ما أهداف روسيا من إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في السودان؟
[ad_1]
من المتوقع أن يسري الاتفاق بشأن إنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية في السودان لمدة 25 عاماً مع إمكانية التمديد بعد انقضاء هذه الفترة لمدة 10 سنوات بموافقة الطرفين.
صدّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين، على مسودة اتفاق مقدمة من وزارة الدفاع، من شأنها إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في السودان، ليفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول الهدف من هذه الخطوة المتقدمة.
ووجَّه بوتين وزارة الدفاع إلى إنشاء مركز لوجستي للقوات البحرية الروسية على الأراضي السودانية (البحر الأحمر) قد يستوعب سفناً تحمل أجهزة طاقة نووية، حسب “روسيا اليوم”.
ويقضي مشروع الاتفاق بأن المركز يمكن أن يستوعب 300 جندي وموظف ولا يمكن أن يحتضن بشكل متزامن أكثر من 4 سفن عسكرية بينها حاملة أجهزة طاقة نووية “مع التزام مبادئ الأمن النووي والبيئي”.
ومن المتوقع أن يسري الاتفاق بشأن المركز العسكري في السودان لمدة 25 عاماً مع إمكانية التمديد بعد انقضاء هذه الفترة لمدة 10 سنوات بموافقة الطرفين.
ويشير مشروع القرار الذي وافق عليه سابقاً رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين بالتنسيق مع وزارتَي الدفاع والخارجية، إلى أن إنشاء المركز “يستجيب لأهداف دعم السلام والاستقرار في المنطقة ويحمل طابعاً دفاعياً وليس موجهاً ضد أي دول أخرى”.
ما الهدف؟
في حديثها عن هذه الخطوة، تقول صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الكرملين يسعى من خلال هذه القاعدة للوجود على ساحل البحر الأحمر، في تمركز هو الأول من نوعه في إفريقيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
ورأت في تقرير لها أن “موسكو تسعى لتوسيع وجودها العسكري العالمي وتعزيز علاقاتها التجارية والدفاعية المزدهرة مع القارة”.
وستكون القاعدة ثاني منشأة بحرية روسية خارج أراضي الاتحاد السوفييتي سابقاً بعد طرطوس في سوريا.
ويأتي هذا الإعلان بعد أكثر من عام بقليل من استضافة روسيا أول قمة جيوسياسية لها ركزت على العلاقات مع الدول الإفريقية، زادت فيها مبيعات الأسلحة والاستثمارات في مشاريع الموارد الطبيعية في السنوات الأخيرة.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019 استضافت مدينة سوتشي قمة روسية إفريقية حضرها أكثر من 40 زعيماً إفريقياً، قال عضو برلماني روسي بارز متخصص في الشؤون الإفريقية لموقع Defense News الأمريكي: “الرئيس مهتم للغاية بالقضايا الإفريقية”.
تسارعت المحادثات لفتح المركز اللوجستي بعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لموسكو عام 2017. وعلى الرغم من الإطاحة به عام 2019، استمرت المحادثات مع رئيس المجلس السيادي العسكري عبد الفتاح البرهان.
وفيما يمكن اعتباره رسالة إلى واشنطن، تأتي خطوة موسكو بعد أسابيع فقط من توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على قرار لإزالة السودان الذي يعاني ضائقة مالية من قائمة أمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وتقول صحيفة “فايننشال تايمز”: “عملت روسيا على بناء روابط أقوى مع الدول الإفريقية في السنوات الأخيرة، في الوقت الذي تسعى فيه لإقامة علاقات ثنائية وصفقات تجارية جديدة لتعزيز نفوذها الجيوسياسي العالمي”.
ورأت أن المنشأة البحرية الروسية الكبيرة ستمنح موسكو نقطة انطلاق في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن المشحونة جيوسياسياً، ومن خلالها تبحر كمية كبيرة من تجارة الشحن بين أوروبا وآسيا.
وتعتبر موسكو مورداً رئيسياً للأسلحة إلى السودان ومصر والجزائر وأنغولا، كما طورت علاقات دفاعية قوية مع جمهورية إفريقيا الوسطى، في حين أن مستوى استثماراتها في القارة يتضاءل مقارنة بالصين.
وتمتلك الصين إلى جانب أمريكا وفرنسا قواعد بحرية منافسة في جيبوتي بينما تمتلك تركيا قاعدة عسكرية في الصومال.
وقبل بضع سنوات، بدأت روسيا البحث عن طرق لإنشاء قاعدة دائمة في جيبوتي، لكن قال مصدر مطّلع لموقع Defense News إن المفاوضات فشلت في السابق.
لذلك ينظر موقع”insideover”الإيطالي إلى القاعدة البحرية الروسية، على أنها تأتي “في إطار مواجهة النشاط التركي والنفوذ الصيني والأمريكي في إفريقيا”.
وقال الموقع في تقرير له: إنه “لطالما كان الوصول إلى البحار الدافئة والتحكم في أهم طرق التجارة أحد النقاط الثابتة لروسيا واستراتيجية متماسكة مع مرور الوقت لدولة لم تدرك أهمية البحر إلا في العصر الحديث”.
وأكد أن هذه الخطوة تُثبت أن نشاط بوتين لم ينتهِ بعد التدخل في سوريا عند قاعدته الوحيدة في شرق المتوسط، ولكن تبلور الآن أيضاً في البحر الأحمر، بوابة المتوسط في الاتجاه المعاكس نحو المحيط الهندي والخليج.
بهذا المعنى، يقول الموقع: “لا ينبغي التقليل من أهمية أن طرطوس، القاعدة السورية للبحرية الروسية، كانت تعتبر أيضاً في البداية مركزاً لوجستياً وهو ما يدل على أن التعريف لا يؤكد المهام (الحقيقية) كما يعتقد المرء”.
أما موقع Defense News فرأى أن افتتاح القاعدة يُظهر أن “روسيا تعود إلى المحيط العالمي”، وفق ما نقل عن دميتري ليتوفكين الكاتب في وكالة الأنباء الروسية الحكومية تاس.
وأشار ليتوفكين إلى أن الطرادات الروسية التي تعمل بالطاقة النووية يمكنها استخدام المركز كمكان للراحة لأفراد طاقمها. وكتب: “لن يضطر البحارة في أساطيل الشمال والبلطيق إلى إجراء انتقالات مرهقة لقضاء عدة أشهر”.
من جانبها، قللت صحيفة أرغومينتي إي فاكتي الروسية من شأن وجود تنافس دولي يقف وراء القاعدة، مبينة أنها “تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار في المنطقة”.
وقالت الصحيفة إن البحر الأحمر هو منطقة استراتيجية تمر طرق التجارة من خلاله وتصل إلى قناة السويس، إذ تمتلك روسيا أسطولاً تجارياً ضخماً، وهذه المنطقة خطرة بشكل خاص بسبب القرصنة.
وتتابع: “لذلك ليس من المستغرب أن نفكر لفترة طويلة في إنشاء قاعدة في المنطقة، فقبل ذلك عملت السفن الروسية في البحر الأحمر، حيث قاتلت القرصنة. ومع ذلك فإن التحولات الطويلة من دون قاعدة رئيسية مرهقة للغاية لأطقم السفن العسكرية”.
واتفق الخبير العسكري الروسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يوري ليامين مع رأي الصحيفة السابقة، إذ قال: “هذه ليست قاعدة للبحرية الروسية، إنما نقطة دعم لوجستي. هذا أقل بكثير من حيث المستوى والعدد والبنية التحتية والمعدات. فهي كمثل القاعدة البحرية في طرطوس السورية”.
وقال الخبير في تصريحات لصحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية إن “هذه النقطة في السودان ضرورية لتجديد الاحتياطات وإصلاح السفن التي تقوم بدوريات ومهمات مكافحة القرصنة. فمن أجل التزود والإصلاح، كان علينا من قبل الذهاب إلى طرطوس. الآن لا توجد حاجة إلى ذلك فهذه هنا”.
ورأى أنه “لا حاجة لقاعدة بحرية كاملة، إذ يكفي ما هو موجود في طرطوس السورية. فهناك، على أساس دائم، تتمركز السفن وقوات الدفاع الساحلية والبنية التحتية، بالإضافة إلى الطيران، في مكان قريب جداً، والمسافة بين طرطوس والسودان قصيرة نسبياً. إذا لزم الأمر، ستصل السفن بسرعة إلى هناك. هذا يكفي في الظروف الحالية”.
المصدر: TRT عربي – وكالات