بإمكانيات وطنية كاملة.. هكذا تسير تركيا بخطى ثابتة نحو الفضاء
[ad_1]
على طريق الوصول إلى القمر الصناعي التركي الوطني الكامل، كان لا بد من العمل على برنامج لتطوير نظام صاروخي لإطلاق الأقمار الصناعية إلى الفضاء، وهو ما بات جاهزاً حسبما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام.
في العاشر من أغسطس/آب
عام 1994 أطلقت تركيا بمساعدة خارجية قمرها الصناعي الأول إلى الفضاء، وذلك في أول
خطوة غير مباشرة في هذه المضمار، لكنها بدأت تدريجياً ضمن برنامج وطني طويل الأمد
لتعزيز إسهاماتها الوطنية في هذا المجال وأطلقت تباعاً ما مُجمَله 6 أقمار صناعية
إلى الفضاء لأهداف تكنولوجية وعسكرية باعتماد على الخارج قلّ تدريجياً.
لكن هذه المسيرة اقتربت
من أن تتكلل بالنجاح التامّ وصولاً إلى إطلاق أول قمر صناعي إلى الفضاء بصناعة
وإمكانيات إطلاق ومتابعة وطنية خالصة 100% بحلول عام 2022 لتحجز تركيا مكانتها
المتقدمة بين دول محدودة حول العالم تمتلك هذه القدرات، وذلك في إطار برنامج تركيا
الوطني الشامل للنهوض بالمجالات كافة بحلول عام 2023، الذي يقوده الرئيس التركي رجب
طيب أردوغان.
وعلى طريق الوصول إلى
القمر الصناعي التركي الوطني الكامل، كان لا بد من العمل على برنامج لتطوير نظام
صاروخي لإطلاق الأقمار الصناعية إلى الفضاء، وهو ما بات جاهزاً حسبما أعلن أردوغان
قبل أيام، مبشراً بأن بلاده قد أتمّت بالفعل تطوير برنامج صاروخي لإطلاق الأقمار
إلى الفضاء، وأكّد نجاحه خلال التجارب في الوصول 4 مرات إلى الفضاء.
وكالة الفضاء التركية
في عام 2018 أصدر أردوغان
مرسوماً رئاسياً يقضي بتأسيس “وكالة الفضاء التركية” بحيث تكون تابعة
لوزارة الصناعة والتكنولوجيا، وأوضح وزير التكنولوجيا مصطفى ورانك، إن وكالة الفضاء ستحدّد سياسات بلاده
واستراتيجياتها في مجال تكنولوجيا الفضاء، معتبراً أنه حلم تنتظره تركيا منذ 20
عاماً تحقق الآن من أجل حراسة مصالح تركيا القومية في الفضاء.
ومن بين مهام وكالة الفضاء التركية، تطوير الصناعات التنافسية في هذا المجال، وتعميم
استخدام التكنولوجيا الفضائية بشكل يتماشى مع المصالح الوطنية ورفاه المجتمع، إلى
جانب تطوير البنى التحتية والموارد البشرية، وزيادة القدرات والمهارات، واكتساب
تقنيات ومنشآت تضمن الوصول المستقلّ إلى الفضاء وتوقيع عقود لتشغيل المحطات
الأرضية الفضائية، وضمان التنسيق بين المحطات، والتواصل بين المؤسسات المحلية
والدولية، من أجل حماية حقوق ومصالح تركيا.
صاروخ الإطلاق الوطني
في يونيو/حزيران الماضي
قال رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية إسماعيل ديمير: “تركيا رأت الفضاء”، دون أن يعطي
مزيداً من التفاصيل عن الآلية التي وصلت بها تركيا إلى الفضاء في إطار “حملة
التكنولوجيا الوطنية”، قبل الكشف عن تفاصيل أولية عن مشروع الصاروخ التركي
الذي وصل إلى الفضاء، وذلك خلال مراسم افتتاح مركز “روكيتسان” لأنظمة إطلاق الأقمار الصناعية وأبحاث
التكنولوجيا المتقدمة أغسطس/آب الماضي، قبل أن يعلن أردوغان تفاصيل الخبر الكبير:
“أودّ
أن أشارككم أخباراً سارة، لقد أضأنا ظلام الفضاء مرة أخرى بمهاراتنا التكنولوجية
والهندسية الوطنية في يوم الجمهورية 29 أكتوبر/تشرين الأول، أنهينا بنجاحٍ
اختبارات إطلاق الأقمار الصناعية التي أجريناها بقدراتنا الهندسية الوطنية
والمحلية بالكامل، مع هذا الفخر بيوم جمهوريتنا، تركنا وراءنا نقطة تحوُّل مهمة
أخرى في رؤيتنا لعام 2023”.
بهذه الكلمات المُرفَق بها مقاطع
فيديو لإطلاق الصاروخ، أعلن أردوغان قبل أيام نجاح تركيا في الاختبارات النهائية
على برنامج الصواريخ التي ستتولى الأقمار الصناعية التركية إلى الفضاء، مشدداً على
أن البرنامج طُوّر بإمكانيات وطنية خالصة، مُشيداً بهذا الإنجاز “الذي يدعو
إلى الفخر”، واعداً بمزيد الإنجازات.
اقرأ أيضاً:
سلاح
المستقبل.. تركيا من أبرز دول العالم التي تطور المدافع الكهرومغناطيسية
ومن شأن هذا الإنجاز
الكبير أن يعطي برنامج تركيا للوصول إلى الفضاء بإمكانيات وطنية كاملة دفعة
كبيرة جداً، إذ أُطلِقَت الأقمار السابقة كافة من محطات إطلاق خارجية وبمساعدة دول
أخرى تمتلك هذه التقنيات، لكن بفضل هذا الإنجاز سوف تتمكن تركيا من إطلاق أقمارها
المقبلة بصاروخها الوطني ومن محطات إطلاق داخل البلاد.
مراد إيكينجي، مدير عام شركة روكتسان للصناعات الدفاعية التركية التي طوّرَت البرنامج
الصاروخي لإطلاق الأقمار الصناعية قال: “هدفنا القادم هو إتمام جهودنا لتصنيع
صاروخ يمكنه وضع حمولة تقدر بمئة كيلو غرام في مدار على بعد 400 كيلومتر في
الفضاء، وبذلك ستصبح تركيا قادرة على إطلاق صواريخها إلى مداراتها بنفسها”.
وأوضح إيكينجي:
“ننفّذ تخطيطاً استثمارياً يعمل على رفع القدرات والإمكانات الحالية إلى
مستوى أعلى، وتصنيع محركات أكبر وأقوى بإمكانات محلية وقومية”، وتابع:
“الفترة القادمة ستشهد تطويراً لأنظمة المحركات والدفع والصواريخ ذات القدرات
الكبيرة، وستدخل الخدمة. هذه استثمارات ضخمة، وإن برامج الفضاء تتطلب موارد بمليارات
الدولارات”.
الأقمار التركية الـ7
وتمتلك تركيا في الوقت
الحالي 6 أقمار صناعية نشطة، 3 منها للاتصالات و3 للاستطلاع، فيما أعلن وزير النقل
والبنية التحتية التركي عادل قره إسماعيل أوغلو، أن بلاده تخطّط لإطلاق قمرها الصناعي A5 منتصف ديسمبر/كانون الأول
المقبل، وإطلاق قمر تركسات 5B في يونيو/حزيران 2021، وأشار إلى مواصلة تصنيع القمر الصناعي A6 الذي يُعَدّ أهمّ مثال
على التطوُّر التقني المحلي، والمقرَّر إطلاقه إلى الفضاء بحلول عام 2022، ليكون بذلك أول قمر
صناعي محلي الصنع بالكامل.
ويُعَدّ تركسات 5B من الجيل الخامس للأقمار الصناعية، ومن المرتقَب إطلاقه إلى
المدار 31 درجة شرقاً، وتهدف أنقرة من إطلاقه إلى إدخال المناطق كافةً الممتدة من
الجمهوريات التركية وصولاً إلى الصين في آسيا، إضافة إلى إفريقيا وأوروبا، ضمن
نطاق تغطيتها، بما يعني أن ملايين من سكان العالم سيتمكنون من التواصل عبر الأقمار
الصناعية التركية.
يعود طريق هذا التطور إلى
عام 2012، حين أصدرت اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية في تركيا قراراً حول وصول
تركيا إلىالفضاءباستقلالية وبقدرات
محلية، وبدأ العمل في هذا المجال منذ ذلك الحين. ووكلت مؤسسة الصناعات الدفاعية في
الرئاسة التركية إلى مركز “روكيتسان” مهمة إنشاء مركز لأنظمةالفضاءوأبحاث التكنولوجيا المتقدمة، ويعمل قرابة 1000 خبير وتقني تركي في
هذا المشروع.
ولضمان وصول تركيا إلى الفضاء باستقلالية، وقّعَت مؤسسة الصناعات الدفاعية مع “روكيتسان” عام 2018، مشروع
تطوير نظام إطلاق أقمار صناعية صغيرة، من المقرر اكتماله في 2025. وسيتيح هذا المشروع
إمكانية وضع أقمار صناعية صغيرة، يزن كل منها 100 كيلوجرام أو أقل، في المدار
المنخفض للأرض، البالغ ارتفاعه نحو 400 كيلومتر.
اقرأ أيضاً:
مسيرة
تركيا نحو الطاقة النظيفة
ويضمن هذا المشروع امتلاك
تركيا قدرات لا تمتلكها إلا دول معدودة، وسيمكّن من إطلاق الأقمار الصناعية
والاختبار والإنتاج وتأسيس القواعد والبنية التحتية، ويوفّر القمر المحلي بعد
إطلاقه تدفق معلومات آمنة لتركيا أيام الحرب والسلم، كما سيسهم في مستقبل البلاد
في كل المجالات من الزراعة إلى الاستخبارات الحربية، وسيسهّل عمل الجيش من خلال
الإحداثيات والمعلومات الفورية.
وأُطلِقَ الصاروخ بتقنية
الوقود الصلب، وخلال المراحل القادمة سيُختبَر بالوقود السائل إضافةً إلى الصلب،
كما ستبدأ التجارب الفضائية الأولى لتقنية محركات الصواريخ، التي تعمل بالوقود
السائل المطورة محلياً، وستتواصل أعمال تطوير محركات صواريخ تعمل بالوقود الهجين.
إنجازات متعددة
خلال افتتاح مركز
“روكيتسان” لإطلاق الأقمار الصناعية، قال أردوغان إن تركيا ستخطو خطوة
مهمة عبر المركز، موضحاً أن مشروع إطلاق أقمار صناعية صغيرة ضمن أهمّ الأنشطة
الحساسة له، مشيراً إلى ضرورة إنجاز المشروع المذكور قبل عام 2025، وأضاف:
“من خلال هذا المشروع، سنكون قادرين على وضع أقمار صناعية صغيرة لا يتجاوز
وزنها 100 كجم، في المدار المنخفض للأرض البالغ ارتفاعه نحو 400 كلم”.
وتعمل تركيا على إطلاق
القمر الصناعي التركي “إيمجا” إلى الفضاء بحلول العام المقبل. والقمر
“إيمجا” أشرف على تطويره مؤسسة العلوم التكنولوجية التركية
“توبيتاك”، ويُعتبر أول قمر صناعي محلي للمراقبة والرصد، ويُعتبر خطوة
مهمة نحو تلبية احتياجات تركيا من الصور المدنية والعسكرية عالية الدقة.
كذلك تستعد تركيا لإطلاق
أول قمر صناعي مصغَّر إلىالفضاء،
يحمل اسمGrizu- 263A، ومن المقرر إرساله إلىالفضاءبواسطة صاروخ “سبيس إكس فالكون 9″، في ديسمبر/كانون الأول
المقبل. وسيُرسَل القمر من منصة إطلاق قاعدة “كيب كانافيرال” في
الولايات المتحدة، ومن المخطَّط أن يدور القمر الصناعي المصغر في مدار أرضي منخفض
يبلغ طوله 525 كلم، لمدة 4 أعوام و8 أشهر.
وكان عارف قره بك أوغلو، المدير العام لشركة “Delta V” التركية المساهمة لتكنولوجيات الفضاء، كشف عن عمل
شركته منذ نحو عامين على تطوير محرّك هجين لدفع صواريخ الفضاء، وأوضح أن الشركة
نفذت 11 عملية إطلاق تجريبية بالمحرك من أجل الصعود إلى الفضاء، والصيف المقبل
سيكون موعداً لأول إطلاق صوب الفضاء باستخدام ذات المحرك.
وقال قره بك أوغلو:
“هدف مشروعنا هذا هو تعزيز وتطوير هذه النوعية من المحركات، وإكساب بلادنا
هذه التكنولوجيا، وتحويل تركيا إلى لاعب في الفضاء مستقبلًا بواسطة هذه المحركات،
فضلًا عن هدفنا المتمثل في تعزيز تلك الأنظمة التي ستخوض غمار المنافسة
العالمية”، واستطرد قائلًا: “السمة الرئيسية للتكنولوجيا الخاصة بنا، هي
كونها بسيطة وغير مكلفة. وفضلاً عن ذلك أنها آمنة”، مشدّداً على أن
“الدولة التي لا تستطيع الوصول إلى الفضاء بنفسها ستظلّ بحاجة إلى تكنولوجيا
الآخرين”.
نظام التشغيل GİS
وبفضل الأقمار الصناعية
التركية والتطور المتسارع في مجال علوم الفضاء، تمكنت تركيا من ابتكار نظام التشغيل “جي آي إس” (GİS) الذي طُوّره بإمكانيات محلية لتلبية الحاجة الأمنية والعسكرية
الضرورية والحساسة والملحّة للصناعات الدفاعية والطيران ليكون بديلاً من نظام
“جي بي إس” العالمي، مما يعطي تركيا مزيداً من الاستقلالية والخصوصية في
المجالات العسكرية الحساسة.
وخلال السنوات السابقة
عملت تركيا بتعاون وثيق لتبادل الخبرات مع كازاخستان وإيطاليا، كما تظهر مؤشرات تعاون
وثيق أكبر مع روسيا خلال المرحلة المقبلة، إذ يرى ديميتري روغوزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية”روس كوزموس”،
أن تركيا تمتلك كل المقومات اللازمة لتأخذ مكانها في القائمة التي تضمّ
“القوى الفضائية”، لافتاً إلى أن موسكو ستكون مسرورة في حال أعلنت تركيا
روسيا شريكاً استراتيجياً لها في هذا المجال، وأشار إلى أنه عرض على أردوغان إرسال
أول تركي إلى الفضاء بالتعاون مع روسيا.
المصدر: TRT عربي