معاهدة تاريخية بين روسيا والصين..موسكو تأمن حليفتها لحـ.ـرب اوكرانيا و الغرب يرتعب من الاتفاقات الحاصلة بينهما بعد ان تضمنت هذا الامر
رغم عدم الإعلان عن بنود الاتفاق رسمياً، إلا أن مصادر إعلامية غربية موثوقة كشفت عن توقيع روسيا والصين معاهدة جديدة “ستغير وجه العالم”.
مجلة نيويوركر الأمريكية قالت “إن الرئيس الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، وقعا اتفاقية “تتحدى النظام العسكري والسياسي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة باعتبارها قائدة للغرب”.
وقالت المعلقة في المجلة “روبن رايت”: إن الرئيسين الصيني والروسي أعلنا الأسبوع الماضي، عشية افتتاح الدورة الشتوية للألعاب الأوليمبية في بكين، عن عهد جديد في النظام العالمي، وأن تدشين هذا العهد بدأ ب”تأكيدهما على أحقية كل منهما في أوكرانيا وتايوان”.
وكانت رايت تشير إلى بيان نشر بعد لقاء الزعيمين، قالا فيه إنه “لا حدود للصداقة بين البلدين” وإن “كل مجالات التعاون بينهما مفتوحة” ما يعني، حسب الكاتبة، أن موسكو حسمت قرارها في تشكيل جبهة مع الصين لمواجهة الغرب.
ومنذ وصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض بداية العام ٢٠٢١، دأبت الإدارة الأمريكية على التأكيد على أن احتواء صعود القوة الصينية ومواجهة سعيها للتوسع ومنافسة الولايات المتحدة على زعامة العالم على رأس أولويات سياساتها الخارجية.
ومنذ ذلك الوقت عملت واشنطن على استقطاب روسيا بعيداً عن الصين، لكن تفجر ملفات خلافية بين الطرفين أسهم على ما يبدو في دفع موسكو أكثر باتجاه بكين، وصولاً إلى البيان الذي صدر عن رئيسي البلدين أخيراً واعتبر بمثابة معاهدة، أو تمهيداً لمعاهدة ستشكل متاعب كبيرة للولايات المتحدة إن تمت، حسب المراقبين.
التغيير حتمي..ولكن !
ويرى السياسي السوري بسام العمادي أن التحول إلى نظام عالمي جديد يبدو أنه “أمر حتمي” لكنه سيكون بطيئاً وعلى مراحل ما لم يحدث شيء فوق المتوقع، يسرع ذلك أو يقوضه.
ويقول في تعليق ل”أورينت نت” حول الحديث عن اتفاقية من هذا النوع بين روسيا والصين: استطاعت الولايات المتحدة فرض سيطرتها على العالم بأسره تقريباً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وكانت قد بدأت بذلك بعد الحرب العالمية الثانية، وساعدها اقتصادها القوي وقدراتها العسكرية والبشرية الكبيرة، لكن الوضع تغير الآن، فقد فقدت الولايات المتحدة تفردها بالقدرات التي جعلتها تخضع منافسيها.
ويضيف: بالمقابل تمكنت الصين من الصعود اقتصادياً بشكل سريع وحاسم، إذ أنه من المتوقع أن يتجاوز اقتصادها القوة الاقتصادية الأمريكية في بضع سنين، كذلك فإن القدرة العسكرية لديها تنامت بشدة، وبالرغم من عدم وصولها إلى مستوى القدرة الأمريكية، إلا أنها وصلت إلى حد يؤهلها لتكون منافساً عسكرياً لا يستهان به.
أما بخصوص روسيا، فيرى العمادي أن الأخيرة “وبعد أن ورثت عن الاتحاد السوفياتي هزيمته النكراء، استيقظت وفي فمها طعم المرارة، وعادت لتنتقم وتحاول استعادة دورها القديم، فركزت على التسلح بشكل كبير لتصل إلى مستويات تعطيها القدرة على منافسة القوة الأكبر، ليس في المجال النووي الذي يعني استخدامه فناء الطرفين، بل في المجال التقليدي المسموح بالمواجهة من خلاله، لكن اقتصادها لا يزال يعاني مما لا يسمح لها بالوصول إلى ما وصلت إليه الصين والولايات المتحدة من قدرة اقتصادية فائقة.
العمادي، وهو ديبلوماسي سابق، يرى أن ما يسرع من ولادة النظام العالمي الجديد “الذي لن يكون أفضل بسبب طبيعة القوتين الصاعدتين” هو تراجع قدرات الولايات المتحدة، ليس في الكمية أو الكيفية فقط، بل وتراجع الرغبة والدافع في القيام بالدور الذي كانت تقوم به سابقاً، والميل نحو الانطواء والتركيز على الاقتصاد الداخلي، وهذا التطور السلبي هو العامل الذي أعطى الآخرين القدرة على تحدي الولايات المتحدة كما نرى اليوم.
ووفق هذا التصور، يأتي اتفاق روسيا الأخير مع الصين كتعبير عن أنهما لا تحصلان على ما تستحقانه من نفوذ يتناسب وقدراتهما اللتان تقتربا أو ربما تفوق (كما يرى قادتهما) قدرات الآخرين، ذلك أن الامكانات الصينية والروسية تكملان بعضهما بعضاً عسكرياً واقتصادياً.
اتفاق مصلحي مؤقت!
الكشف عن الاتفاق يأتي كما هو معروف في وقت تصاعد فيه التوتر بين روسيا والغرب، بسبب الأزمة الأواكرانية ومطالب موسكو بسحب حلف الناتو أسلحته من دول أوربية محاذية لها، وعدم ضم دول أخرى من أوربا الشرقية إلى الحلف، وهو أمر لا توافق عليه الولايات المتحدة، الأمر الذي يطرح أسئلة حول ما إذا كان الاتفاق الصيني الروسي حاسماً أم مؤقتاً كما جرى في السابق.
وسبق للطرفين أن وقعا اتفاقاً مشابهاً عام ٢٠٠١ لكن لم يترجم عملياً بشكل فاعل، وخاصة من طرف الصين، كما أن تاريخ البلدين المليء بالتنافس والتوترات يدفع البعض للاعتقاد أن المعاهدة الأخيرة لن تكون أفضل من سابقاتها، ومنهم المحلل السياسي السوري باسل معراوي، الذي يرى أن روسيا والصين، إضافة إلى سجل من العداء حتى عندما كانا يحكمهما حزب شيوعي ايدلوجي واحد، تمتلكان مشروعان مختلفان ولايمكن التوفيق بينهما.
ويقول: مشروع الصين الاورو-آسيوي والذي عاصمته بكين، يضم روسيا وأوربا وصولاً للاطلسي، بالتوازي مع مشروعها الذي يشمل افريقيا عبر الشرق الأوسط وصولاً للاطلسي من الجهة الأخرى، بمعنى حصر الولايات المتحدة بقارتها وعزلها عن البحار بشكل يعيدها إلى ماقبل عام ١٩٠٠.
بينما الاتحاد الروسي مشروعه مختلف جذرياً، فهو مشروع امبراطوري بمصالح جيوبوليتكية، أي بدون أي بعد إقتصادي أو قيمي. مشروع هدفه تفكيك الاتحاد الأوربي واستبداله بالاتحاد الأورو-اسيوي، تكون موسكو مركزه ومحركه، ويمتد من كازاخستان الى المحيط الأطلسي، وهو نفس طريق الحرير الصيني، لذا لايمكن التلاقي بينهما.
ويضيف معراوي في حديث ل”أورينت نت”: روسيا لاعب طفيلي على النظام الدولي، لا تسعى لأكثر من الاعتراف بها من قبل الولايات المتحدة كقوة عظمى، تكون شريكة بالقرار الأمني العالمي ليس أكثر، أما مخاوفها من تمدد الناتو لحدودها الشرقية فهي مخاوف مشروعة، ومتى تم الاستجابة لها، ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، فلن تستمر في التحالف مع الصين ضد الغرب، لذلك يتمنى الصينيون تهور بوتين باقتحام اوكرانيا كي يكون مجبراً على الارتماء بأحضانهم وقطع أي طريق للعودة إلى الغرب الذي لم يعد يخفي أن الخطر الأكبر عليه هو القوة الصينية.
بينما يؤكد الكثيرون أن العالم مقبل على نظام دولي جديد يضع حداً لزمن القطب الواحد، وأن هذا الأمر حتمي، مرشحين الصين وروسيا لفرضه، يعتقد آخرون، وبناء على معطيات وتجارب، أنه لا يمكن للبلدين أن يعملا على هذا النحو ، بسبب مخاوف كل منهما من أطماع الآخر والتاريخ غير الودي الذي يجمعهما، الأمر الذي يجعل من المبكر الحزم فيما إذا كانت موسكو قد اختارت وبشكل نهائي الاصطفاف مع الصين ضد الولايات المتحدة والغرب.