أدوية مفقودة ومستشفيات عامة تطلب ثمنها..اليك أسباب أزمة الدواء في تركيا ومدى صحتها
أدت الزيادة بسعر الصرف في الأشهر الأخيرة إلى صعوبة توفير المواد الطبية للمستشفيات العامة في تركيا، لدرجة أن بعض المستشفيات العامة بدأت بتحصيل أموال من المرضى مقابل الأدوية.
ونبّه رئيس الغرفة الطبية في بورصة، ألب اسلان تركان، في حديث إلى مجلة “محالف” التركية، في 31 من كانون الأول 2021، إلى أن النقص في الإمدادات الطبية بالمستشفيات العامة آخذ في الازدياد، موضحًا أنه “في المستشفيات العامة، بدأ توجيه المرضى إلى المستشفيات الخاصة بعد زيادة المواد الطبية المفقودة، كما نعلم أن إدارة بعض المستشفيات العامة تختار الحصول على المواد الطبية بواسطة أخذ المال من المرضى من أجل الدفع مقدمًا لشراء العلاج”.
وأفاد الأمين العام للجمعية الطبية التركية، الدكتور فيدات بولوت، في تصريح لصحيفة “إندبندنت التركية“، في 8 من كانون الأول 2021، بأن المشكلة ستُحل إذا تم تحديث أسعار المواد الطبية وفقًا لسعر صرف الدولار في أقرب وقت ممكن، وأن النظام الصحي سينهار إذا انخفض استيراد المنتجات الطبية.
وأوضح الأمين العام لغرفة اسطنبول الطبية، عثمان كوكوسمان أوغلو، في تصريح للصحيفة ذاتها، في 8 من كانون الأول 2021، أن السعر الذي حددته مؤسسة الضمان الاجتماعي للمستلزمات الطبية “غير كافٍ”، وأن نقص الإمدادات الطبية بدأ في المستشفيات الجامعية وانتشر إلى المستشفيات العامة، وأن الشركات توقفت عن إعطاء المواد الطبية ودخول المناقصات الشرائية لأنها لم تتمكّن من الحصول على أموالها.
لكن وزير الصحة التركي، فخر الدين كوجا، كذّب الأنباء بشأن نقص الأدوية، واصفًا بأنها “لا تعكس الواقع”، متهمًا شركات الأدوية بمحاولة بيع منتجاتها بأسعار مرتفعة، وذلك في تصريحات خلال مفاوضات موازنة عام 2022، في 11 من كانون الأول 2021.
تواصلت عنب بلدي مع الصيدلاني حسين بادنجكي، وهو صاحب صيدلية في تركيا، وحدد عدة أسباب وقفت خلف أزمة الدواء، أهمها ارتفاع سعر صرف الدولار المفاجئ، الذي أدى إلى جعل سعر المواد الأولية المستوردة أكبر من تكلفة إنتاج الدواء.
وأسهمت أزمة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، والحظر المفروض في تركيا لمدة سنتين، بعدم استهلاك وانتهاء صلاحية بعض أنواع أدوية نزلات البرد، ما أدى إلى تخفيض إنتاجها من قبل شركات الأدوية، وبدأت آثار التخفيض تتضح بعد فك الحظر وبدء الطلب على هذه الأدوية، بحسب ما قاله بادنجكي.
وتشهد هذه الفترة من السنة فقدان بعض أصناف الأدوية، لتخزينها من أصحاب مستودعات الأدوية حتى صدور السعر الجديد في شهر شباط وارتفاع أرباحهم، حسب قول الصيدلاني.
وبالرغم من توفر بدائل لمعظم الأدوية المفقودة، فإن هناك بعض الأدوية دون بديل مثل دواء السلس البولي عند الأطفال، حتى وجود البديل لا يضمن الفعالية ذاتها، وفق بادنجكي.
وأضاف أن أصحاب التأمين الصحي يعانون من عدم توفر الدواء المطلوب في النظام الدوائي المعمول به، فيضطرون إلى دفع ثمن الدواء البديل غير المشمول بالتأمين.
وتسبب ارتفاع سعر الصرف بأزمة إضافية في قطاع مستلزمات الأطفال، بحسب بادنجكي، أهمها حليب الأطفال المرتبط بسعر الدولار، ما أدى إلى فقدان بعض الأنواع وغلاء الآخر بنسب عالية.
ويكمن حل الأزمة برفع أسعار الأدوية في شهر شباط، وبدء شركات الأدوية بالإنتاج على السعر الجديد، كما قال بادنجكي.
وفقدت الليرة التركية أكثر من نصف قيمتها منذ بداية عام 2021 أمام الدولار، إذ تراجعت بشكل سريع منذ إعلان الرئيس، رجب طيب أردوغان، في تشرين الثاني من العام نفسه “حرب الاستقلال الاقتصادي”، وتخفيض أسعار الفائدة بانتظام.
وعلى الرغم من تحسّن سعر صرف الليرة التركية في أواخر كانون الأول 2021، لم تشهد بعض القطاعات تحسنًا ملحوظًا، ومنها قطاع الأدوية.