معـ.ـركة موهـ.ـاكس يوم ابـ.ـاد العثمـ.ـانيون جيـ.ـوش اوربا وقتـ.ـلو ملـ.ـكها
من هو سليمان القانوني؟
هو عاشر ملوك الدولة العثمانية. وأوسع ملوكها عزًا ومجدًا، ويمثل عهده قمة بهاء دولتهم . وكان من عادته إرسال الخطابات إلى كافة الولاة وأشراف مكة والمدينة بخطابات مفعمة بالنصائح والآيات القرآنية المبينة، وذكر فضل العدل والقسط في الأحكام، و وخامة عاقبة الظلم . وكان يستهل خطاباته بالآية الشريفة :
[ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ] .
أسباب معركة موهاكس
عندما تولى السلطان سليمان القانوني مقاليد الخلافة رفـ.ـض ملك المجر دفـ.ـع الجـ.ـزية التي كان يدفعها للخليفة سليم الأول ظنا منه أنه أمام خليفة شاب لا يملك قوة أبيه و لم يقف الأمر عند هذا الحد فقام ملك المجر بقتل رسول الخليفة، عندها جهز السلطان سليمان جيشا كبير خرج على رأسه من إسطنبول في (11 رجب 932هـ/23 إبريل 1526م) كان مُؤَلَّفًا من نحو مائة ألـ.ـف جـ.ـندي، وثلاثـ.ـمائة مدفع وثمانـ.ـمائة سفـ.ـينة .
وقد أدى النصر العثماني إلى تقسـ.ـيم المجر لعدة قرون بين الدولة العثمانية وملكية هابسبورغ وإمارة ترانسلفانيا. كما أدى مصرع لويس الثاني أثناء هربه من المعركة إلى انقضاء أسرة ياغيلون الملكية واستـ.ـيلاء آل هابسبورغ على ادعاءاتها بالتـ.ـزوج من شقيقة الملك المقـ.ـتول.
ومن أبرز أسبابها وأحداثها أن السلطان التركي العثماني سليمان القانوني (1520 – 1566) كان قد استـ.ـولى على بلجراد (مفتاح المجر) عام 1521، ولم يُكمل فتح بلاد المجر في حينها لأنه رأى أولـ.ـوية الاستـ.ـيلاء على جزيرة رودس والقـ.ـضاء على فرسـ.ـان القـ.ـديس يوحنا، حماة الكيان الصليبي في بلاد المشرق.
وتم له ذلك عام 929هـ ، 1522، فعاد إلى المجر يقود جيشًـ.ـا بلغ عدده مائة ألف جـ.ـندي، ودكّ في طريقه المدن والقلاع إلى أن وصل إلى معـ.ـسكر الجـ.ـيش المجـ.ـري في سهل موهاكس. وفي 28 أغسطس 1526، حدث اشتـ.ـباك مـ.ـروِّع، مُنيت فيه القـ.ـوات المجرية بهزيمة ساحقة، وقُتـ.ـل الملـ.ـك المجـ.ـري لويـ.ـس الثـ.ـاني وعـ.ـدد كبـ.ـير من النبلاء.
وبلغ عدد القتـ.ـلى المجـ.ـريين عشـ.ـرين ألفًا من المشـ.ـاة وأربعة آلاف فارس، وأسر أربعة آلاف جـ.ـندي. وتعتبر هذه الموقعة من حيث النتائج أهم معـ.ـارك القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي في تاريخ أوروبا الحديث. فقد تقدم سليمان القانوني واستـ.ـولى في إثرها على عاصمة المجر في العاشر من سبتمبر عام 1526.
وكان من نتائج هذه المعركة أيضًا أن استـ.ـولى العثمانيون على كل المنطقة الممتدة بين عاصمتهم إلى أسوار فيينا ، وانهار الحاجز المجري الذي كان يقف في وجه العثمانيين للوصول إلى النمسا وألمانيا.
ظهرت قـ.ـوة إسبانيا كأعظم ما تكون في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني؛ فهي تملك أقـ.ـوى الجيوش الأوربية وأكثرها كفاءة وقدرة على القـ.ـتال، وأصبحت ماردًا يهـ.ـدد الدولة العثمانية في البحر المتوسط حيث تهـ.ـدد بلاد المغرب العربي، وفي وسط أوروبا حيث امتد نفوذها إلى ألمانيا بعد أن دخلت تحت تاج ملكها “شارل الخامس” الذي زاد من نفوذه زواج أخواته من ملوك البرتغال وفرنسا والدانمارك والنرويج والسويد والمجر؛ ولذلك أطـ.ـلق على هذه الفترة من القرن السادس عشر الميلادي عهد شارل الخامس.
ولم يبق من ملوك أوربا خارج سيطرته وقبضته سوى إنجلترا، وفرنسا التي عزم ملكها على منازلة خصمه الإمبراطور شارل الخامس مهما كلفه الأمر، لكنه لم يقو على الصمود فخسر معه معركته، وسيق ذلـ.ـيلاً إلى مدريد حيث سجن في أحد قصورها، غير أن أم الملك الأسير “لويز سافوا” أرسلت إلى السلطان سليمان القانوني ترجوه تخليص ابنها من الأسر، فوجد السلطان في ذلك فرصة للانقـ.ـضاض على شارل الخامس بعد أن صار معه حلـ.ـيف من الغرب الأوروبي، وامتلك مسـ.ـوغًا للتحرك باسم الملف الفرنسي بصورة شرعية.
وكان ذلك أملاً يراود نفس السلطان لإعادة إسبانيا إلى سابق عهدها دولاً متفرقة لا دولة واحدة تهدد دولته، وكان السلطان قد عهد إلى خير الدين باربروسا بمهمة منـ.ـازلة إسبانيا في البحر المتوسط ودفع خطـ.ـرها فكفاه ذلك، وترك لنفسه مهمة منـ.ـازلة إسبانيا في وسط أوروبا، وكان ينتظر الفرصـ.ـة المناسـ.ـبة للقيـ.ـام بدوره، وما كادت تستنجد به أم الملك الفرنسي حتى استعد لتحقيق ما كان يصبو إليه.
ولما أفرج شارل الخامس عن الملك الفرنسي بعد شروط صعبة أجـ.ـبره على قبولها في معاهدة مدريد في (29 ربيع الأول 932هـ = 14 يناير 1526م)، عمد الملك الفرنسي إلى تقوية روابطه مع السلطان العثماني، وألح في طلب العون والمساعدة؛ لأن قـ.ـواتـ.ـه العـ.ـسكرية لم تكن كافية لمجابهة الملك الإسباني الذي انفتحت جبهته لملاقاة خصـ.ـوم أشـ.ـداء، فكان عليه أن يواجه سليمان القانوني، وخير الدين باربروسا، وفرانسوا الأول ملك فرنسا، ومارتن لوثر الذي تفاقمت دعوته وازداد أتباعه، وانتشر مذهبه البروتستانتي، وتمزقت بسببه الوحدة الكاثوليكية، وعجز الملك الإسباني عن القضـ.ـاء على دعوته بعد أن دانت أقطار كثيرة بمذهبه، وانفصلت عن نفوذ البابا في روما.
وهكذا تهيأت الظروف للسلطان العثماني للقيام بضربـ.ـته وتقلـ.ـيص نفوذ الملك الإسباني في المجر، وكانت إسبانيا أكبر كثيرًا مما هي عليه الآن؛ إذ كانت تتكون من اتحاد المجر وتشـ.ـيكوسـ.ـلوفاكـ.ـيا السابقة، بالإضافة إلى الأقطار الشمالية ليوغسلافيا، مثل: سلوفنيا، وترانسلفانيا التي هي الآن جزء من رومانيا.
سار السلطان سليمان من إستانبول في (11 رجب 932هـ= 23 إبريل 1526م) على رأس جيـ.ـشه، الذي كان مؤلفًا من نحو مائة ألف جندي، وثلاثمائة مدفع وثمانمائة سفينة، حتى بلغ “بلجراد”، ثم تمكن من عبور نهر الطونة بسهولة ويسر بفضل الجسور الكبيرة التي تم تشيـ.ـيدها، وبعد أن افتتح الجيش العثماني عدة قلاع حربية على نهر الطونة وصل إلى “وادي موهـ.ـاكس” بعد 128 يومًا من خروج الحملة، قاطعًا 1000 كيلو من السير، وهذا الوادي يقع الآن جنوبي بلاد المجر على مسافة 185 كم شمال غربي بلغراد، و170 كم جنوبي بودابست. وكان في انتظاره الجيش المجري البالـ.ـغ نحو مائتي ألف جندي، من بينهم 38000 من الوحدات المساعدة التي جاءت من ألمانيا، ويقود هذه الجموع الجرارة الملك “لايوش الثاني”.
وفي صباح يوم اللقاء الموافق (21 ذي القعدة 932هـ/29 أغسطس 1526م) دخل السلطان سليمان بين صفوف الجند بعد صلاة الفجر، وخطب فيهم خطبة حماسية بليغة، وحثهم على الصبر والثبات، ثم دخل بين صفوف فيـ.ـلق الصاعقة وألـ.ـقى فيهم كلمة حماسـ.ـية استنهضت الهمم، وشحذت العزائم، وكان مما قاله لهم: “إن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم تنظر إليكم”؛ فلم يتمالك الجند دموعـ.ـهم التي انهمرت تأثـ.ـرًا مما قاله السلطان.
وفي وقت العصر هجم المجريون على الجيش العثماني الذي اصطف على ثلاثة صفوف، وكان السلطان ومعه مدافعه الجبارة، وجنوده من الإنكشاريين في الصف الثالث، فلما هجـ.ـم فرسان المجر وكانوا مشهورين بالبسالة والإقدام أمر السلطان صفوفه الأولى بالتقهقر حتى يندفع المجريون إلى الداخل، حتى إذا وصلوا قريبًا من المدافع، أمر السلطان بإطلاق نيرانها عليهم فحصدتهم حصدًا، واستمرت الحـ.ـرب ساعة ونصف الساعة في نهايـ.ـتها أصبح الجيش المجري في ذمة التاريخ، بعد أن غـ.ـرق معظم جنوده في مستنـ.ـقعات وادي موهاكس، ومعهم الملك لايوش الثاني وسبعة من الأسـ.ـاقفة، وجمـ.ـيع القادة الكبار، ووقع في الأسر خمسة وعشرون ألفًا، في حين كانت خسـ.ـائر العثمانيين مائة وخمسين شهيدًا، وبضـ.ـعة آلاف من الجـ.ـرحى.
انت معـ.ـركة موهـ.ـاكس من المعـ.ـارك النادرة في التاريخ، حيث هُزم أحد أطرافها على هذا النحو من مصادمَة واحدة وفي وقت قليل لا يتجاوز ساعتين، وترتب عليها ضياع استـ.ـقلال المجر بعد ضياع جيشها على هذه الصورة في هزيـ.ـمة مـ.ـروعـ.ـة، وبعد اللقاء بيومين في (23 ذي القعدة 932هـ= 31 أغسطس 1526م) قام الجيش العثماني بعمل استـ.ـعراض أمام السلطان سليمان، وقام بأداء التحية له وتهنـ.ـئته، وقام القادة بدءًا من الصدر الأعظم بتقـ.ـبيل يد السلطان.
ثم تحرك الجيش نحو الشمال بمحاذاة ساحل الطونة الغربي حتى بلـ.ـغ بودابـ.ـست عاصمة المجر، فدخلها في (3 ذي الحجة 932هـ= 10 سبتمبر 1526م)، وشاءت الأقدار أن يستـ.ـقبل في هذه المدينة تهـ.ـاني عيد الأضـ.ـحى في سراي الملك، وكان قد احتفل بعيد الفطر في بلجراد في أثناء حملـ.ـته الظافرة.
مكث السلطان في المدينة ثلاثة عشر يومًا ينـ.ـظم شـ.ـئونها، وعين “جان زابولي” أمير ترانسلفانيا ملكًا على المجر التي أصبحت تابعة للدولة العثمانية، وعاد السلطان إلى عاصمة بلاده بعد أن دخلت المجر للدولة العثمانية وتقلص نفوذ الملك الإسباني.
المصدر: المعرفة