الثورة المالية القادمة.. هل اقتربت نهاية سيطرة البنوك والحكومات على الاقتصاد العالمي؟
النقد هو العُملات المعدنية والورقية، هذا ما قد يخطر على بالك، لكن ما يهمنا هو المعنى الأكثر تجريدا؛ النقد هو المال الذي تدين به الحكومة لك.
قديما، كان هذا دَيْنا حقيقيا على الدولة، ولا تزال صيغة الدَّيْن هذه موجودة على عُملات بعض الدول مثل بريطانيا. في عصرنا الحالي، هذا الضمان النظري لحقك تحوَّل إلى ضمانة مجردة، تكفل لحامل العُملة حق استخدامها في عمليات البيع والشراء.
على النسق ذاته، تُشير الأرقام في حسابك البنكي إلى ما يدين البنك به لك.يلعب المال عادة ثلاثة أدوار رئيسية في الاقتصاد: أولها أنه مخزن للقيمة، بما يعني أن المال يسمح لك بتأجيل الاستهلاك حتى تاريخ لاحق.
وثانيها أنه وحدة حساب، مما يعني أنها تسمح لك بتعيين قيمة لسلع مختلفة دون الحاجة إلى مقارنتها، لذا بدلا من القول إن ساعة رولكس تساوي ستة أبقار،
يمكنك فقط أن تقول إنها (أو الأبقار) تُكلِّف 10000 دولار. وأخيرا، هو وسيلة سهلة وفعالة لك وللآخرين لتبادل السلع والخدمات مع بعضكم بعضا.
ومن أجل منع التضخم في النظام النقدي، كان لا بد في البداية من معيار يحكم كمية النقد الذي يمكن لأي دولة أن تصدره تفاديا للتضخم وفقدان الثقة في العملة، وكان هذا المعيار هو الذهب،
بمعنى أن أي كمية من العملة تصدرها الدولة ينبغي أن تمتلك غطاء موازيا لها من الذهب في البنوك المركزية، من أجل تفادي انهيار النظام النقدي.
لذا، نعم، لم يكن المعيار الذهبي مثاليا لهذه الحكومات، لكنه على الأقل جعلها تحت المراقبة. (2) لكن على جانب آخر، أدَّى التقيد الصارم بالمعيار الذهبي في النهاية إلى تحجيم المعاملات الاقتصادية وانكماش الاقتصاد.
لذا، كانت قابلية الالتزام بمعيار الذهب قضية مُلِحَّة بالنسبة إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت خلال فترة الكساد الكبير، بعدما حدَّت من المعروض النقدي. في النهاية،
أصدر روزفلت أمرا تنفيذيا جعل امتلاك الذهب أمرا غير قانوني وطالب الجميع بتحويله إلى دولارات أميركية، وقد نجحت هذه الخطوة في زيادة الميزانية العمومية بأكثر من 70%.
ومع ذلك، ظلَّت الدول واثقة جدا في مزايا المعيار الذهبي لدرجة أنه في عام 1944، حين وقَّعت 44 دولة على اتفاقية بريتون وودز التي قيَّمت جميع العملات الوطنية مقابل الدولار الأميركي وجعلت الدولار العملة الاحتياطية السائدة،
فقد ظل الدولار نفسه قابلا للتحويل إلى ذهب بسعر ثابت قدره 35 دولارا للأونصة، لذلك يمكنك التفكير في الأمر على أنه معيار ذهبي جديد، ولكن بشكل غير مباشر. على أي حال، كان نظام بريتون وودز يعمل بشكل لائق حتى عام 1971
وفي ذلك الوقت ارتكب ريتشارد نيكسون أول مخالفة له استوجبت عزله، بعدما وضع الأساس لنظام النقود الورقية الذي نعرفه اليوم. وكان النظام الجديد عبارة عن لعبة ورق تعتمد على الثقة المدعومة باللا شيء، حرفيا لا مجازا