ما السر وراء معرفة الحيوانات الأليفة طريق عودتها إلى المنزل؟.. إليك السبب العلمي المذهل!..
كثيراً ما تخرج الحيوانات الاليفة من المنازل وتبتعد لمسافات هائلة وتعود من تلقاء نفسها إلى المنزل وقد نسأل أنفسنا كيف تعود ومن دلها على طريق العودة.
في الأرياف نلاحظ أن رعاة الغنم تترك قطيعها يعود إلى المنزل مع حماره وكلب الرعي خاصته دون ان يدخل فب طرق فرعية أو يتوه في عنوان المنزل.
والاعجب من هذا اعتمدت بعض جماعات التهريب على وضع البضاعة المهربة على بغال تحفظ طريق التهريب وتقوم بالمهمة على اكمل وجه دون أن تخطئ وإذا انتبهت الجهات المختصة لعملية التهريب ينجو المربون بكل سهولة.
من المؤسف أننا لا نستطيع أن نسأل أحد الكلاب عن أقصر السبل المؤدية للمنزل عندما نضل طريقنا والحال نفسه يمكن أن يطبق على العديد من الحيوانات الأخرى أيضاً كالقطة أو الطيور البحرية أو السلحفاة أو الخنفساء،
فلو كان بالإمكان سؤال تلك الحيوانات حول كيفية الوصول إلى أي مكان تقريباً، لوُجِد هناك احتمال كبير لأن تعرف أكثر مما كنا نعتقد.
لطالما كانت المِلاحة عند الحيوانات (Animal navigation) أشبه بالصندوق الأسود بالنسبة للعلماء، فاللغز يكمن باستطاعة تلك الكائنات غير البشريّة إيجاد طريقها الذي يمتد غالباً على مسافات طويلة ومن مكان لآخر دون الحاجة لمساعدة الخرائط أو اللغة أو أنظمة تحديد المواقع.
فمؤخراً قام أحد الكلاب بالمشي مسافة 11 ميلا عائداً إلى مالكه السابق. الغريب في الأمر هو أنّ الكلب كان قد نُقِل مسبقاً بالسيارة إلى منزل مالكه الجديد،
مما يعني أنّه لم تكن لديه فرصة سابقة لحفظ الطريق مشياً. والأكثر اذهالاً هي قصة القطة القادرة على تحديد المواقع الجغرافية، والتي وجدت طريقها إلى المنزل بعد رحلة استغرقت شهران ومسافة 200 ميل.
كيف تقوم الحيوانات بهذا العمل المدهش والدقيق أثناء تنقلها؟
إن ذلك النوع من الخريطة الطبيعية التي تتبعها الحيوانات يعتمد بشكل أساسي على أنواعها، ونقلاً عن صحيفة تايم ”يُعتقد بأن الطيور البحرية تحدد اتجاهاتها بالاعتماد على الشمس والنجوم،
حيث لوحظ بأنّ حوادث ضياع الحيوانات تميل للحدوث في الأوقات التي تكون فيها السماء غائمة ومظلمة. الشّيء ذاته يمكن أن يطبق على خنفساء الروث أيضاً.“
وفي حين أنّ علماء الطبيعة لم يقوموا بدراسة وتتبّع الأنواع بشكل عميق في البريّة، فقد قاموا بدراستها في القبب الفلكية (غرف يتوسطها جهاز يعرض النجوم والكواكب والشمس ويظهر محاكاة لما تظهر عليه السماء الحقيقية)، ففي تجربة على الخنفساء،
لاحظ العلماء بأنها استمرت بالحركة طالما كانت مجرة درب التبانة المعروضة في مجال رؤيتها، ولكن مع تبديل وتغيير مواقع النجوم، سيطرت عليها الحيرة بالكامل.
العديد من الحيوانات الأخرى تعتمد على مبدأ المغناطيسية في تنقلاتها حيث تقوم بتوجيه نفسها وفقاً للخطوط الجنوبية الشمالية للحقول المغناطيسية المتواجدة على كوكب الأرض. ففي دراسة حول صغير سلحفاة البحر،
اتضح بأن تغيير اتجاه المنشئ المغناطيسي حول بركة السباحة قد غير من اتجاه سباحة السلاحف الفاقسة حديثاً، بعد أن اعتادت في الحالة العادية أن تهاجر شرقاً بعد الخروج من البيضة.
اعتُقِد في السابق بأن الحمام يعتمد أيضاً على مبدأ المغناطيسية، وذلك لامتلاكه خلايا في منقاره تحتوي على كميات كبيرة من الحديد، ولكنّ الدراسات اللّاحقة وجدت أن هذه الخلايا مرتبطة بالجهاز المناعي وليس لها علاقة بالنظام المِلاحي لتلك الطيور.
أمّا بالنسبة للثدييات وخصوصاً النوعان المفضّلان لدى الإنسان (الكلاب والقطط) فهي تمتلك طرائق عديدة للتنقل. فمن المعروف أن الكلاب تعتمد على الروائح التي من الممكن ان تقودها لمسافات بعيدة جداً. ”في الواقع إن مسافة 11 ميلا ليست كبيرة بشكل فظيع بالنسبة للكلب“ تقول البروفيسورة Bonnie Beave في جامعة تكساس،
وتضيف: ”عندما يخرج الكلب من بيته ويعود إليه، فهو يكون قد استعان برائحته الخاصة لمعرفة الطريق، ولكن في الحالة المذكورة بدايةً يستعين الكلب برائحة مألوفة أخرى وقادرة على جذبه مثلما تستطيع رائحته الخاصة، كتلك التي يمتلكها صاحبه، وهذا النوع من الملاحة يعمل على مسافات كبيرة جداً طالما كانت الرياح مناسبة.“
تقوم الكلاب بتوسيع مجال شمها عبر التنقل في مجال الحلقات المتداخلة من الروائح المألوفة — بطريقة تشبه لحد ما تغطية الهواتف المحمولة التي تعتمد على تعقب الموجات المترابطة لأبراج التغطية المختلفة ،
فالكلب الذي يخرج مبتعداً عن مجاله الخاص والمباشر قد يلتقط رائحة كلب قريب آخر تحتوي على رائحة شخص أو شجرة أو حاوية مألوفة ومعروفة مسبقاً لديه، لتساعده بالتالي في العودة إلى مجاله الخاص.
أما بالنسبة للقطط فهي كغيرها من الحيوانات، تعتمد بشكل أكبر على الحقول المغناطيسيّة، وهي خاصيّة تظهر بشكل واضح عند الثدييات.
تقول Beaver: ”حيث أكدت العديد من دراسات باحتواء أذن الثّدييات على الحديد مما يساعدها في التوجه وفقاً للمسار المغناطيسي في الأرض، وهناك تجارب تُظهر بأن الماشية والغزلان وفئران الحقل تميل للسير وفقاً للاتجاه الجنوبي/الشمالي.“
يذكر بأن درجة الحرارة العامة للحيوان — أو بشكل أوسع للنوع — قد تلعب دوراً هاماً في عملية الملاحة.
الكلب الذي يسافر مسافة كبيرة للعودة إلى منزله، يحاول غالباً العودة إلى صاحبه بحكم وجود رابطة عاطفية قوية بين الكلب والإنسان، بينما تقوم القطة بنفس الشيء — نعتذر لمحبّي القطط — فقط لتعود لمنطقتها المألوفة لا أكثر.
بغض النظر عن جودة الملاحة عند الحيوانات، يحذر العلماء من تحريف الحقائق والانحياز في أخذ الملاحظات التي قد تجعل الحيوانات تبدو أفضل ممّا هي عليه.
فالكلاب والقطط التي وجدت طريقها خلال عبورها للمدينة يصل صيتها إلى نشرات الأخبار، أما العدد الغير محصى من الحيوانات الضائعة فلا يتم ذكرها أبداً (في إشارة لعدم امتلاك الأنواع لأنظمة الملاحة ذاتها).
وأيضا قد تكون الحيوانات التي تعود إلى أصحابها ليست ذاتها خاصتهم، ما لم يكن هناك طريقة مؤكدة لتحديد هوية الحيوان، كالرقاقة الموجودة في الطوق والتي يضعها بعض المالكين لحيواناتهم. وتعلق Bonnie Beaver: ”قد نسمع تلك القصص الخرافية عن القطة السوداء ذات الثلاثة أرجل،
والتي استطاعت العودة إلى المنزل وقفزت إلى كرسيها المفضل، لكنه من الصعب أن نكون متأكدين من صحة تلك القصص فقد مر وقت طويل عليها وأصبحت بالية.“
ولكن على الرغم من ذلك يجب علينا أن لا نرفض كل القصص التى تروى عن مغامرات الحيوانات، فالقطة التي قطعت مسافة 200 ميل أثناء عودتها للمنزل في عام 2013 كانت مجهزّة برقاقة تعريفية، وبالتالي هناك على الأقل قطة جديرة بتقديرنا لرحلتها الطويلة، ومن المؤكد أنه يوجد الكثير غيرها.