close
أخبار تركيا

تركيا والقارة الإفريقية.. حضور ذكي وتعاون مشترَك

[ad_1]

تاريخياً لتركيا حضور بارز في إفريقيا التي تُعَدّ امتداداً للشرق الأوسط وذلك نابع من سيطرة الخلافة العثمانية على دول الشمال إضافة إلى دول القرن الإفريقي، فقد كانت مصر وليبيا وتونس والجزائر وإريتريا والصومال والسودان تابعة لها في فترة ما بين 1536و1912.

منذ عام 1998 بدأت تركيا توجيه بوصلة جهودها وأنشطتها نحو القارة السمراء تحت اسم “السياسة الإفريقية” بهدف دعم الروابط الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية التركية مع الدول الإفريقية، على اعتبار أن إفريقيا تشكّل عمقاً استراتيجياً قوياً لتركيا كدولة محورية ومركزية في المنطقة.

والمتأمل للدور التركي المحوري والمنفتح في المنطقة، يرى أن المصالح التركية-الإفريقية تعمقت منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002، تمثلت في عقد عدد من القمم التركية-الإفريقية وتبادل الزيارات وغيرها من أشكال التعاون الاقتصادي والسياسي المتبادل الذي منح تركيا عمقاً استراتيجياً كبيراً في إفريقيا التى تضم ما يقارب 54 دولة يزيد عدد سكانها على مليار نسمة.

تعاون مشترك

وتاريخياً لتركيا حضور بارز في إفريقيا التي تُعَدّ امتداداً للشرق الأوسط، وذلك نابع من سيطرة الخلافة العثمانية على دول الشمال، بالإضافة إلى دول القرن الإفريقي، فقد كانت كل من مصر وليبيا وتونس والجزائر وإريتريا والصومال والسودان تابعة لها في الفترة ما بين 1536م و1912م.

كما أعلنت الدولة التركية عام 2005 “عام إفريقيا” ليكون بداية للتوجه التركي الاقتصادي نحو القارة، إلى جانب ذلك زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العام نفسه إثيوبيا وجنوب إفريقيا، كما منحت تركيا في أبريل/نيسان من العام ذاته رتبة “مراقب” في الاتحاد الإفريقي.

وفي مارس/آذار عام 2008، عقدت تركيا في إسطنبول قمة التعاون التركي-الإفريقي، وهي الأولى من نوعها، بحضور ممثلين عن 50 دولة إفريقية، لتمثل نقطة انطلاق التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف المجالات.

ولم يتوقف الاهتمام التركي بالقارة السمراء عند هذا الحد، بل شهد عام 2010 استضافة إسطنبول لمؤتمر بشأن الصومال بهدف دعم عملية السلام التي تجري في جيبوتي آنذاك، كما أقدمت تركيا على فتح العديد من السفارات لها في كل من مالي ومدغشقر وأوغندا والنيجر وتشاد وتنزانيا وموزمبيق وغينيا وبوركينا فاسو وغانا والكاميرون وكوت ديفوار وغيرها من مناطق القارة.

من جهته أكد المحلل السياسي هاني البسوس في حديثه لـTRT عربي، أن الحضور التركي في إفريقيا قائم على دعم الشعوب الإسلامية في تلك القارة وعلى إقامة علاقات استثمارية مع دول إفريقيا، بخاصة أنها غنية بالموارد الطبيعية.

وأوضح البسوس أن توجهات السياسة الخارجية التركية في إفريقيا قائمة على أساس تحقيق الاستقرار والأمن والأمان لكلا الجانبين من خلال علاقات استثمارية وتجارية ودعم الحالة الإنسانية.

كما أشار في الوقت ذاته إلى أن الانفتاح بينهما نابع من تطوُّر الصناعات التركية وحاجتها إلى الحصول على الموارد الطبيعية من القارة السمراء، إلى جانب تحقيق المصالح المشتركة من خلال تعزيز المواقف السياسية على الساحة الدولية.

ولفت المحلل السياسي إلى أن المصالح المشتركة كبيرة بين تركيا ودول القارة السمراء بخاصة، لا سيما وأن هذه الدول تحتاج إلى التخلص من الهيمنة الأمريكية والأوروبية المقيتة التي تستغل خيرات إفريقيا، قائلاً: “تركيا صادقة في علاقاتها القائمة على تحقيق المصالح المشتركة لكلا الجانبين”.

قفزات هائلة

في سياق مختلف يرى المتابع للدور التركي في إفريقيا أنها من أكبر الدول المستثمرة في القارة السمراء على مختلف الأصعدة، إذ تُعتبر في نظر المستثمرين وكبار رجال الأعمال الأتراك “العالم الجديد وأرض الفرص”، مما دفع هذا التوجه إلى إحداث قفزات هائلة في زيادة حجم التجارة والعلاقات المتبادلة بينهما.

فحجم الاستثمارات التركية المباشرة في إفريقيا وصل وفقاً لتقديرات عام 2015، إلى نحو 6 مليارات دولار، منها 2.5 مليار في إثيوبيا، و500 مليون دولار في جنوب إفريقيا، و160 مليون دولار في السودان، و60 مليون دولار في نيجيريا.

وليس ذلك فحسب، بل استطاعت تركيا أيضا تسيير خطوطها الجوية في رحلات مباشرة إلى كل من أديس أبابا والخرطوم ولاجوس وجوهانسبرغ ونيروبي وأوغندا وتنزانيا.

وشهدت السنوات الماضية وتحديداً عام 2016 جولة للرئيس التركي أردوغان إلى شرق إفريقيا شملت إثيوبيا وجيبوتي والصومال، وذلك بهدف توسيع النفوذ والشراكة التركية-الإفريقية من أجل تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية المتبادلة.

ولا شك أن ما تقدمه تركيا من مساعدات في شتى المجالات يشكل دوراً مهمّاً في دعم علاقاتها السياسية مع الدول الإفريقية، ففي عام 2011 بلغ وفقاً لوزارة الخارجية التركية عدد سفاراتها في إفريقيا 40 سفارة، إضافة إلى 4 قنصليات عامة.

كما افتتحت الوكالة التركية للتنسيق والتعاون “تيكا” مكاتب جديدة في ليبيا والصومال وكينيا لتنضم إلى فروع الوكالة في إثيوبيا والسودان والسنغال، إذ تقدّم هذه الوكالة خدمات لـ37 دولة في مجال التعليم والزراعة والصحة.

انفتاح مدروس

من جهته أوضح المختص بالشأن الإفريقي أسامة الأشقر في حديثه لـTRT عربي، أن الاهتمام التركي بإفريقيا يعد حديثاً نسبياً بالنظر إلى اهتمام دول مركزية أخرى كإيران، قائلا: “هذا الاهتمام نشط بعد دخول أردوغان وفريقه على هذا الخط مع مطلع الألفية الثانية”.

وتابع الأشقر بأنه “بعد سنوات بدأت تركيا تتعرف إلى إفريقيا وتقدم الرؤى الأنسب للدخول إلى هذه القارة وبدء سباق المنافسة فيها بنعومة وقوة مزدوجة”، مضيفاً: “المدخل العثماني كان واحداً من المداخل الأساسية لإعادة الحضور التركي في المناطق التي كانت على علاقة مباشرة بالدولة العثمانية سواء بالتبعية أو الإيجابية”.

وتابع المختص حديثه قائلاً: “كان واضحاً أن تركيا تنفتح على محيطها الاستراتيجي وتتجاوز توصيف الدولة المنغلقة الطرفية، أو أنها تكتفي بحماية نفسها والامتداد نحو البلقان ووسط آسيا والدول المحيطة بها”، موضحا أن تركيا حاولت تقليد النموذج الصيني في الدخول إلى إفريقيا بجعلها سوقاً لتصريف منتجاتها وتوريد الخامات الإفريقية الزراعية والمعدنية والطبيعية إليها.

كما أوضح أنها تجنبت النموذج الإيراني المعتمِد على تلازم العلاقة بين دعم بعض الدول عسكرياً وإمدادها بالجانب الإنساني والتنموي المرتبط بترويج المعتقدات الإيرانية.

ولكن تركيا حسب قوله طورت أسلوبها بين التمركز والحضور الاستراتيجي، متجاوزة في الوقت نفسه النموذجين الصيني والإيراني، مشيرًا إلى أنها طورت رؤيتها الاستراتيجية باتجاه التأثير في الشأن الإفريقي بتحويلها إلى لاعب أساسي في إفريقيا، بما ينعكس معه هذا الدور على حوض البحر المتوسط المتصل مباشرة بإفريقيا من الجنوب.

ويواصل المختص الأشقر حديثه بقوله: “صيغة التمركز الاستراتيجي لتركيا جاءت مع دول تعاني فراغاً سياسياً طويلاً وأزمة خانقة، وعانت الإهمال الاستراتيجي المقصود كالصومال وليبيا”، متابعاً: “أما غرب إفريقيا ففي مجال الحضور الاستراتيجي أكثر من كونه في مجال التمركز”.

وتحاول تركيا وفقاً للمختص “تقوية هذه الدول الإفريقية من خلال الدفع نحو استقلالها واستغنائها عن الدول المركزية التي تسيطر عليها”.

وفي هذا الإطار حسب الأشقر، كانت أدوات التواصل الاستراتيجي التركية تنشط في القارة السمراء عبر منظومة الطيران والمؤتمرات المشتركة ومكاتب الاتصال التجارية والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي، إلى جانب زيادة عدد المنظمات التركية ذات الطابع الخيري والتنموي والثقافي والمنظمات العاملة في مجال التدخل الإغاثي العاجل والمنظمات التجارية التركية المستقلة.

استطاعت تركيا لعب أدوار هامة ومميزة جداً في القارة السمراء لاعتبارات مهمة يرتبط بعضها بتأمين العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التركية الضخمة في القارة، فيما يرتبط البعض الآخر بالاستراتيجية الدبلوماسية التركية المتّبَعة في المنطقة، بما يجعلها دولة محورية ومركزية في العالم.

المصدر: TRT عربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى