خوفا من كورونا.. نازحو الشمال السوري يفضلون منازلهم المدمرة على المخيمات
نازحو الشمال السوري
خوفا من كورونا.. نازحو الشمال السوري يفضلون منازلهم المدمرة على المخيمات
بعد ثلاثة أشهر قاسية قضاها عبد الحميد بكور في مخيمات الشمال السوري قرب الحدود مع تركيا، حسم الرجل أمره بالعودة إلى منزله المدمر في ريف حلب الشمالي، هربا من الاكتظاظ الهائل في المخيم، وخشية تعريض أسرته لعدوى الإصابة بوباء كورونا، بعد أن شاهد حملات التعقيم التي نفذتها فرق الدفاع المدني.
ومع الهدوء النسبي في ريفي حلب وإدلب، وتراجع حدة القصف إثر توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي، اختار بكور (32 عاما) الجلوس في منزله مع قلة من السكان ممن لم يتحملوا شظف العيش في الخيام، مدفوعين بأمل صمود الاتفاق إلى أمد بعيد.
يقول بكور للجزيرة نت إن مخيمات دير حسان في ريف إدلب تفتقر إلى أساسيات العيش لا سيما الماء الصالح للشرب والكهرباء، وتقيم في الكثير من الخيام أسرتان أو ثلاث نتيجة نزوح الآلاف على وقع هجوم النظام الأخير على مناطق سيطرة المعارضة في حلب وإدلب.
استحالة العزل في المخيمات
ويضيف أن الدافع الأكبر لعودته هو الخوف من مرض كورونا الذي يتفشى في جميع دول العالم، مشيرا إلى استحالة العزل الاجتماعي في المخيم الخالي من شبكة للصرف الصحي.
ويشير بكور أيضا إلى أن ما دفعه لمغادرة المخيم سريعا إلى بلدته الأتارب المدمرة هو الازدحام على صهاريج الماء ضمن طوابير طويلة، وتجمعات الأطفال وكبار السن.
ويرى بكور أن العزلة في منزله مع عدد قليل من الأهالي في البلدة هي الخيار الأفضل، رغم الدمار وغياب مظاهر الحياة، والخشية من عودة القصف في أي لحظة، قائلا إن عودته إلى بيته بمثابة “أحلى الأمرين مرّ”.
ورغم إعلان وزارة الصحة في حكومة المعارضة السورية عن خلو الشمال السوري من الإصابات بكورونا حتى هذه اللحظات، وقيامها بإجراءات احترازية عدة وفحص العشرات من المشتبه فيهم، فإن التحذيرات على لسان المنظمات الأممية من حدوث كارثة إنسانية في حال تفشي الوباء بالمخيمات أثارت المخاوف لدى الأهالي.
تحديات العودة
وبحسب فريق “منسقو الاستجابة” في سوريا، فقد عاد 109 آلاف نازح إلى منازلهم خلال الأسابيع القليلة الفائتة من أصل نحو مليون فروا من قراهم ومنازلهم في شمالي سوريا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019 على وقع الحملات العسكرية للنظام السوري وحليفته روسيا.
ويواجه العائدون إلى منازلهم في ريفي حلب وإدلب بمناطق المعارضة صعوبات عدة، أبرزها مخاطر القصف، وإعادة إعمار منازلهم المدمرة في ظل غلاء مواد البناء، وتأمين الماء والكهرباء، إضافة إلى تحصيل القوت اليومي مع حلول شهر رمضان.
عمر حاج حسين أحد العائدين حديثا إلى بلدته في ريف حلب، يؤكد أن المسافة بين نقاط قوات النظام السوري ومنزله لا تتجاوز 2 كلم فقط، مشيرا إلى أنه يمكن مشاهدة عناصر النظام بالعين المجردة، وهو ما يشكل هاجسا له وللعائدين من إمكانية أن تخرق قوات النظام الهدنة وتقوم بالهجوم أو القصف في أي لحظة.
ويصف حاج حسين للجزيرة نت مشاهد الدمار في البلدة بأنها مروعة، في وقت تجتهد فيه فرق الدفاع المدني في نقل أنقاض المنازل وفتح الطرق وإزالة بقايا الذخائر والقذائف غير المنفجرة التي تشكل خطرا كبيرا على المدنيين، وفق قوله.
ويشير حاج حسين إلى أن الكهرباء غير متوفرة على الإطلاق في معظم المنازل جراء تعرض الشبكة للقصف ودمار المولدات، علاوة على غلاء أسعار المواد الغذائية وعدم توافرها نتيجة انقطاع الطرق وإغلاق المعابر على وقع انتشار وباء كورونا بمناطق سيطرة النظام السوري.
وتبدو حياة النازحين في الشمال السوري غاية في الصعوبة، حيث يعانون بين ثالوث النزوح من جهة، والعيش في البيوت المدمرة والتعرض للقصف مجددا من جهة ثانية، والخوف من أن يداهمهم فيروس كورونا وسط غياب لأي من مقومات الحياة من جهة ثالثة.
المصدر : الجزيرة