معركة ذات السلاسل والتحول التاريخي
تاريخ إسلامي
معركة ذات السلاسل والتحول التاريخي
أسباب المعركة
بعد أن انتهى الخليفة أبو بكر رضي الله عنه من القضاء على حركة الردة التي وقعت بأرض العرب
قرر أن يتفرغ للمهمة الأكبر وهى نشر الدين الإسلامي بعد أن مهد الجبهة الداخلية، وقضى على هذه الفتنة
وكان أبو بكر رضي الله عنه يفكر في الجبهة المقترحة لبداية الحملات الجهادية عملاً بقوله عز وجل
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [123] سورة التوبة
وكانت الدولة الإسلامية تقع بين فكي أقوى دولتين في العالم وقتها
دولة الفرس المجوسية من ناحية الشرق بأرض العراق وإيران، ودولة الروم الصليبية من ناحية الشمال بأرض الشام والجزيرة
وكان أبو بكر يفضل الجبهة الشامية على الجبهة العراقية، ولكنه فضل البدء بدولة الفرس لقوتها وشدة بأسها، وأيضاً لكفرها الأصلي
فهي أشد كفراً من دولة الروم الذين هم أهل كتاب، وأخيراً استقر رأى الخليفة على البدء بالجبهة العراقية.
بعد أن انتهى خالد بن الوليد رضي الله عنه والمسلمين معه من حربه على المرتدين من بني حنيفة أتباع مسيلمة الكذاب جائته الأوامر من الخليفة أبى بكر بالتوجه إلى الأراضي العراقية
مع عدم إكراه أحد من المسلمين على مواصلة السير معه إلى العراق، ومن أحب الرجوع بعد قتال المرتدين فليرجع
فانفض كثير من الجند، وعادوا إلى ديارهم، ليس خوفاً ولا فراراً من لقاء الفرس
ولكن تعباً وإرهاقاً من حرب الردة، فلم يبقى مع خالد سوى ألفين من المسلمين.
المعركة:
وضع الخليفة أبو بكر خطة عسكرية هجومية، حيث أمر قائده خالد بن الوليد أن يهجم على العراق من ناحية الجنوب
في نفس الوقت أمر قائداً آخر لا يقل خبرة عن خالد بن الوليد وهو عياض بن غنم الفهرى أن يهجم من ناحية الشمال، في شبه كماشة على العدو، ثم قال لهما:
«من وصل منكما أولاً إلى الحيرة واحتلها فهو الأمير على كل الجيوش بالعراق، فأوجد بذلك نوعاً من التنافس الشريف والمشروع بين القائدين، يكون الرابح فيه هو الإسلام.»
كانت أول مدينة قصدها خالد بن الوليد هي مدينة الأبلة، وكانت ذات أهمية استراتيجية كبيرة،
حيث أنها ميناء الفرس الوحيد على الخليج العربي، ومنها تأتى كل الإمدادات للحاميات الفارسية المنتشرة بالعراق
وكانت هذه المدينة تحت قيادة أمير فارسي كبير الرتبة اسمه هرمز، وقد اشتق من اسمه اسم المضيق القائم حالياً عند الخليج العربي
وكان رجلاً شريراً متكبراً، شديد البغض للإسلام والمسلمين، وللجنس العربي بأسره
وكان العرب بالعراق يكرهونه بشدة، ويضربون به الأمثال فيقولون: “أكفر من هرمز، اخبث من هرمز؟
فلما وصل خالد بالجيوش الإسلامية هناك، وكان تعداد هذه الجيوش قد بلغ ثمانية عشر ألفاً بعد أن طلب الإمدادات من الخليفة
أرسل برسالة للقائد هرمز تبين حقيقة الجهاد الإسلامي، وفيها أصدق وصف لجند الإسلام
حيث جاء في الرسالة: “أما بعد فأسلم تسلم، أو اعتقد لنفسك ولقومك الذمة، وأقرر بالجزية، وإلا فلا تلومن إلا نفسك، فلقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة”.
وبعد تشاورات ومحاولات فاشلة لتدي هرمز للمسلمين اقترح على فادته أن يربطوا الأحصنة بالسلاسل ولكن قادته رفضوا
سلاسل الموت
وبعد تشاورات ومحاولات فاشلة لتصدي هرمز للمسلمين اقترح على فادته أن يربطوا الأحصنة بالسلاسل ولكن قادته رفضوا
كان هرمز رجلاً متكبراً أهوجاً، لا يستمع إلا لصوت نفسه فقط، حيث رفض الاستماع لنصائح قواده، وأصر على أن يربط الجنود ‘الفرس’ أنفسهم بالسلاسل، حتى لا يفروا من أرض المعركة، كناية عن القتال حتى الموت، لذلك فقد سميت المعركة بذات السلاسل.
كان أول وقود المعركة وكما هو معتاد وقتها أيام الحروب أن يخرج القواد للمبارزة
وكان أول الوقود عندما خرج القائد الفارسي هرمز لمبارزة القائد المسلم خالد بن الوليد، وكان هرمز كما أسلفنا شديد الكفر والخيانة، فاتفق مع مجموعة من فرسانه على أن يهجموا على خالد ويفتكوا به أثناء المبارزة
وبالفعل خرج المسلم للقاء الكافر، وبدأت المبارزة، ولم يعهد أو يعلم عن خالد بن الوليد أنه هزم قط في مبارزة طوال حياته قبل الإسلام وبعده
وقبل أن تقوم مجموعة الغدر بجريمتهم الشريرة فطن أحد أبطال المسلمين الكبار لذلك
وهو البطل المغوار القعقاع بن عمرو، صنو خالد في البطولة والشجاعة، فخرج من بين الصفوف مسرعاً
وانقض كالأسد الضاري على مجموعة الغدر فقضى عليهم جميعاً، وفي نفس الوقت أجهز خالد بن الوليد على الخائن هرمز وذبحه كالنعاج
وكان لذلك الأمر وقعاً شديداً في نفوس الفرس، حيث انفرط عقدهم، وانحل نظامهم لمقتل قائدهم، وولوا الأدبار، وركب المسلمون أكتافهم،
وغرق الكثير في نهر الفرات، ومات المربطون بالسلاسل عن بكرة أبيهم، وكانت هزيمة مدوية على قوى الكفر وعباد النار، وفر باقي الجيش لا يلوى على شي
مراجع : موقع معرفة