ترشيح نتنياهو وبن زايد لـ”نوبل”.. هل أصبحت الجائزة مغمسة بالدم؟
[ad_1]
يأتي هذا الترشيح المثير للجدل بعد اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل الذي وقع في سبتمبر/أيلول الماضي برعاية أمريكية.
وضع الحائز على جائزة نوبل للسلام دافيد تريمبل كلّاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في الكفة نفسها بعد ترشيحهما معاً لنيل الجائزة.
وقال نتنياهو عبر حسابه على تويتر: “اللورد ديفيد تريمبل الذي نال جائزة نوبل للسلام عام 1998 بفضل جهوده لإيجاد حل للصراع الذي دار في إيرلندا الشمالية رشحني وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد لنيل جائزة نوبل للسلام”.
ووفقاً لقواعد لجنة جائزة نوبل، فإن قرار اللورد ترشيح نتنياهو لنيل جائزة نوبل للسلام سيؤدي إلى بحث هذا الأمر من قبل اللجنة، كون تريمبل حاصلاً على الجائزة سابقاً.
ويأتي هذا الترشيح المثير للجدل بعد اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، الذي وقع في سبتمبر/أيلول الماضي برعاية أمريكية. وقالت صحف عبرية الثلاثاء إن نتنياهو سيجري الأسبوع المقبل “زيارة تاريخية” إلى أبو ظبي ولقاء بن زايد.
وعبَّر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم هذا الترشيح بسبب “جرائم وانتهاكات” كل من نتنياهو وبن زايد في المنطقة العربية، ووصفوا الجائزة بالمسيسة.
انتهاكات بالجملة
وفاقم تدخُّل ولي عهد أبو ظبي في حرب اليمن المستمرة للعام السادس بين القوات الموالية للحكومة والحوثيين، الأوضاع الإنسانية، إذ تشن الإمارات إلى جانب السعودية عمليات قصف تسببت في مقتل مدنيين.
وخلّفَت الحرب 112 ألف قتيل، بينهم 12 ألف مدني، وبات 80% من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع دنوّ البلد من المجاعة، وفق الأمم المتحدة.
كما تدخَّل بن زايد في ليبيا عبر دعم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس والقتال ضد الحكومة الشرعية. ونفَّذ أيضاً إلى جانب تحالف رباعي حصاراً على دولة قطر ودفع دولاً أخرى لمقاطعتها.
ولم تكتفِ الإمارات بذلك، بل تحدثت تقارير عربية وغربية عن إنشاء سجون سرية لتعذيب اليمنيين في عدد من المدن، في وقت تدعم أبو ظبي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال وتقسيم البلاد.
نتنياهو رجل الحرب
أما نتنياهو فقد شن حربين على قطاع غزة من أصل ثلاثة خلال حكمه، الأولى في عام 2012 وخلفت 162 ضحية فلسطينياً، وإصابة نحو 1300 آخرين، والثانية عام 2014، وتسببت في مقتل 2322 فلسطينياً، وجرح نحو 11 ألفاً آخرين، فضلاً عن عشرات المجازر بحق عائلات كاملة وتدمير مئات المباني، حسب إحصاءات فلسطينية.
وإلى جانب ترشيح نتنياهو، جرى منح جائزة عام 1994 لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين والرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز بعد التوصل إلى اتفاق أوسلو.
وأثار منح جائزة نوبل بكل أنواعها لمرتكبي جرائم وانتهاكات ردود فعل غاضبة ومنددة في السابق من قبل دول وهيئات حقوقية وإنسانية.
ومن ذلك منح جائزة نوبل للأداب لعام 2019 لكاتب نمساوي ينكر وقوع إبادة جماعية في مدينة سربرنيتسا البوسنية. ووقتها أعلن كل من تركيا وألبانيا وكوسوفو وكرواتيا مقاطعتها لحفل توزيع جوائز نوبل في العاصمة السويدية ستوكهولم، اعتراضاً على منح الجائزة للكاتب النمساوي بيتر هاندكه.
جائزة مسيسة
وبعد منح جائزة نوبل للآداب لعام 2019، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن نوبل “مؤسسة مسيّسة ومؤدلجة ولا قيمة لها بالنسبة إليّ”، مبيناً أن نوبل منحت جائزتها في الآداب “لشخص يقطُر قلمه دماً وكراهية ويعمل على إعلاء شأن قتلة مسلمي البوسنة”.
وفي 2012 مُنحت الجائزة للاتحاد الأوروبي، بدعوى ترسيخه لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والتضامن طيلة 60 عاماً، على الرغم من أنه من أكبر مصدِّري السلاح في العالم.
وبعد تسعة أشهر فقط من تولِّيه الرئاسة فاز الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالجائزة، وهو ما مثل مفاجأة صادمة في ظل انتقاد سياساته في كل من العراق وأفغانستان.
ومُنحت الجائزة في 1991 لـ”أونغ سان سو تشي”، حين كانت زعيمة للمعارضة في ميانمار. وبعد أن أصبحت مستشار الدولة في ميانمار منذ 2016 (رئيس وزراء)، تعرضت لانتقادات لصمتها على الإبادة الجماعية بحق أقلية الروهينغيا المسلمة في إقليم أراكان (غرب)، مع مطالبات بسحب الجائزة منها.
وفي 1973 مُنحت جائزة نوبل السلام للسياسي الأمريكي هنري كسنجر لدوره في إنهاء الحرب الفيتنامية عندما كان مستشاراً للرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون (1969-1974). وتسبب هذا الاختيار في موجة انتقادات واسعة في ظل اتهامات لكسنجر بالمساهمة في استمرار هذه الحرب.
وتبدأ الخلافات حول جائزة نوبل السلام من الخلاف على المؤسس نفسه، إذ إن مؤسسها هو ألفريد نوبل الكيميائي ورجل الأعمال السويدي الذي ابتكر الديناميت في عام 1867، وذهب بعد ثماني سنوات لتسجيل براءة اختراع أخرى لنوع جديد من المتفجرات، وفق ما يقول مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية.
وأضاف المركز في مقال حول الجائزة: “أصبحت ابتكارات نوبل تستخدم على نطاق واسع من قبل كل من الجيوش والإرهابيين، والأهم أنه كان يملك شركة الأسلحة Bofors بوفورس، التي لعبت دوراً رئيسياً في إعادة تشكيل منتجات الحديد والصلب إلى مصانع للمدافع والمواد الكيميائية التي تستخدم في الأسلحة”.
وقد اتجه نوبل إلى عمل جائزة للسلام بعد أن توفي أخوه “لودفيج” عام 1888، وأخطأت إحدى الصحف ونشرت نعياً تحت عنوان: “تاجر الموت قد مات”، فوهب ثروته لجوائز نوبل التي كانت ولا تزال من بين أثمن الجوائز في العالم، في اعتقاد أن هذا من شأنه أن يفعل شيئاً للتكفير عن المذابح الهائلة والدمار الذي تسببت به اختراعاته، وفق المركز.
في المقابل اتُّهم المحامي والقانوني فريدريك هافرميل رئيس لجنة نوبل للسلام بتسييس الجائزة والذهاب بعيداً عن روح وصية ألفرد نوبل.
وقال فريدريك الذي ألَّف عدة كتب قانونية حول وصية نوبل في تصريح له عام 2010، إن اللجنة ابتعدت كثيراً عن مسارها، وإنها خرقت القانون النرويجي ووصية نوبل بمنحها عدة شخصيات في السنوات الماضية، بخاصة عندما مُنحت لأوباما.
ورأى أن الجائزة بدأت تفقد قيمتها ورونقها، وأنها بدأت الفساد بعد انتهاء الحرب الباردة، “إذ أخذت طابع التسييس وفقدان الشفافية”، وتساءل مستغرباً: “كيف لنا أن نقتنع بأن الجائزة تخلو من مدلولات سياسية أو تخلو من التسييس والقائمون عليها سياسيون ولهم انتماءاتهم المعروفة؟”.
المصدر: TRT عربي – وكالات