رجل سوري يتحدى الإعاقة لكسب لقمة العيش.. هذه قصته
منذ طفولته عانى عبد الله الدربي من إعاقة دائمة تمثلت بشلل في يده ورجله، إثر إصـ.ـابته بطلـ.ـقة نـ.ـارية طائشة من قبل أحد أقربائه، لازمته حتى أصبح عمره حالياً (45 عاماً).
ينحدر عبد الله الدربي من ريف إدلب الجنوبي، كان يملك محلاً لبيع المواد الغذائية يُعيل به أطفاله الثمانية، حيث استمر بمهنته أعواما كثيرة برأس مال بسيط يكاد يكفيه لجلب قوت يومه؛ إلا أنه بعد اندلاع الثورة وتعرض الحي الذي يقطن فيه للقـ.ـصف دعـ.ـاه إلى إغلاق محله وبقائه دون عمل أو مدخول يعيل به أطفاله.
هذا الأمر لم يمنعه من السعي لكسب الرزق حيث بعد عمل آلاف المدنيين في بيع المحـ.ـروقات في الشمال السوري؛ لجأ عبد الله الدربي مع ابنه لافتتاح محل لبيع الديزل والبنزين والغاز في بلدته؛ حيث يبيع المحروقات على كرسيه المتحرك للزبائن؛ وقد أصبح يكسب قوت يومه من خلال البيع وذلك بسبب بيعه للمواد بأسعار مقبولة ناهيك عن إقبال الناس على الشراء من دكانه لمساعدته على تحمل أعباء المعيشة وعدم الحاجة لأحد.
تعرض منزله الصغير في الحي الشرقي لبلدة حاس لقصف بغارة روسية أدت لتهدم المنزل وإصـ.ـابة عائلته وتعـ.ـرض ابنته الصغيرة لجـ.ـروح بالغة جعلتها طريحة الفراش لأشهر طويلة؛ حيث أن ثمن معالجتها كان سببا في ضيق وضعه الاقتصادي أكثر من السابق.
قصف منزله
يقول عبد الله الدربي لأورينت نت بعد عودتي للمنزل ظهرا كانت هناك طائرة حـ.ـربية روسية تحلق في الأجواء وتقـ.ـصف المناطق المجاورة؛ بعد عدة دقائق لم أعد أرى سوى الظلام والدخان؛ هنا علمت بأن الطائرة قـ.ـصفت المنزل وأصبحنا تحت الأنقاض؛ بدأت أنادي لزوجتي والأطفال ولكن دون رد؛ حيث كان هناك جدار كامل فوق جسدي ولا أستطيع تحريكه”.
ويضيف “بعد عدة دقائق أتت فرق الدفاع المدني لتسفعنا؛ كان المنزل مدمر بالكامل؛ تم انتشال عائلتي دون أضرار بالغة ما عدا ابنتي الصغيرة تم تحـ.ـويلها برفقتي للمشفى؛ لإجراء عمليات عاجلة لنا؛ حيث تم إجراء عمليات جـ.ـراحية لي بقدمي ويدي وتضميد رضوض بالرأس بقيت على إثرها بالمشفى لثلاثة أشهر”.
وحول استمرار العمل يشير الدربي “خلال فترة وجودي بالمشفى كان ولدي وأحد أصدقائي يدير المحل ويصرف على العائلة؛ بعد انتقالهم لمنزل آخر بعد تهدم منزلنا؛ حيث عدت للعمل على نفس الكرسي بعد شفائي من الإصـ.ـابات وعدت للبيع في محل المحروقات لجلب لقمة العيش”.
اضطر عبد الله إلى إرسال أبنائه الاثنين وبناته الأربع للعيش داخل مخيمات النزوح في منطقة سرمدا بريف إدلب الشمالي، خـ.ـوفاً على حياتهم تزامناً مع استمرار القصف وسيطرة ميليـ.ـشيا أسد على بلدته.
وبعد انتقالهم للمخيم يوضح الدربي” نقلت أثاثات المحل وعدة المحروقات للمخيم؛ وقمت ببناء محل صغير داخل المخيم وعدت للعمل من جديد بالرغم من تناقص رأس المال؛ حيث أقوم بشكل يومي بشراء كميات قليلة من المازوت والبنزين على الدراجة النـ.ـارية؛ ومن ثم أقوم ببيعها للزبائن وبعد بيعها كاملة أعود لشراء كميات أخرى؛ حيث أستطيع تأمين قسم من حاجيات المنزل رغم غلاء أسعار المعيشة.
من جهته يقول أيهم الشيخ وهو أحد جيران عبد الله الدربي لأورينت نت”: “هو مضطر للعمل في وضعه الحالي لحاجته لمصاريف المعيشة الكبيرة حيث لا يمكنه الاعتماد على المساعدات الإنسانية شهرياً؛ حيث أن طفله محمد البالغ (15عاماً) يساعده في العمل داخل المحل عقب رجـ.ـوعه من المدرسة”.
ويضيف” يقوم بتوجيه ابنه لتعبئة الديزل والبنزين للسيارات والدراجات النـ.ـارية؛ فيما يستلم هو الحساب من الزبائن. ويجتمع العديد من الشبان وأهالي المنطقة للجلوس لتسليته وتناول الشاي والمتة، حيث يُقدمون له المساعدة من أجل الخروج من حالته النفسية، ويفضلونه عن غيره”.
وحول رأيه بالعمل الذي يقوم به عبد الله الدربي يشير” هو رجل مكافح يرفض الاعتماد على مساعدة الناس والشـ.ـكوى من إعاقته حيث يعمل ليلا ونهارا وكأنه ذو جسم صحيح؛ حيث منذ دخوله للمخيم سعى إلى طلب الرزق رغم قلة المدخول الذي يحصل عليه من البيع؛ ولكن وجود الناس بجانبه يساعده على تجاوز صعوبة المعيشة والحصول على الرزق الحلال”.
ويجمع ابنه محمد ما بين جلب حاجيات المنزل والذهاب إلى مدرسته والبيع في المحل التجاري؛ وخصوصا أن الولد الكبير عند والده الذي يلبي طلباته حيث تعلم على قيادة الدراجة النارية لتوصيل والده إلى زيارة أصدقائه وجلب المحروقات للمحل والذهاب للمدرسة للحصول على التعليم رغم الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها المهجرون في المخيمات الحدودية.
يقول عبد الله المحمد وهو مسؤول إغاثي في المنطقة لأورينت نت:” الواجب على المنظمات الإنسانية دعم مثل هذه الحالات من خلال توسيع مشاريعهم ليتمكنوا من تقوية مصلحتهم من أجل كسب معيشتهم وذلك من خلال تسليمهم مبالغ مالية عبر قطاع المشاريع الصغيرة؛ حيث أن هذا الأمر يساعدهم على الاستغناء عن انتظار السلال الشهرية الغذائية والمساعدات الإنسانية”.
ويضيف” هناك عشرات الحالات مثل عبد الله يرفضون الاعتماد على المساعدات رغم إعاقتهم فهم بحاجة للدعم ليستمروا في نجاحهم بالاعتماد على أنفسهم ويكونوا مصدر إلهام لآلاف المعاقين والشبان الآخرين في فتح مصالحهم؛ وعدم الاعتماد على الإغاثة ليعيلوا عائلاتهم الفقيرة.
المصدر: تلفزيون أورينت