خطبة الجمعة في تركيا بالعربي 27.11.2020
التَّارِيخُ: 27.11.2020
مِنْ جَمَالَاتِ الطَّاعَةِ، تَرْكُ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ مِنْهَا
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ رَبَّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قُمْتُ بِتِلَاوَتِهَا: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ”[1]
أَمَّا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَيَقُولُ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”[2]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ دِينَنَا الْإِسْلَامِيَّ الْجَمِيلَ يَأْمُرُنَا بِأَنْ نَنْشَغِلَ فِي كُلِّ مَرَاحِلِ حَيَاتِنَا بِالْأَعْمَالِ الْمُفِيدَةِ وَالطَّيِّبَةِ وَالْهَادِفَةِ. وَإِنَّهُ يُوصِينَا بِأَنْ نَقُولَ أَطْيَبَ الْكَلَامِ وَأَنْ نَمْتَثِلَ لِأَجْمَلِهِ وَأَحْسَنِهِ. كَمَا أَنَّهُ يَنْصَحُنَا بِأَنْ نَبْتَعِدَ عَنْ الْأَعْمَالِ وَالْأَشْغَالِ الْعَبَثِيَّةِ الَّتِي لَا تَعُودُ بِالْفَائِدَةِ عَلَى حَيَاتِنَا الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ، وَالَّتِي هِيَ مَدْعَاةٌ لِلْإِسْرَافِ فِي الْوَقْتِ وَالْجُهْدِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ الْقِيَمَ الَّتِي نَمْتَلِكُهَا وَالنِّعَمَ الَّتِي وَهَبَهَا لَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ هِيَ أَثْمَنُ مِنْ أَنْ تُسْتَهْلَكَ وَتُسْتَنْفَدَ فِي غَيْرِ مَكَانِهَا وَدُونَ غَايَةٍ. وَإِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ يَحْمِلُ هَذَا الشُّعُورَ يَنْأَى بِنَفْسِهِ وَيَبْتَعِدُ عَنْ الْأَعْمَالِ الْفَارِغَةِ الَّتِي لَا تَعُودُ بِالنَّفْعِ وَالْفَائِدَةِ لَا عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى مُحِيطِهِ كَذَلِكَ. وَإِنَّهُ لَا يُعْطِي اِعْتِبَاراً لِلْأَحَادِيثِ الْكَاذِبَةِ وَلِلْأَفْكَارِ الْفُضُولِيَّةِ. كَمَا أَنَّهُ يَسْتَخْدِمُ عَقْلَهُ وَقَلْبَهُ فِي طَرِيقِ الْخَيْرِ وَفِي الْأَعْمَالِ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّهُ وِفْقاً لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَإِنَّ أَحَدَ أَبْرَزِ الْأَوْصَافِ الْخَاصَّةِ بِالْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يَبْلُغُونَ النَّجَاةَ، يَتَمَثَّلُ فِي النَّأْيِ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا تَعْنِيهِمْ.[3]
لِذَا، فَلْنَجْتَهِدْ مِنْ أَجْلِ أَنْ نَكُونَ مُؤْمِنِينَ كَامِلِينَ بِأَقْوَالِنَا وَأَفْكَارِنَا وَضَمَائِرِنَا وَأَخْلَاقِنَا. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَنْسَى كَذَلِكَ بِأَنَّ إِيمَانَنَا سَيَزْدَادُ جَمَالاً وَسَتَكْتَسِبُ طَاعَتَنَا قِيمَةً وَقَدْراً عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَدْرِ اِبْتِعَادِنَا عَنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ مِنْهَا. وَيَا لَسَعَادَةِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرَى عُيُوبَ غَيْرِهِ لِانْشِغَالِهِ بِعُيُوبِهِ هُوَ!
[1] سُورَةُ الْقَصَصِ، الْآيَةُ: 55.
[2] سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، الزُّهْدُ، 11؛ الْمُوَطَّأُ، حُسْنُ الْخُلُقِ، 1.
[3] سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ، الْآيَةُ: 3.
المُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ