خطبة الجمعة في تركيا بالعربي 05.02.2021 – شَبَابُنَا: هُمْ أَعْظَمُ إِمْكَانَاتِنَا وَثَرَوَاتِنَا
شَبَابُنَا: هُمْ أَعْظَمُ إِمْكَانَاتِنَا وَثَرَوَاتِنَا
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ الشَّبَابَ، هُوَ بِمَثَابَةِ رَبِيعِ عُمُرِ الْإِنْسَانِ. وَهُوَ الْفَتْرَةُ الَّتِي تَتَرَعْرَعُ وَتَنْمُو فِيهَا الْآمَالُ وَالْأَفْكَارُ وَالَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْقُوَّةُ وَالْحَمَاسَةُ فِي ذُرْوَتِهَا وَأَوْجِهَا. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إِذَا مَا تَمَّ تَقْيِيمُ مَرْحَلَةِ الشَّبَابِ بِشَكْلٍ جَيِّدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ سَيُكْسِبُ الْمَرْءَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِذَا مَا كَانَ الْعَكْسُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْحَلَةَ سَتَتَحَوَّلُ إِلَى سَنَوَاتٍ لَا يَتِمُّ اِسْتِذْكَارُهَا إِلَّا بِالنَّدَامَةِ. وَقَدْ نَبَّهَ رَسُولُنَا الْكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ، “اِغْتَنِمْ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ” . كَمَا أَنَّهُ وِفْقاً لِبُشْرَى رَسُولِنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الشَّابَّ الَّذِي يَنْشَأُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ يُظِلُّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَصِيبِ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ.
أَخِي الشَّابُّ الْحَبِيبُ!
إِنَّكَ الْآنَ فِي خِضَمِّ أَثْمَنِ فَتْرَةٍ مِنْ فَتَرَاتِ حَيَاتِكَ. وَإِنَّكَ أَنْتَ أَمَلُ شَعْبِنَا الْعَزِيزِ وَأَمَلُ الْإِنْسَانِيَّةِ. وَذَلِكَ لِأَنَّكَ فِي خِضَمِّ الْفَتْرَةِ الْعُمْرِيَّةِ الَّتِي تَمَسَّكَ خِلَالَهَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكِفَاحِهِ التَّوْحِيدِيِّ، وَتَمَسَّكَ فِيهَا سَيِّدُنَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْاِمْتِثَالِ وَالتَّسْلِيمِ، وَتَمَسَّكَ خِلَالَهَا سَيِّدُنَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِشَرَفِهِ، وَتَحَلَّقَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِيهَا حَوْلَ إِخْلَاصِهِمْ، وَتَمَسَّكَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَالَهَا بِدَعْوَتِهِ الْحَقِّ. كَمَا أَنَّكَ فِي الْمَرْحَلَةِ الْعُمْرِيَّةِ الَّتِي نَقَشَتْ فِيهَا سَيِّدَتُنَا آسِيَةُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهَا، وَنَقَشَتْ خِلَالَهَا سَيِّدَتُنَا مَرْيَمُ الْأَخْلَاقَ بِفُؤَادِهَا، وَنَقَشَتْ فِيهَا سَيِّدَتُنَا خَدِيجَةُ الشَّجَاعَةَ بِدَاخِلِهَا، كَمَا نَقَشَتْ خِلَالَهَا سَيِّدَتُنَا عَائِشَةُ حُبَّ الْعِلْمِ فِي قَلْبِهَا.
أَخِي الشَّابُّ!
إِنَّكَ قَدْ فَتَحْتَ أَبْوَابَ الْأَنَاضُولَ أَمَامَ الْإِسْلَامِ فِي مَلَاذْ كُرْدْ عِنْدَمَا سِرْتَ فَوْقَ هَذَا التُّرَابِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي كُنْتَ تَسْتَمِدُّهَا مِنْ الْإِيمَانِ وَبِحُبِّكَ لِوَطَنِكَ. وَقَدْ نِلْتَ بُشْرَى الرَّسُولِ الْأَكْرَمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا قُمْتَ بِفَتْحِ اِسْطَنْبُولَ. كَمَا أَنَّكَ وَقَفْتَ فِي وَجْهِ سَبْعِ دُوَلٍ خِلَالَ حَرْبِ الْاِسْتِقْلَالِ بَعْدَ أَنْ جَعَلْتَ مِنْ جَنْقْ قَلْعَةْ مَكَاناً لَا يُمْكِنُ اِجْتِيَازُهُ. وَفِي الْخَامِسِ عَشَرَ مِنْ يُولْيُو كُنْتَ قَدْ فَرَّطْتَ بِرُوحِكَ وَنَفْسِكَ مِنْ أَجْلِ بَقَاءِ دَوْلَتِنَا وَسَلَامَةِ شَعْبِنَا وَلَمْ تَقُمْ بِتَسْلِيمِ وَطَنِكَ لِلْخَوَنَةِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ شَبَابَنَا هُمْ مُسْتَقْبَلُنَا وَهُمْ أَمَلُنَا. وَهُمْ أَعْظَمُ إِمْكَانٍ وَثَرْوَةٍ تَجْعَلُ مِنَّا أَقْوِيَاءَ. وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ شَبَابِنَا هُوَ قِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهَا بِالنِّسْبَةِ لَنَا؛ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْاِهْتِمَامَ وَالْخَيْرَ وَالدَّعْمَ وَالْمَحَبَّةَ. فَلْنَجْتَهِدْ مَعاً وَسَوِيَاً مِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْشَأَ هَؤُلَاءِ وَيَتَرَعْرَعُوا بِصِفَتِهِمْ أَفْرَاداً ذَوي فَائِدَةٍ لِلْإِنْسَانِيَّةِ، وَمُرْتَبِطِينَ بِقِيَمِهِمْ الْوَطَنِيَّةِ وَالرُّوحِيَّةِ، وَيَتَمَتَّعُونَ بِوَعْيٍ وَمِثَالِيَّةٍ.
وَإِنَّنِي أَوَدُّ أَنْ أُنْهِيَ خُطْبَتِي بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي تَتَحَدَّثُ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ مِمَّنْ أَظْهَرَهُمْ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَلَى أَنَّهُمْ أُنْمُوذَجٌ وَمِثَالٌ مِنْ خِلَالِ إِيْمَانِهِمْ وَوَقَفَاتِهِمْ الْفَاضِلَةِ، حَيْثُ يَقُولُ تَعَالَى، “إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى”
[1] الْحَاكِمُ، الْمُسْتَدْرَكُ، الْجُزْءُ الرَّابِعُ، 341.
[1] صَحِيحُ الْبُخَارِيّ، كِتَابُ الْأَذَانِ، 36.
[1] سُورَةُ الْكَهْفِ، الْآيَةُ: 13.
التَّارِيخُ: 05.02.2021