الحرب في تيغراي.. هل ساهمت فيها المسيّرات الإماراتية؟
[ad_1]
لم يكن استخدام الإمارات المسيّرات لدعم حلفائها وحده ما دفع محللين إلى ترجيح احتمال مشاركة الإمارات بالصراع الجاري في إثيوبيا، إذ إن السنتين الأخيرتين شهدتا تعزيزاً للتعاون العسكري والدفاعي بين الطرفين، بعد توقيع مذكرة تفاهم عسكرية في 2019.
أثارت الاتهامات الموجهة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة
بالمشاركة في الصراع الدائر في إثيوبيا التساؤلات من جديد عن طبيعة الدور الذي قد
يكون لأبو ظبي في المشهد الدموي الحالي في بلاد الحبشة.
يأتي ذلك على خلفية ما شهدته السنوات الأخيرة من تصاعد ملحوظ لدور
الدولة الخليجية في رقعة الشطرنج الجيوسياسية في القرن الإفريقي عموماً، ولما يصفه
المراقبون بمحاولة مراكمة النفوذ السياسي في تلك المنطقة الحيوية من العالم.
مسيّرات إماراتية في إريتريا
شهد 15 من نوفمبر/تشرين الثاني اتهاماً مباشراً من جيتاشوا ردا
المستشار السياسي لحاكم إقليم تيغراي، للحكومة الإثيوبية باستخدام طائرات مسيّرة
إماراتية تنطلق من قاعدتها في عصب الإريترية لضرب دفاعات التيغراي، وعلى الرغم من أن ردا قام
بمسح التغريدة لاحقاً فقد فسر بعض المراقبين ذلك بأنها “رسالة وصلت”.
It’s been four days since @AbiyAhmedAli waged open war on Tigray. As part of his promise to kill innocent children in Tigray, he has been sending a warplane almost everyday. We have downed one 2day. Tigray didnt wage war, it is defending itself. We will pay him in his coins.
— Getachew K Reda (@reda_getachew) November 8, 2020
وأعلن قائد سلاح الجو الإثيوبي في مقابلة صحفية لاحقاً أن بلاده تستخدم طائرات
مسيّرة في المعارك لكنها تتبع للجيش الإثيوبي ويحركها ضباطه، ورغم أنه من الصعوبة
البالغة التحقق من كلام الطرفين فإنه من المثير للانتباه ما نُشِر حول وجود طائرات
مسيّرة إماراتية من طرازات مختلفة في قاعدة أبو ظبي العسكرية في إريتريا المجاورة
لإثيوبيا.
فقد أكد خبر منشور على
موقع Military Africa، استناداً إلى صور أقمار صناعية ملتقطة في أغسطس/آب 2018، وجود طائرة مسيّرة صينية من طراز Wing Loong 2 في القاعدة،
مضيفاً أن أبو ظبي اشترت عدداً غير معلوم من هذا الطراز من الشركة الصينية المصنعة
عام 2017، وأن مسؤولي القوات الجوية
الإريترية والإماراتية قاموا ببناء ملاجئ طائرات جديدة مقاس 26 × 21 متراً
في أوائل مارس/آذار 2018.
في حين ذكر موقع Bellingcat الاستقصائي المتخصص في نشر التحقيقات عن
مناطق الحروب، أن صور الأقمار الصناعية التي حصل عليها تشير إلى أن القاعدة المذكورة هي بالفعل موطن لمسيّرات تتفق مع نموذج Wing
Loong 2 الصينية، مضيفاً أن الإمارات اشترت هذا النوع من الطائرات عام
2017 لاستخدامها في حرب اليمن، كما ذكر الموقع أنه جرى رصد ما يرجح أنها طائرات
مسيرة من طراز Wing Loong1 عام 2015 في القاعدة نفسها.
واعتماداً على تحليل لموقع
ستراتفور الاستخباراتي الشهير فقد أضاف Bellingcat أن الصور والفيديوهات الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية تبين التوسع الكبير في البنية التحتية للقاعدة، والتوسع
في بناء حظائر للطائرات المسيرة فيها ليبلغ عددها ثلاث حظائر، وقد التُقطت صور لمسيّرات
بجانبها، كما التُقطت صور لصناديق يذكر الموقع أنها قد تكون دليلاً على الشحن وأنه
يجري استخدام صناديق مماثلة لمسيّرات MQ-9 Reaper المنتجة في الولايات المتحدة.
وأضاف Bellingcat أن تقارير
إعلامية أفادت بشراء إثيوبيا طائرات صينية من طراز CH-4، موضحاً أنه لم يُعثر حتى الآن على
تأكيد مفتوح المصدر قد يشير إلى وجود طائرات مسيّرة في قواعد معروفة للقوات الجوية
الإثيوبية.
وذكرت تقارير أن الإمارات
تستخدم طائراتها المسيّرة في حرب اليمن، كما أكد تقرير لمنظمة
العفو الدولية صدر مؤخراً أنها حصلت على
أدلة كثيرة على أن الإمارات استخدمت طائرات مسيرة مسلحة في ليبيا لاستهداف المنازل
المدنية والمرافق الصحية، بما في ذلك المستشفيات الميدانية وسيارات الإسعاف.
تعاون عسكري ودعم اقتصادي
لم يكن استخدام الإمارات طائراتها
المسيّرة لدعم حلفائها وحده ما دفع بعض المحللين إلى ترجيح احتمال المشاركة
الإماراتية في الصراع الجاري في إثيوبيا الآن، إذ يضيفون أن السنتين الأخيرتين
شهدتا تعزيزاً للتعاون العسكري والدفاعي بين الطرفين، حيث وقعت أبو ظبي وأديس أبابا مذكرة تفاهم عسكرية
في دبي نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
كما كشف مصدر دبلوماسي إفريقي
للقدس العربي عن دعم
سخي قدمته الإمارات لإثيوبيا مكنها مؤخراً من الحصول على منظومة (بانتسير اس
1) الروسية لحماية سد النهضة.
ووفقاً لتقرير منشور على موقع
فورين
بوليسي فقد أشار وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في 6 نوفمبر/تشرين الثاني إلى “تضامن”
الإمارات مع “الدول الصديقة في حربها ضد” الإرهاب، مشيراً إلى التحالف مع
رئيس الوزراء آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
وكان المتحدث الرسمي باسم
الحكومة الإثيوبية رضوان حسين قد وصف الجبهة المذكورة بـ”العصابات
الإرهابية”، متهماً إياها بنشر مراهقين لمحاربة الجيش.
كما شهدت مرحلة حكم آبي أحمد محاولة
من أبو ظبي لتحويل البلاد إلى منصة سياسية لنفوذها في القرن الإفريقي، فبعد رعاية
اتفاق السلام بين أديس أبابا وأسمرة انهمر دعم الإمارات التي التزمت
بتخصيص 3
مليارات دولار في الاستثمار والمساعدات مليار منها ستوضع في بنك إثيوبيا
الوطني، إلى جانب العديد من المشروعات الاستراتيجية كإنشاء خط أنابيب نفط يربط ميناء عصب الإريتري بإثيوبيا.
رأس المال السياسي الذي راكمته أبو ظبي من خلال الاستثمار
في حقبة آبي أحمد يدفع المراقبين إلى الذهاب نحو احتمالية دفاعها عن حكمه أمام ما
قد يعترضه من عقبات كما في نزاعه مع التيغراي الآن، مستشهدين بدعمها الذي مكن
إثيوبيا من الحصول على منظومة صواريخ متطورة لحماية سد النهضة من تهديدات القاهرة.
الإمارات تستفيد من إضعاف
إثيوبيا
يميل محللون إلى
استبعاد مشاركة الإمارات المباشرة في المعركة مستشهدين ببيانها الأخير الداعي إلى وضع
حد للصراع وإنهائه سلمياً، وأن انزلاق المعارك إلى أتون حرب أهلية سيهدد مصالح أبو
ظبي في القرن الإفريقي مع حالة السيولة التي سيغرق فيها، بالإضافة إلى أن امتداد
المعارك إلى إريتريا المجاورة قد يهدد قاعدتها العسكرية في عصب.
وفي المقابل فإن البروفيسور أليكس
دي وال أحد أهم المتخصصين في الشؤون الإفريقية وضع الإمارات ضمن قائمة
المستفيدين من الحرب الجارية، موضحاً أن إضعاف إثيوبيا يتناسب مع المخططات
الإماراتية لهندسة المنطقة.
ويرى مراقبون أن طول أمد الحرب سيضطر أديس أبابا إلى
الاعتماد على الدعم من قوى خارجية، قد تكون الإمارات من بينها، وسيزيد نفوذها تلقائياً بالمقابل في البلاد، وهو
سيناريو تكرر في التاريخ الإثيوبي وأثبت عجز الخزينة المحلية عن تحمل تكاليف
الحروب الممتدة.
فقد كانت الولايات المتحدة الداعم الأكبر للإمبراطور هيلا سلاسي
في مواجهة الثورة الإريترية، في حين كان الدرع الواقي لخليفته العقيد منغستو
هيلامريام أمام تقدم الثوار الإريتريين والإثيوبيين دعماً من الكتلة الشرقية في
مقدمتها الاتحاد السوفييتي الذي انهار بانهياره نظام منغستو في أديس أبابا.
المصدر: TRT عربي