي هذا المشهد الجديد في الوطن العربي، في الوقت الذي لم تذهب
فيه مصر والأردن في التطبيع مع إسرائيل إلى هذه النقطة، مكتفيتين بعلاقات سياسية
واقتصادية إلى حد كبير مع حالة النفور الشعبي من الدولة العبرية، وتجنب مواجهة أحد
رياضييها في مختلف المحافل الرياضية، القارية والعالمية.
مظاهر التطبيع الرياضي
نادي “هبوعيل بئر السبع” الإسرائيلي وجَّه في مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، دعوة إلى فريق
“شباب الأهلي دبي” الإماراتي لخوض مباراة ودية بينهما، احتفاءً بتطبيع
العلاقات بين الجانبين.
ونقل حساب “إسرائيل
بالعربية”
التابع للخارجية الإسرائيلية أن “كلا الفريقين تُوّج ببطولة الكأس في
بلديهما”، في إشارة إلى أن المواجهة المرتقبة ستكون على “كأس السوبر
الإماراتي-الإسرائيلي”.
القناة العبرية “i24 news” كشفت في 9 سبتمبر/أيلول الفائت، عن مساعٍ إماراتية
للاستحواذ على ملكية “بيتار القدس” الإسرائيلي المعروف عن جماهيره
العنصرية والتطرف وتبني مواقف يمينية، فضلاً عن رفضه فكرة انضمام أي لاعبين عرب أو
مسلمين إلى صفوفه، إضافة إلى تطاول تلك الجماهير على الإسلام ورسوله محمدﷺ.
وأوضحت القناة أن المفاوضات الدائرة بين مستثمرين إماراتيين ومالك
النادي الإسرائيلي موشيه حوجج قد تثمر “أول استثمار إماراتي بمجال الرياضة في
إسرائيل”، قبل أن تؤكد وسائل إعلام عبرية أن رجل الأعمال الإماراتي
سليمان الفهيم هو من يقود تلك المفاوضات.
قطار التطبيع الرياضي بين أبو ظبي وتل أبيب وصل إلى محطة جديدة
عنوانها جلب لاعبين إسرائيليين إلى الدوري الإماراتي لكرة القدم، من خلال مفاوضات أجرتها أندية إماراتية لجلب نجم منتخب دولة الاحتلال
بيرم كيال، لكنها لم تتكلل بالنجاح.
نادي النصر الإماراتي نجح في 27 سبتمبر/أيلول 2020 بأن
يكون أول نادٍ إماراتي وخليجي يجلب لاعباً إسرائيلياً إلى صفوفه بانضمام
“ضياء سبع” في عقد يمتد إلى ثلاثة أعوام، وسط احتفاء رسمي من الإعلام
العبري،
لدرجة أن الأمر وصل إلى أن يعلق عليه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي
أدرعي.
وظهر سبع، وهو لاعب دولي في المنتخب الإسرائيلي منذ عام 2018، ولعب
لعدة أندية أبرزها “مكابي تل أبيب” و”هبوعيل بئر السبع”
و”مكابي بيتح تكفا” و”مكابي نتانيا”، في أول مباراة بقميص
فريقه الإماراتي، عندما حلّ بديلاً أمام الجزيرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول الفائت.
اقرأ أيضاً:
هل
ينضم العراق إلى قائمة المطبعين مع إسرائيل؟
وبعد أسبوع، أُعلن رسمياً عن مباراة تجمع “مكابي حيفا”
و”العين” الإماراتي من المقرر إقامتها في أبو ظبي تحت اسم “مباراة
السلام”، كما يعكف الناديان على توقيع مذكرة تفاهم بينهما في القريب العاجل.
بدورها وقَّعت رابطة كرة القدم للمحترفين الإماراتية مذكرة
تعاون مع نظيرتها الإسرائيلية، في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020، في خطوة تُعتبر
“الأولى من نوعها على مستوى دول الشرق الأوسط، وتأتي في إطار التعاون وزيادة
فرص نجاح وتطوير اللعبة في البلدين”.
مخاطر التطبيع
الإعلامي الرياضي اللبناني محمد عواضة يقول إن إشكالية كبيرة قادمة
عندما تتواجه أندية إماراتية أو بحرينية تضم لاعبين إسرائيليين مع فرق عربية ترفض
بلادها فكرة التطبيع جملة وتفصيلاً، متسائلاً: “هل يكون الحل بالانسحابات في
بطولات الاتحادين العربي والآسيوي لكرة القدم؟”.
ويعتقد عواضة في حديثه لـTRT
عربي، أن مظاهر التطبيع الرياضي المتسارعة تشير إلى محاولات لإعادة الاتحاد
الإسرائيلي لكرة القدم إلى نظيره الآسيوي لاعتبارات سياسية وفنية، علماً أن
إسرائيل كانت طردت من اللعب في القارة الآسيوية عام 1976، بفضل مشروع قرار قادته
الكويت، لتضطر إلى اللعب في القارة الأوروبية بدءاً من عام 1992.
ويؤمن بأن مواجهة التطبيع الرياضي تبدأ بـ”مقاومة رياضية،
تمنع المحاولات الجارية لإعادة إسرائيل إلى الحظيرة الآسيوية”، وصولاً إلى
مقاطعة جميع اتحادات الدول المطبِّعة وعدم الانخراط معها بمباريات ودية أو
اتفاقيات تعاون أو إقامة معسكرات تحضيرية على أراضيها.
حلم طال انتظاره!
ويتفق الإعلامي الرياضي اليمني علي المحيميد في ما ذهب إليه عواضة، بقوله إن التطبيع
المتسارع في طريقه إلى تحقيق ما حلمت به إسرائيل منذ عقود طويلة، بخاصة أن التطبيع
الرياضي الإماراتي مرتبط أساساً بالتطبيع السياسي والاقتصادي مع تل أبيب.
ويستطرد المحيميد موضحاً في حديثه لـTRT
عربي أن إسرائيل لطالما حلمت بعودتها إلى القارة الآسيوية وخوض منافساتها الرياضية
المختلفة مع الدول العربية، مشيراً إلى أنها بذلك تتمكن من “كسر حالة الصمود
العربي الرافض لوجودها، ناهيك بالاعتراف بها”.
ويؤكّد الإعلامي اليمني أن إسرائيل تسعى لـ”غزو المنطقة من
بوابة الرياضة”، لافتاً إلى وجود مقترحات بإقامة بطولات رياضية منتظمة بين
أندية الدول العربية ومنتخباتها المطبِّعة مؤخراً، في إشارة منه إلى الإمارات
والبحرين والسودان، مع نظيرتها الإسرائيلية، على الرغم من حالة الرفض الشعبي
المتصاعد، وهو ما يظهر بوضوح في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
دور عربي مطلوب
ووصف مقدم البرامج الرياضية بقناة “المهرية” اليمنية،
الخطوات الإماراتية المتلاحقة بأنها “طعنة أصابت الإجماع العربي الرافض
لإسرائيل وخوض أي منافسات رياضية معها”.
واستحضر المحيميد مشروع قرار منع إسرائيل بزعامة الكويت، الذي عده
انتصاراً رياضياً كبيراً للعرب ضد تل أبيب، لكنه لم يستبعد رؤية اسم إسرائيل
وعلمها يرتفعان في ملاعب عربية بمساعٍ إماراتية تجري حالياً على قدم وساق.
اقرأ أيضاً:
التطبيع
مع الاحتلال.. فوائد علمية استراتيجية أم خضوع للهيمنة الإسرائيلية؟
وأشار إلى أن التطبيع الرياضي الإماراتي يشمل مجالات مختلفة منها
إقامة ورش عمل مشتركة بين الجانبين، ومواكبة كل ما يتعلق بتكنولوجيا التطور
الرياضي الكروي وتطوير العمل الفني في قطاع كرة القدم، كاشفاً عن نيات متبادَلة
لتوقيع عقود بث مباريات الدوري الإسرائيلي وكل الأنشطة الرياضية المختلفة على
وسائل إعلام إماراتية.
وحول الدور المطلوب لمواجهة “خروج الإمارات عن الإجماع العربي
الرياضي بشأن إسرائيل”، يقول المحيميد لـTRT
عربي إنه على الجهات الرياضية العربية “سَنّ قوانين واضحة ونافذة بحق الدول
المطبِّعة رياضياً”.
وللمؤسسات والاتحادات الرياضية العربية دور كذلك، من خلال إقامة
ندوات ومحاضرات توضح مخاطر التطبيع مع إسرائيل وأثره على المنطقة، ليس رياضياً
فحسب بل في مختلف الأصعدة. ويزيد الإعلامي الرياضي اليمني قائلاً: “إن كل هذا
يضاف إلى تنظيم بطولات بمختلف الرياضات تعزز مكانة القضية الفلسطينية وتجعلها
حاضرة في وجدان الجماهير الرياضية”.
من هنا كانت البداية
ومهدت الإمارات وإسرائيل للحظة الحالية بمشاركات تطبيعية متبادلة،
ارتفعت وتيرتها في العامين الأخيرين، إذ شارك سائقان إسرائيليان في “رالي أبو ظبي
الصحراوي” للسيارات، في مارس/آذار 2018، كما شارك 20 رياضياً إسرائيلياً في
بطولة العالم للجوجيتسو لفنون القتال للشباب والناشئين بالإمارات في الشهر ذاته.
وبعد شهرين شاركت الإمارات والبحرين في “طواف إيطاليا
2018” للدراجات الهوائية الذي أقيم بـ”إسرائيل”، وهو سباق لتهويد
القدس المحتلة.
لكن اللحظة الأبرز كانت أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد عزف النشيد الإسرائيلي “هاتيكفا” ورفع
علم الدولة العبرية في الإمارات، بمناسبة فوز لاعب إسرائيلي بالميدالية الذهبية في
إحدى بطولات العالم للجودو بالعاصمة أبو ظبي، وذلك تحت أنظار وزيرة الثقافة
والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف آنذاك.
وفي مارس/آذار 2019 شارك وفد رياضي إسرائيلي2019، بدورة الألعاب
الأولمبية المخصصة للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، التي احتضنتها أبو ظبي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 عُزف النشيد الإسرائيلي مجدداً في العاصمة الإماراتية
على هامش فوز أحد الرياضيين الإسرائيليين في بطولة الجوجيتسو العالمية.
دعوة للاستثمار فلسطينياً
المعلق الرياضي التونسي زياد عطية، في معرض تعليقه على التطبيع
الرياضي الإماراتي والمحاولات الرامية إلى الاستثمار بالأندية الإسرائيلية، يقول
إنه كان من الأجدر ذهاب الإمارات إلى الاستثمار في أندية فلسطينية وتعزيز صمودها.
ويوضح عطية في حديثه لـTRT
عربي أن الأندية الفلسطينية دخلت عهداً جديداً مع تطوُّر الدوري المحلي وتحسُّن
البنية التحتية ووصول بعض فرقه إلى مرحلة المجموعات من كأس الاتحاد الآسيوي لكرة
القدم (ثانية أشهر بطولات القارة الصفراء)، وذلك في إشارة إلى ما حققه نادي
“هلال القدس”.
ووصف المفاوضات الإماراتية للاستثمار بنادٍ إسرائيلي بأنها
“خزي وعار”، كذلك فإنها “طعنة في ظهر الأمة مع ما يعيشه
الفلسطينيون من معاناة حرب وتمزيق شعب تستمر فيه الجرائم منذ عقود”.
لكنه شدد على أن ما يحدث حالياً يُعَدّ ترجمة
لـ”إرادة دولة الإمارات الرسمية للتطبيع مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن
تنامي دعوات إقامة مباريات ودية بين الأندية الإماراتية ونظيرتها العبرية يُعتبر
“خطوة استفزازية لمشاعر الجمهور الرياضي العربي والإسلامي”.
المصدر: TRT عربي