الصادق المهدي.. رحيل أبرز وجوه السياسة في السودان
[ad_1]
أُعلنَ عن وفاة الصادق المهدي زعيم حزب الأمة السوداني وآخر رئيس وزراء منتخَب ديمقراطياً، عن عمر ناهز 84 عاماً، بعد إصابته بفيروس كورونا.
مساء 25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، طوى السودان آخر ذكرى للممارسة الديمقراطية، برحيل المفكر والسياسي الصادق المهدي.
وأُعلنَ عن وفاة الصادق المهدي زعيم حزب الأمة السوداني وآخر رئيس وزراء منتخَب ديمقراطياً، عن عمر ناهز 84 عاماً، بعد إصابته بفيروس كورونا.
حتى آخر أيامه، كان المهدي يطالب بعودة الديمقراطية إلى بلاده، حتى إنه ألف كتاباً عنها بعنوان “الديمقراطية في السودان.. عائدة وراجحة”، لكنه رحل قبل أن يتحقق ذلك.
وأُطيحَ بالمهدي في انقلاب عسكري عام 1989، أوصل الرئيس السابق عمر البشير إلى السلطة. وظلّ المهدي معارضاً لنظام البشير حتى الإطاحة به في أبريل/نيسان 2019، على يد الجيش، عقب أشهر من الاحتجاجات الشعبية.
وعاد الزعيم المعارض إلى الخرطوم نهاية 2018 بعد مكوثه نحو عام في منفاه الاختياري في بريطانيا. وجاءت العودة عقب اندلاع احتجاجات السودان، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 بسبب الغلاء وسوء الأوضاع المعيشية.
وكانت ابنته مريم من بين المعتقلين خلال المظاهرات. وبعد أن أجبر الجيش البشير على التنحي، دعا المهدي إلى الانتقال لحكم مدني.
وبدأت بالسودان في 21 أغسطس/آب 2019، مرحلة انتقالية تستمرّ 39 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات أواخر 2022، ويتقاسم السلطة حالياً الجيش وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير، قائد الاحتجاجات الشعبية.
وفي نهاية أغسطس/آب الماضي، قال الصادق المهدي إن السودان أمام 3 خيارات: “الفوضى، والانقلاب العسكري، والقفز إلى انتخابات مبكرة، في ظل تباين وتباعد مواقف قوى الحرية والتغيير، وإخفاقات حكومة عبد الله حمدوك”.
التطبيع والقائمة السوداء
وحتى أسابيعه الأخيرة، كان المهدي إمام طائفة الأنصار، إحدى أكبر الطوائف الدينية في البلاد، يمارس دوره السياسي والديني، وأعلن بشكل قاطع رفضه التطبيع بين إسرائيل والسودان.
ففي أكتوبر/تشرين الأول، اعتبر الصادق المهدي، أن التطبيع “يناقض المصلحة الوطنية العليا والموقف الشعبي”.
وأعلن وقتها انسحابه من المشاركة في مؤتمر لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالعاصمة الخرطوم، احتجاجاً على العلاقة مع إسرائيل.
كما أكد في تصريح آخر قبلها بأيام أن “مشروع التطبيع الحالي لا دخل له بالسلام، بل يمهد لحرب قادمة مع إيران ويخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو”.
ونهاية سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن الصادق المهدي، رفضه ربط مسألة رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، بالتطبيع”، قائلاً إن ذلك “ابتزاز مهين لكرامة الشعب السوداني”.
وكانت واشنطن أدرجت السودان على هذه القائمة عام 1993، لاستضافته آنذاك زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن.
حياته السياسية
تولى الصادق المهدي المولود في ديسمبر/كانون الأول 1935، إمامة طائفة الأنصار وقيادة الجبهة القومية المتحدة إثر وفاة والده الصديق المهدي عام 1961.
عمل موظفا بوزارة المالية في 1957، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1958 استقال من الوظيفة لأن انقلاب 17 نوفمبر كان بداية لعهد يرفضه.
انخرط في صفوف المعارضة، وبعد ذلك دخل المعترك السياسي الذي جعل همه لخدمة قضية الديمقراطية والتنمية والتأصيل الإسلامي في السودان.
تولى رئاسة الجبهة القومية المتحدة في الفترة 1961-1964، وانتُخب رئيساً لحزب الأمة في نوفمبر/تشرين الثاني 1964، كما انتُخب رئيساً لوزراء السودان في الفترة من 25 يوليو/تموز 1966 إلى مايو/أيار 1967.
ترأس الجبهة الوطنية في الفترة 1972-1977، وانتُخب رئيساً لحزب الأمة القومي مرة أخرى في مارس/آذار 1986. كما انتُخب رئيساً لوزراء السودان مرة ثانية في 1986 وحتى انقلاب 30 يونيو/حزيران 1989.
في عام 2014 وجّه انتقادات إلى السلطات السودانية، وتَعرَّض للاعتقال. وكان سُجن عدة مرات سابقاً في أعوام 1969 و1973 و1983 و1989.
وكان المهدي يرأس منذ مارس/آذار الماضي “قوى نداء السودان”، وهو تحالف للمعارضة يضمّ أحزاباً مدنية، وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني.
إسهاماته الفكرية
إلى جانب كتاب “الديمقراطية في السودان.. عائدة راجحة”، للصادق المهدي الحاصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد، مؤلَّفات عديدة ركز في كثير منها على الإسلام.
ومن ذلك “مستقبل الإسلام في السودان”، و”الإسلام والنظام العالمي الجديد”، و”العبادات للإمام المهدي”، و”الصحوة الإسلامية ومستقبل الدعوة”، و”الإسلام والتجربة السودانية”، و”المنظور الإسلامي للتنمية الاقتصادية”، و”النهج الإسلامي بين الاستقامة والتشويه”، و”المرأة وحقوقها في الإسلام”.
وسجّل الصادق المهدي آراءه ومشاركاته الفكرية في عدد ضخم من الكتابات لم يُحصَر بعد، منها “السودان إلى أين؟”، و”مسألة جنوب السودان”، و”جهاد في سبيل الديمقراطية”، و”جهاد في سبيل الاستقلال”، و”الإصلاح الزراعي”.
كما كثب عن “الثورة العربية المعاصرة”، و”قضايا العصرية والهوية”، و”الغزو الثقافي”، و”المشروع الحضاري الإسلامي العربي والمسألة الإسرائيلية”، وغيرها من المؤلفات.
وفي عام 2005 قال المكتب الخاص للصادق المهدي في أثناء إعداده كتيباً عن إسهاماته الفكرية: “العملية الكتابية لدى المهدي معقدة، وأوراق مكتبته تنمّ عن ذلك، فجمعها يُعَدّ مهمة شاقة، بل مستحيلة”.
وتابع: “كثير من تلك الكتابات لا يزال غير محصور لدينا، فبعض أجزاء مكتبته ما زال، بسبب الملاحقات الأمنية المتكررة وتفريق الأوراق والوثائق خشية مصادرتها، بعيداً عن متناول يدنا، بل في أماكن بعضها مجهول”.
المصدر: TRT عربي – وكالات